اللبنانية سوزان عون تطلق ديوانها إن أمطرت
اللبنانية سوزان عون تطلق ديوانها إن أمطرت
أصدرت الشاعرة اللبنانية سوزان عون، أحدث دواوينها الذي يحمل عنوان ”إن أمطرت“ متضمنا نصوصا قصيرة تتسم بالصوفية وتحفيز المشاعر الوجدانية.
وللرمز حضور لافت في نصوص الديوان، ما أضفى على المعاني بعدا جماليا يستفز العقل ويدفع القارئ إلى مزيد من إعمال الفكر.
تقول الشاعرة في قصيدة ليل طويل: ”التواريخُ أكررها، كصلاةٍ في ليلٍ طويل الأمد، لأغلقَ بابَ الارتباك، ولأستمر، أنزل عن كاهل قلبي، ألف عام من الوصل.. ساقية الشوقِ تلتوي، كدربٍ شُقَّت بينَ قلبَيْن".
وقال الناقد العراقي عقيل هاشم عن أسلوب الشاعرة في مجموعتها: ”إنها لغة تتجاوز التقريري المباشر إلى اعتماد الكثافة الرمزية والإيحائية والصور البلاغية، لتصبح لغة تجمع بين الوظيفة البلاغية والوظيفة الإبلاغية“.
لمحات رومانسية
وللرومانسية حضور في بعض النصوص دون إفراط في ابتزاز القارئ عاطفيا، لتلامس الوجدان مع الحضور اللافت للعقل ومفرداته.
تقول في قصيدة ”لعلني“: ”وحدهُ يعانقُ خاطرتي وبتفرُّد، يمسِكُ بيدها خشية الابتعاد، أسيرُها وأميرُها، أقلِّبُ الأوراقَ قبلَهُ، فأجدهُ ينتظرني، أبتعدُ عن بابِهِ، باحترافٍ واحتراس، أغلقُ آخرَ عين، والموجُ المغادر حزين، الزبد متكسر على ذاكرة، ناطقة، يحلُمُ بأمنياتٍ تدورُ وتتعب، أحرِّرُ طيفكَ من بين يدي القصيدةِ، أنثُرُه للعالمِ عطورا ودروبا، أتسلَّلُ بينَ رسائلِكَ، لعلَّني أجدكَ وأجدني“.
الابتعاد عن التكلف
واختارت الشاعرة طرح أفكارها بلغة بسيطة قريبة من الواقع المحكي في سعي للهدوء والابتعاد عن التكلف والصنعة، مع تطعيم نصوصها بغنائية منحت الشكل مزيدا من الرشاقة والانسيابية، في مقاطع شعرية تلفظ المألوف وتشكل قفزة على المتداول الممجوج.
تقول في قصيدة ”بداية مجهولة“ في سرد هادئ لا يخلو رغم بساطته من تناص وثقل في المعاني: ”العالقون في الماضي (الحاضر)، الساكتون على مضض، المسافرون بين أحاديث وصور، المتعبون، الساهرون الحزانى، الممتلئون بالتناقضات والقهر، الراحلون مع كل حلم، يفتشون عن أرض جديدة، بوجوه أجمل وقلوب عامرة بالحب لهم وفيهم ومعهم، ما زلنا نمسك عصا الأمنيات، ونجري لمستقر لنا معهم في كل يوم وشهر“.
تنوع الأسلوب
وتنوع أسلوب الشاعرة في نصوصها، لننتقل من الشاعرية إلى السرد، ومن التركيز على الإيقاع إلى تضمين المضمون معاني فلسفية بتساؤلات وجودية عميقة.
تقول في قصيدة ”أوجاع طافية“: ”تلك التي تدوسُ ترابا بجذورٍ طافية، ممتدةٍ في غيرِ محلها، تسرقُ لحظات ليست لها، تأنسُ بضجيجٍ محلي، حولها ظلالٌ من وهم، تفتشُ عن موطئ قدم.. ستحِلُّ العتمةُ قريبا، وتمضي الروحُ مجددا لبدايةٍ مجهولة“.
الهم الجمعي
ويظهر في الديوان الهم القومي، من خلال الانتصار للقضية الفلسطينية، والتعاطف مع المظلومين، لنشهد نقلة في المعاني والتراكيب، ونتحول بقفزة متعبة من هدوء الوجداني إلى ثقل الوجع الجمعي ومرارة الواقع.
تقول في قصيدة ”فلسطين“: ”الجدرانُ حولي محايدة، لا بصيصَ لأي متنفس، الحزنُ بلغَ رشدَه، وجهي أخرسُ كوجعي، الأفكارُ مقلوبةٌ، كَقِرَبٍ بالية، لا وجهةَ لي إلا السماء، تحجَّرَ العطرُ في قارورتي، يدي تنزفُ حبرا أسود، ويسيلُ الليلُ من عَينَي، أفتِّش عن ورقةٍ بيضاء، لأدوِّنَ عليها ما تبقَّى من أنفاسي“.
جمالية العنوان
وعن الديوان قالت الناقدة التونسية الدكتورة سامية البحري: ”إن أمطرت.. عنوان يقبض على المعنى في جوفه؛ يقول، ولا يقول، يؤسس، ويدعو، ويشاكس، ينتج المتقبل الجديد الباحث في نصف المركب المخفي. قد نعثر على الخفايا في متن الخطاب الشعري برمته، وقد نخرج بلا رواء ولا ارتواء. نمضي تحت سماء حبلى بالمزن؛ نبتهل، نغازل المطر، رنين وحنين وشوق إلى التطهر والانعتاق“.