صفقة القرن الملكية
د. وحيد عبدالمجيد
صفقة القرن الملكية
فى الوقت الذى تحول صعوبات متزايدة دون إعلان الإدارة الأمريكية تصورها لحل الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، والذى يُطلق عليه صفقة القرن، شهدت جنيف صفقة قرن من نوع مختلف. فقد استخدم أندريس كوريل خبير المجوهرات فى دار سوديز هذا التعبير لوصف ما حدث فى مزاد لبيع مجوهرات ومقتنيات ملكة فرنسا المشهورة ماريا أنطونيا (مارى أنطوانيت).
توقع كوريل، فى المؤتمر الصحفى الذى سبق ذلك المزاد، أن يشهد صفقة القرن. وبعد أن بيعت المجوهرات والمقتنيات بمبلغ تجاوز 53 مليون دولار، أى أكثر من عشرة أمثال التقدير المبدئى لقيمتها قبل المزاد وهو 4.5 مليون فقط، أعلن أن هذا هو ما قصده بصفقة القرن.
وقد اكتسبت مارى أنطوانيت شهرتها من عبارة نُسبت إليها، ولم يثبت صحتها. فقد قيل إنها ردت على من أبلغوها أن الفرنسيين لا يجدون الخبز متسائلة: لماذا لا يأكلون جاتوه؟.
والأرجح أن العبارة نُسبت إليها للدلالة على لامبالاة الأسرة المالكة فى فرنسا إزاء تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. لم يملك الملك لويس السادس عشر الشجاعة اللازمة للإصلاح، حتى بعد أن بدأت الاحتجاجات التى قادت إلى ثورة 1789. ورغم أن هذه الثورة لم تقض على النظام الملكى، بل سعت لتحويله إلى ملكية دستورية على النمط البريطانى، ظل لويس السادس عشر يناور، ويراهن على الاضطراب الذى يحدث عادةً فى مثل هذه الثورات، وعلى تدخل دول أوروبية لمساندته حفاظاً على الملكية. وأدى ذلك إلى موجة غضب اقترنت بصعود جناح متطرف فى السلطة الجديدة، وإجراء محاكمة سريعة له وزوجته انتهت بإعدامهما تباعاً عام 1793، وإعلان الجمهورية الفرنسية الأولى.
ورغم النهب الذى حدث فى ظل اضطراب الأوضاع فى تلك الفترة، تمكنت مارى أنطوانيت من إرسال مجوهراتها إلى أختها خارج فرنسا، وظلت محفوظة ومتوارثة فى عائلتها، إلى أن بيعت فى مزاد دخل التاريخ من زاوية الفرق بين قيمتها الحقيقية والسعر الذى بيعت به، ومن حيث ثمن قطعة مجوهرات واحدة وهى دلالة من الألماس تنتهى بلؤلؤة بيضاوية دفع فيها المشترى 36 مليون دولار.
الأهرام المصرية