نشر بتاريخ: 2019/04/02 ( آخر تحديث: 2019/04/02 الساعة: 03:31 )
سميح خلف

التهدئة بين الملاطشات والمناكفات والثقافة الممنهجة

نشر بتاريخ: 2019/04/02 (آخر تحديث: 2019/04/02 الساعة: 03:31)

قد يكون الحصار ليس جغرافيًا او مكانيًا، ولكن قد تكون العقول محاصرة ايضًا، بحيث تغيب أي بدائل لما تعودت عليه النخب الوطنية في معالجاتها للصراع مع إسرائيل ومشروعها، فكل يتشبث بمكانه وخطابه القديم الجديد.

إسرائيل لا تمنح شيئا للضعفاء، انتبهوا ماذا حدث لمجموعة اوسلو والسلطة؟ ماذا اعطت اسرائيل لها؟ والى أين وصل المشروع الوطني بحده الأدنى؟ في ظل تشبثها بمعطيات مفاوضات أوسلو ونتائجها وتمسكها بتلك البنود للإتفاقية في حين أن إسرائيل استغلت تمسك السلطة بمعطياتها في تنفيذ مخططها بدقة وبتزامن مع الإنقسام الفلسطيني الفلسطيني لكي نكون منصفين فإن عملية الإستيطان قد تضاعفت ثلاث أو أربع مرات بعد وجود السلطة وإلتزاماتها تجاه أمن إسرائيل، حيث أنها أعطت نوعًا من الإستقرار لعملية الإستيطان والتوسع وبشكل معاكس وحفاظًا على القانون (قانون أوسلو السياسي الأمني) طاردت السلطة كل النشطاء الذين يدعون لخلخلة الأمن الإسرائيلي في الضفة على الأقل.

مسيرة العودة التي مر عليها عام وتوافقت مع يوم الأرض في ذكراها الأولى وعملية التعبئة المضادة التي مارستها السلطة بوجهة نظرها السياسية والأمنية وفي نطاق الصراع بين حماس وفتح المؤتمر السابع والتي أثارت العملية الإنسانية كفقدان الأبناء على قاعدة الغاز والسولار بالتأكيد استغلال جراح الشعب الفلسطيني في غزة وتجييره لحلبة هذا الصراع، السلطة لم تدرك أو تدرك أن نهجها هذا يتعارض مع الأساسيات واللبنات الوطنية في هذا اليوم الوطني الذي لا يخضع لفصيل أو حزب بل هو ما صنعه الشاعر توفيق زيات ليوم الأرض منذ عقود حتى أصبح يومًا وطنيًا ينقل الرسالة من الآباء إلى الأبناء والأحفاد بأن أرض فلسطين ليست للبيع أو المساومة أو التنازل، ومهما كانت صفة النظام السياسي أو التمثيل للشعب الفلسطيني، ومع هذا المساق للسلطة وبما أتت قريحتها من محاولة اجهاض هذا اليوم في غزة وكما رأينا حركة فتح في الضفة الغربية المؤتمر السابع كانت غائبة تمامًا عن الفعل في هذا اليوم وهنا نتسائل ماذا حدث لحركة فتح أم الجماهير التي كانت يمكن أن تحشد مليون أو أكثر في اتجاه المستوطنات وزعزعة استقرارها وأمنها وإلى الطرق الإلتفافية للعدو الإسرائيلي، ولكن يبدو أن النغمة الفتحاوية بقيادة رئيسها ينكشف عنها الغطاء بما تدعيه بأنها ضد صفقة القرن، فكان من اللبنات الأساسية للتحرك لرفض دولة إسرائيل الكبرى ومناهضة لقرار ترامب في القدس والجولان وما تحدث عنه رئيس السلطة بأن إسرائيل قريبًا وفي خلال شهور ستضم الضفة كان يمكن أن يحشد الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية لخلق واقع جديد واقع وطني يناهض كل السيناريوهات ويضع اللبنة الحقيقية والأساسية للتحرك الشعبي والوطني في اتجاه المتغير ضد الشعب الفلسطيني.

مع هذا من النخب وما يكتبون اخطر بكثير مما يكتبه بعض النخب الاسرائيلية، نحن لا نملك ثورة ولا نملك وسائل الردع، نحن لا نجمل ولا نصنف مع الثورات العالمية التي حددت مواقفها من كل من يتنازل او يفاوض او يسرق او ينظر لعناوين الهزيمة وشخوصها.

الزحف الجماهيري والشعبي والفصائلي يوم الأرض في قطاع غزة كان يومًا وطنيًا بامتياز رغم المشككين وما وصلت إليه القوى الوطنية من معالجات من خلال الوساطة المصرية مع الإحتلال الإسرائيلي بنشر عناصر الأمن على طول السلك الزائل بين حدود غزة وغلافها لتقليل الخسائر والإحتلال بناء على تفاهمات التهدئة.

في الحقيقة البعض أمره محير فإذا اقتحمت الجماهير السلك الزائل قالوا أن حماس ومن حولها يضحون بشباب فلسطين وما هو الثمن، وإذا فعلت كل ما يمكن أن يخفف الخسائر قالوا أنها ليست مقاومة! وإذا وصلت لتهدئة قالوا عنها تنسيق ولكن نسى هذا التيار أن كل تلك المناخات توالدت مع خطيئة التوجه إلى أوسلو وفرض مناخاتها على كل الشعب الفلسطيني بفصائله جميعًا وما كان على الفصائل إلا أن تضع معالجات لهذه المناخات وطبيعة العلاقة الغير طبيعية مع إسرائيل التي قامت بها السلطة الفلسطينية بموجب هذا الإتفاق.

البعض يقول لماذا حماس والجهاد الإسلامي ومن حولهم من فصائل لا يقدمون في أوراقهم التفاوضية بينهم وبين إسرائيل بوساطة مصرية بتقديم الملفات الأساسية للقضية مثل القدس وحق العودة والدولة، وأنا أقول هنا أن حماس أجادت عدم لمسها الملفات الأساسية للصراع وبقيت تفاهماتها مع الإسرائيليين تمس واقع الحياة الإنسانية في قطاع غزة لسبب واحد استقرائي وهو أن الملفات الأساسية للقضية الفلسطينية مازالت مسؤولة عنها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولكي لا يقال أن حماس والفصائل الأخرى بما فيهم التيار الإصلاحي والشعبية والديمقراطية والجهاد يريدون دولة في فلسطين وإسقاط المشروع الوطني وترك إسرائيل لتهويد الضفة!

حقيقة أننا عشنا سابقًا بين الثورة واللثورة، وتهنا وتنازلنا ونعيش الآن بين المقاومة واللامقاومة في ظل ظروف صعبة أيضًا وخانقة للكل الفلسطيني ولا نريد أن نبكي أو نتباكى عن ماضي ارتكب فيه البعض خطيئة وها هي نتائجها، فالمقدمات الخاطئة تعطي بالتأكيد نتائج خاطئة ولكن ما هو العمل؟ الحالة الإنسانية في غزة تفرض نفسها على الواقع الوطني وعلى أي من يقود غزة سواء حماس أو غير حماس، وفي واقع جغرافي مغلق تمامًا، فمن الصعب أن نطبق مفهوم المقاومة بحذافيره وأساسياته التي لا تدعو إلى المفاوضات إلا في لحظة توازن القوى أو التفوق عليها مع العدو، أو أصبحت المقاومة تشكل له رعبًا وعبئًا كبيرًا على مكوناته الداخلية وقواته، إذًا المعادلة في غزة تختلف تمامًا عن الواقع الآخر، فالحلول الإنسانية لاستحقاقات الشعب الفلسطيني التي كفلتها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية من الواجب التعامل معها وفكفكة أزماتها، وهذا لا يعني التنازل عن كل فلسطين أو إجهاض مشروع منظمة التحرير ولكن ماذا عملت قيادة منظمة التحرير للآن لصيانة المشروع الوطني، وهل فعلًا كان غائبًا عن رئيس السلطة ومن حوله من مركزية المؤتمر السابع أن إسرائيل يومًا لن تهود الضفة الغربية ولن تضمها؟! وألم