نشر بتاريخ: 2019/07/02 ( آخر تحديث: 2019/07/02 الساعة: 13:59 )

خاص|| "التهدئة والتصعيد وعودة "باراك" للحياة السياسية مجددا

نشر بتاريخ: 2019/07/02 (آخر تحديث: 2019/07/02 الساعة: 13:59)

الكوفية – محمد جودة

غزة: ألقت التطورات الأخيرة في إسرائيل بظلال "قاتمة" على الجهود الأمريكية لتسويق خطة السلام المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن"، لا سيما مع فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تشكيل ائتلاف حكومي، وقرار إجراء انتخابات جديدة بعد التصويت على حل الكنيست.

لكن الولايات المتحدة، قللت في المقابل من تأثير الأزمة السياسية في إسرائيل على جهودها وخطتها (المريبة)، حيث ذهبت لاتخاذ خطوات من أجل إنقاذ اليمين الإسرائيلي بزعامة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، فلجأت إدارة ترامب إلى إعلان (الجولان المحتل) تحت السيادة الإسرائيلية، والذهاب إلى الإعلان عن "الورشة الأمريكية في البحرين" والتي عقدت في يونيو/حزيران المنصرم بالعاصمة البحرينية المنامة، حول ما يسمى الجوانب الاقتصادية لـ"صفقة القرن" في الشرق الأوسط.

وأعلنت الادارة الأمريكية، أنها ستكشف عن "صفقة القرن" بعد الانتخابات الإسرائيلية قبل نهاية العام الجاري، بعد تأجيلها لأكثر من مرة، ويشكل الصراع بين الأحزاب الإسرائيلية حجر عثرة في تشكيل الحكومة، وهو الواقع الذي ما زال قائما، على الرغم من حل الكنيست وإعلان موعد الانتخابات المقبلة، إلا أن الصراع بين الأحزاب، وخاصةً اليمين الإسرائيلي، يتصاعد.

باراك يعود للحياة السياسية بـ"حزب جديد"

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، بشكل رسمي عودته للحياة السياسية وتشكيل حزب سياسي لخوض انتخابات الكنيست المزمع عقدها في منتصف سبتمبر/أيلول المقبل.

وقال باراك في مؤتمر صحافي عقده وسط عدد من أنصاره، "دفعتني خطورة الظروف إلى اللحظة التي لا يوجد فيها خيار سوى تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات".

وأضاف، "قررنا إنشاء حزب سياسي وسنعمل على إنهاء حكومة نتنياهو الذي رأيته في لحظات جيدة وسيئة، ووصل إلى نهاية طريقه، وحتى أقرب مساعديه، بمن فيهم زملاؤه في الحزب يعرفون ذلك".

باراك من صقور حزب العمل

حول عودة باراك يعقب الكتاب والمحلل السياسي، المختص بالشأن الإسرائيلي، أكرم عطالله، بأن عودة رئيس الوزراء وزير الدفاع الإسرائيلي السابق "إيهود باراك"، للحياة السياسية شكلت تحولا كبيرا في السياسة  الإسرائيلية.

وأضاف عطالله لـ"الكوفية"، أن عودة باراك ليست بحسب المقاعد التي تعطيه اياه استطلاعات الرأي في إسرائيل، ولكن لأنه يستطيع سحب ( 6 ) مقاعد حتى الآن من اليمين الإسرائيلي، وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، هذا يعني أن نتنياهو لن يتمكن من تشكيل الحكومة الإسرائيلية، لأن المقاعد الستة التي سيسحبها باراك هي من اليمين.

وأشار عطالله، إلى أن باراك هو من صقور حزب العمل، وأن حزب العمل تراجع ويمثل الكتلة الاشكنازية التي بدأت تتضاءل والتي تمثل الكيبوتسات التي أغلقت في إسرائيل، مضيفا، "باراك يميل لليمين وهنا الأزمة الحقيقية، خصوصا أن نتنياهو بدأ مكشوفا بـ(التلاعب الكبير وبالفساد الذي يطارده) بعد أن اتضح عدم قدرته على من تشكيل الحكومة لأسباب لها علاقة برغبته أن تكون الحكومة متمثلة باليمين الإسرائيلي فقط.

ويختم عطالله بالقول، إن نتنياهو لم يعرض على حزب كاحول لافان، أي عروض ليؤسس لحكومة وحدة وطنية، والشارع الإسرائيلي يراقب ذلك، وإن المسألة الأهم هو عندما أعلن نتنياهو عن إعادة الانتخابات حيث أجريت الاستطلاعات وثبت أنه يمكنه الفوز مرة أخرى بالانتخابات المقبلة، (لكنه لن يستطيع تشكيل الحكومة منفردا)، وكل ذلك ساعد باراك على إعلان عودته للعمل السياسي لخوض الانتخابات لكي يكون بالحكومة المقبلة.

شغل منصبي رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع

جدير بالذكر أن إيهود باراك ترأس الحكومة الإسرائيلية من العام 1999 وحتى العام 2001، فضلاً عن شغله حقيبة وزارة الدفاع خلال الفترة ذاتها، قبل أن يعلن بشكل مفاجئ عن اعتزال الحياة السياسية في إسرائيل نهاية العام .2012

ويسعى باراك لتوحيد أحزاب اليسار والوسط في إسرائيل، واختطاف عدد من الأصوات اليمينية في إسرائيل، من أجل إسقاط نتنياهو، فيما لم تتضح بعد ملامح التحالفات التي سيشكلها باراك.

التهدئة

ما بين التهدئة والتصعيد يتسابق الزمن خشية خروج الأوضاع عن السيطرة في ظل توقعات بـ"صيف ساخن" ستشهده المنطقة، خاصة بعد تلويح إسرائيلي باستخدام القوة العسكرية شمالا وجنوبا مع الأراضي المحتلة وتحديد جنوبا مع (غزة).

وكثرت في الأعوام السابقة وتحديدا بعد انطلاق "مسيرات العودة" اتفاقات التهدئة الفلسطينية الإسرائيلية بجهود قامت بها "الأمم المتحدة برفقة جمهورية مصر العربية"، في محاولة لنزع فتيل الانفجار، وهو ما أفلحت فيه الوساطة حتى اللحظة بعد وعود نالها الطرف الفلسطيني مؤخرا بتخفيف إنساني من المتوقع أن تظهر ملامحه قريبا.

اتفاقات التهدئة.. وعود بلا حصر

في السياق ذاته، اعتبر عطالله أن "المواطن الفلسطيني لم يعد قادرًا على حصر عدد اتفاقات التهدئة في قطاع غزة، وهي تهدئات مؤقتة تلي كل تصعيد، خلف كل تهدئة مع مرور الوقت، ولدينا نموذج البحر، فقد أصبح المواطن الفلسطيني يبيت ويفيق كل يوم ليحصي عدد الأميال، المسموح بها والممنوع منها للصياد الفلسطيني الإبحار والتقيد بها".

إسرائيل تتوعد وتهدد

وأضاف، قبيل التهدئة الأخيرة أعلنت إسرائيل تهديدا واضحا بأنها تمنح "مهلة لمدة 24 ساعة لوقف البالونات الحارقة"، ومن المعروف أن التهديد بفترة زمنية يُبقِي البابَ مفتوحا أمام التصعيد حتى اللحظة الأخيرة وهذا ما حصل قبيل التهدئة الأخيرة.

تصعيد يليه تهدئة والعكس صحيح مرة تلو الأخرى

جدير بالذكر، أن اتفاق التهدئة الأخير جاء عقب جولة التصعيد الميداني الأخيرة التي شهدتها حدود قطاع غزة، وزعمت إسرائيل بأن أكثر من 120 حريقا نشب في غلاف غزة في غضون أسبوع واحد بفعل البالونات الحارقة، فيما لجأت إسرائيل إلى اتخاذ خطوات عقابية منها "تقليص مساحة الصيد إلى 12 ميلا وصولا إلى إغلاق البحر بشكل كامل، وإغلاق تام لمعبر كرم أبو سالم، وحظر دخول الأموال القطرية التي (تقوم قطر بتحويلها عبر وزارة الدفاع الإسرائيلية قبل السماح بإدخالها لغزة مؤخرا)، وتعتبر التهدئة الأخيرة هي واحدة من عشرات اتفاقات التهدئة التي لم تلتزم بها إسرائيل في التخفيف من حصارها المفروض على قطاع غزة والالتزام بالاتفاقات المبرمة برعاية الأمم المتحدة والقاهرة.

ليبرمان وغانتس يهاجمان نتنياهو

هاجم وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بسبب اتفاق التهدئة الجديد مع قطاع غزة.

وقال ليبرمان، "كما هو الحال في طقوس متكررة، شكر الفلسطينيين بنيامين نتنياهو على كل التنازلات التي قُدمت لهم في إطار اتفاق الاستسلام " الهدوء " من جانبنا، وأرسلوا باقة ضخمة من البالونات إلى سكان إسرائيل".

وأضاف ليبرمان، أن "الطريق للهروب من أي هجوم (إرهابي) مستمر وعدم الرد على 100 حريق أسبوعيًا في غلاف غزة، هو الحديث عن 100 قنبلة نووية في إيران".

من جانبه استغل رئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق، وزعيم تحالف "كاحول لفان"، بني غانتس، كلمته أمام مؤتمر هرتسليا التاسع عشر، لمهاجمة بنيامين نتنياهو وقطع وعودًا تعهد بموجبها بمنع إيران من امتلاك قوة نووية، إذا ما أصبح رئيساً للحكومة.

وقال غانتس، في معرض حديثه أمام المؤتمر، إن سياسة زعيم حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو أدت إلى تآكل قوة الردع الإسرائيلية، وقضت على العقيدة الاستراتيجية التي وضع أسسها ديفيد بن غوريون، والتي قامت على أساس الردع والحسم في الحروب.

وأعلن غانتس، أن إيران تتابع عن كثب سياسة نتنياهو وتآكل الردع مقابل حركة "حماس" في قطاع غزة، وهو ما يؤثر في سياستها لمواصلة التموضع والتأثير في المنطقة.

وتعهد بتغيير سياسة حكومة الاحتلال لجهة استخدام القوة وتفعيلها عند الحاجة، وعدم التردد في ذلك كما هو الحال في سياسات نتنياهو.

الدعاية الانتخابية بدأت في إسرائيل

يعلق الكاتب أكرم عطالله، حول هجوم ليبرمان غانتس على نتنياهو قائلا، إن "الدعاية الانتخابية في إسرائيل قد بدأت بين الأحزاب والزعامات الإسرائيلية"، مضيفا، أن "زيارة غانتس وليبرمان التي جرت على حدود غزة مؤخرا وتخللها الهجوم على نتنياهو حول (التهدئة والبالونات الحارقة) تأتي ضمن صراع الحملة الانتخابية للأطراف جميعا في إسرائيل، والتهدئة السابقة والحالية التي أبرمها نتنياهو للنيل من قدرته على الردع، وبالتالي عدم قدرته على تحقيق الأمن الإسرائيلي.

وأضاف عطالله لـ"الكوفية"، "يجب ألاّ نغفل أن نتنياهو يسوق نفسه على أنه  الوحيد الذي تمكن من تحقيق أمن إسرائيل، بعد سنوات طويلة من الانتفاضة منذ العام 2008، ويقدم نفسه على أنه منذ توليه الحكم، اختفت الانتفاضة الفلسطينية وبالتالي هذا هو الإنجاز الأكبر بالنسبة له.

كيف تتم الانتخابات الإسرائيلية؟

تجدر الاشارة إلى أنه يتم توزيع مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدا بنظام التمثيل النسبي على قوائم الأحزاب، وللفوز بمقاعد في الكنيست يجب أن يتخطى أي حزب نسبة 3.25 في المئة على الأقل من مجموع أصوات الناخبين. وتعادل هذه النسبة أربعة مقاعد.

ولم يسبق أن حصل حزب واحد بمفرده على أغلبية مطلقة في الكنيست، وجرت العادة أن تُشكل حكوماتٌ ائتلافية.

وبعد الانتخابات وإجراء مشاورات مع زعماء الأحزاب يطلب الرئيس الإسرائيلي من المرشح الذي يرى أنه يملك أفضل فرصة لتشكيل ائتلاف أن يحاول تشكيل الحكومة.

وفي العادة يكون هذا الشخص هو رئيس أوفر الأحزاب حظا في الانتخابات، لكن ليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك. وأمام هذا المرشح 28 يوما لتشكيل الحكومة ويمكن مد هذه المهلة 14 يوما.

وإذا فشل في تشكيل الحكومة، يكلف الرئيس مرشحا مختلفا بهذه المهمة.

ويقول مكتب الاحصاءات الإسرائيلي، إن حولي 5.8 مليون إسرائيلي يحق لهم التصويت في انتخابات 2019.

العودة لـ"المشتركة" مجددا

أعلنت مؤخرا الأحزاب العربية الأربعة في الكنيست الإسرائيلي (الجبهة الديمقراطية، والتجمع، والعربية للتغيير، والقائمة العربية الموحدة)، عزمها خوض الانتخابات للكنيست الـ22 في قائمة واحدة.

وجاء في سياق توضيح سابق لعضو الكنيست جمال زحالقة لـ "الكوفية"، عن الأحزاب الأربعة في ختام اجتماع عقد مؤخرا، "أكدوا فيه التزامهم الكامل بالقائمة المشتركة كخيار وحيد لخوض الانتخابات وضرورة الإسراع في إتمام تشكيلها للانطلاق في حملة انتخابية قوية لتقوية التمثيل السياسي للجماهير العربية".

الاستخلاص الأسرع لنتائج الانتخابات السابقة

وحول عودة القائمة المشتركة التي تضم الأحزاب والكتل العربية لخوض انتخابات الكنيست، عقب عطالله لـ"الكوفية"، بالقول، إن "عودة المشتركة يمكن القول بانها (الاستخلاص الأسرع لنتائج الانتخابات السابقة)، في الانتخابات السابقة خسر العرب مقعدين قياسا بالكنيست التي سبقتها، وبالتالي كان هناك إدراك بأن حجم التشتت الذي حصل بتشكيل قائمتين عربيتين أدى لخسارة العرب مقعدين، فـ"بالتالي العودة السريعة للمشتركة، وهذا مهم وهذا جيد لأن الأحزاب العربية بسرعة استفادت من التجربة الأخيرة".

تحالف بين المشتركة وأحزاب عبرية

واعتبر عطالله، أن إمكانية تشكيل تحالف بين الأحزاب العربية وبين أحزاب إسرائيلية وتحديدا حزب العمل أو إيهود باراك، لا يمكن أن يكون، لسببين، الأول أن "العرب لن يقبلوا لأنهم خاضوا تجربة مع حزب العمل وإيهود باراك طيلة عقود ماضية وكان الأسوأ في الاستيطان وغيره، واضطر في السنوات الأخيرة حزب العمل إلى (سحب اعترافه بالدولة الفلسطينية)، تحت ضغط الشارع الإسرائيلي وضغط الدعاية الانتخابية وجلب أصوات الناخبين، فلم يعد حزب العمل لديه قواسم مشتركة مع العرب".. ثانيا، "الأحزاب الإسرائيلية تخشى أن تتهم بالاعتماد على الأصوات العربية وهذه تهمة في غير صالحها على الإطلاق في الوسط الإسرائيلي، هذا أصبح واضحا، وأصبحت جزءًا من الدعاية الانتخابية التي يشنها اليمين على كل حزب يساري يشكل تحالفًا مع العرب".

تحالف سياسي

جدير بالذكر أن القائمة المشتركة هي "تحالف سياسي"، يضم أربعة أحزاب عربية في إسرائيل، أعلن عن تشكيله في 23 يناير/كانون الثاني 2015، كتحالف يضم أربع قوائم تمثل الجماهير العربية في إسرائيل، في أعقاب رفع نسبة الحسم والإعلان عن انتخابات مبكرة عام 2015، وضمت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، والتجمع الوطني الديمقراطي، والقائمة العربية الموحدة، والحركة العربية للتغيير، خاض هذا التحالف الانتخابات التشريعية العشرين للكنيست الإسرائيلي، وحصل على 13 مقعدًا، فيما خاض الانتخابات الـ21 منقسما فتراجع مقعدين عن الانتخابات السابقة، وكان الكنيست العشرين  بمثابة المرة الأولى التي تتقدم فيها الأحزاب العربية بقائمة موحدة إلى انتخابات الكنيست.