نشر بتاريخ: 2019/10/30 ( آخر تحديث: 2019/10/30 الساعة: 18:04 )
عاطف الغمري

تحذير من خطر إرهاب البيض داخل أمريكا

نشر بتاريخ: 2019/10/30 (آخر تحديث: 2019/10/30 الساعة: 18:04)

كان مثيراً للانتباه ذلك التحذير من تصاعد الإرهاب الذي تشنه جماعات بيضاء مسلحة ومتطرفة داخل الولايات المتحدة، والذي بلغ حد الإعلان عن أهمية وضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب الأبيض، لمنع حدوث أزمة طوارئ قومية داخل البلاد.

فالتقديرات الموثوق بها، والتي جرت في عام 2019، قدرت أنه خلال الفترة من 2009 وحتى 2018، فإن جماعات اليمين المتطرف من البيض تتحمل المسؤولية عن 73% من جرائم العنف المسلح داخل الولايات المتحدة، وأن رقم الضحايا الذين أزهقت أرواحهم على يد جماعات يمينية متطرفة يزيد على أي رقم في السنوات التي تلت تفجير المبنى الحكومي الفيدرالي في أوكلاهوما عام 1995. وفور هذا التفجير ألقي القبض على الشخص الذي قام به، وتبين أنه ينتمي إلى جماعة متطرفة تستهدف الدولة الأمريكية ذاتها، وأن هذه الجماعة جزء من منظومة من الجماعات المسلحة التي ترفض الدولة بمختلف قيمها وأنظمتها، لإقامة نظام مختلف، وتحمل كراهية ورفضاً لأي عرق آخر خاصة الملونين.

وكان كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، ذكر في يوليو/تموز 2019، أن أغلبية التحقيقات منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ربطت الإرهاب الداخلي بجماعات أصحاب عقيدة تفوّق العرق الأبيض. وربما تكون صحيفة «نيويورك تايمز» قد لخصت الظاهرة بتلك الكلمات: «نحن لدينا مشكلة إرهاب لجماعات من وطنيين بيض».

والسؤال: لماذا لا تلقى هذه المشكلة ما تستحقه من اهتمام، على الرغم من الوعي بخطورتها من كافة السلطات، وعلى الرغم من الإمكانات الهائلة التي تحوزها أجهزة الأمن الداخلي؟

والإجابة قدمها عدد من المتخصصين منهم مثلاً، داري جونسون، المحلل السابق بوزارة الأمن الداخلي، الذي قال إن الحكومة الحالية، وكذلك الحكومات السابقة، أرادت رسم صورة باهتة للإرهاب، لكي توحي بأنه يأتي من الخارج. وقالت مجلة «تايم» إن قادة البلاد فشلوا في مواجهة هذا التهديد، وعلى الرغم من تصاعده، فإنه لم يلق اهتماماً من البيت الأبيض، على الرغم من أن خبراء في شؤون الأمن القومي، قد دعوا في أغسطس/آب 2019، لشن حرب على الإرهاب الداخلي.

وفي ندوة لمعهد أسبن الشهير قال: إن كثيراً من الأعمال الإرهابية الداخلية، تقع ضد أمريكيين، ويشنها أمريكيون بيض انقادوا إلى التطرف. وهذا التطرف ليس ظاهرة جديدة؛ بل هي متجذرة في البنية السياسية والاجتماعية الأمريكية، والمنتمون إليها لهم أيديولوجية تضم مجموعات محلية، وإذا كان البعض لا يلفت الأنظار لوجوده في مناطق الظل بعيداً عن المدن الرئيسية، إلا أن نزعة الكراهية لديهم تدفع بهم إلى المجرى الرئيسي للأحداث ليمارسوا فيه نشاطهم.

وإذا كانت هذه الحقائق لا تخفى على الرؤساء الأمريكيين، فإنهم لم يضعوها على أولوية برامجهم السياسية، وركزوا بدلاً من ذلك على إرهاب يرتكبه إسلاميون، على الرغم مما أكدته دراسات وإحصاءات أمريكية من أن ما يقوم به هؤلاء داخل الولايات المتحدة، يقل كثيراً عما يرتكبه البيض، وهو ما ذكرته تقديرات حكومية من أن المتطرفين البيض والجماعات اليمينية المتطرفة، مسؤولون عن ثلاثة أمثال ما يرتكبه إرهابيون مسلمون على الأرض الأمريكية، وأيضاً ما أكده كيفين ماكليينان القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي عن التصاعد في أعمال الإرهاب داخل الولايات المتحدة، والذي تغذيه أيديولوجية سامة.

إن التقاعس عن التصدي لهذه الظاهرة التي لم يكفّ مسؤولون بأجهزة الأمن الأمريكية عن التحذير من خطورتها، تدعمه مجموعة من الأسباب، أولها استبعاد رؤساء أمريكا لها من أجندتهم السياسية، وزيادة هذا التوجه بعد النزعة العنصرية البيضاء للرئيس ترامب، واعتراض الكونجرس على اتخاذ إجراءات قانونية ضد هذه الجماعات، وقوة نفوذ جماعة الدفاع عن حملة البنادق، وتأثيرها البالغ على أعضاء الكونجرس، الذين يستفيدون من دعمها لهم في حملاتهم الانتخابية.

الخليج الاماراتية