نشر بتاريخ: 2020/09/08 ( آخر تحديث: 2020/09/08 الساعة: 07:17 )
بقلم: ناحوم برنياع

الجمهور الإسرائيلي يفقد الثقة بنتنياهو وحكومته

نشر بتاريخ: 2020/09/08 (آخر تحديث: 2020/09/08 الساعة: 07:17)

ثمة منطق عظيم في الادعاء أنه في الوضع الحالي ما كان لإغلاق جزئي لجملة من المدن الحمراء أن يحلّ شيئاً. فإذا كان المريض مصاباً بالسرطان، فإن قرص أسبرين لن يجديه نفعاً. أحياناً يكون الحل أهون الشرور هو عدم عمل شيء. هذا صحيح في كل مجال تتحمل الحكومة المسؤولية عنه، بما في ذلك التصدي للوباء.

تكمن المشكلة في مكان آخر. فالمطالبة الأولى الموضوعة أمام كل حكومة خلال الأزمة هي أن تقلّص قدر الإمكان انعدام اليقين. قولوا لنا ما الذي يكون بانتظارنا اليوم، غداً، وهل سنتمكن من إيصال الأبناء إلى المدارس؟ هل مكان عملنا سيكون مفتوحاً؟ هل ستفتح الدكان في الحي؟ هل سنتمكن من الصعود إلى الباص أو إلى القطار؟ هذه أمور ليست لدى رئيس وزرائنا فكرة عنها، ولكنها بالنسبة لنا جزء حيوي من الحياة.

أعلن نتنياهو، الخميس الماضي، أمام الكاميرات أن الحكومة قررت إغلاقاً في المدن الحمراء. أول من أمس، في أعقاب ضغط من ممثلي الجمهور الأصولي، أعلن إلغاء القرار. ينضم التذبذب إلى قائمة طويلة من التذبذبات السابقة: الكنس، المطاهر، نوادي الرياضة، المطاعم، المنح، الميزانية، و»حماس». هكذا تفقدون ثقة الجمهور. وفقدان الثقة ملموس أقل من الوباء ولكنه لا يقل عنه فتكاً.

يصوت الإسرائيليون لحجب الثقة في الشارع، بالتجاهل الفظ لتعليمات وضع الكمامة، وباستخفافهم بواجب التباعد والحرص على النظافة الشخصية. يصوتون لحجب الثقة في الأعراس، في الحفلات، في التجمهرات، في التعليم بالمدارس الدينية وفي الصلوات بالمساجد وفي الكنس. حجب الثقة مهم جداً لهم لدرجة أنهم مستعدون ليخاطروا بصحتهم من أجله.

لا توجد ثقة لأنه لا توجد قيادة. القائد هو الشخص القادر على أن يتخذ قرارات صعبة، قرارات لا تستوي مع استطلاعات الشعبية ومع نزوات القاعدة. الزعيم هو شخص يحرص على أن يقول الحقيقة لناخبيه حتى عندما تكون الحقيقة مزعجة. في إسرائيل لا يوجد في هذه اللحظة زعيم كهذا.

إن الفراغ الناشئ ليس مصيبة: فدول عديدة على وجه البسيطة تعرف كيف تتدبر أمرها بلا زعيم. نحن أيضاً. ما يميزنا سلباً هو أنه على رأسنا يقف شخص يصر على أن يلعب دور الزعيم، مع تشريفات ملكية وتبجحات ذاتية ترافق ذلك. يوجد زعيم، لا توجد زعامة. ولهذا فإن تذبذباته تخلف وراءها هذا القدر الكبير من الضرر.

«الجمهور الأصولي عزيز عليّ»، هكذا علل نتنياهو، أول من أمس، استسلامه لضغوط الأصوليين. وقد قال الحقيقة: دعم ناخبي «شاس» وقسم كبير من الأصوليين الأشكنازيين يضمن بقاءه في رئاسة الوزراء. هم القاعدة الحقيقية له. ولكن الزعيم الحقيقي كان سيلقي خطاباً آخر تماماً. إذ سيقول: إن «الجمهور الأصولي عزيز عليّ، صحة هذا الجمهور على رأس اهتمامي. ولهذا فسأفعل كل شيء، شئتم أم أبيتم كي أمنع عنكم العدوى».

وعد، أول من أمس، بأنه إذا فرض إغلاق فإنه لن يمس بالكنس. لم يشرح كيف ستحصل هذه المعجزة. كيف سيتمكنون من منع من أصيب بالعدوى من الدخول حين لا يكون ممكناً قياس حرارة الوافدين في العيد، كيف سيحافظون على التباعد في قاعات صلاة مليئة بالناس، من الحائط إلى الحائط.

ينشأ الانطباع بأن نتنياهو يسوق للجمهور الإغلاق مثلما يسوق الهجمة الإسرائيلية على إيران: فهو يلوح بالتهديد ولكنه يهرب من القرار. الإغلاق الآن؟ لا يمكن، إذ في 13 من الشهر يوجد احتفال في البيت الأبيض، وسيصعب على الناخبين أن يفهموا لماذا يسمح لرئيس وزرائهم فقط بالسفر. إغلاق في الأعياد؟ لا يمكن لأن الأصوليين سيعقدون حلفاً مع بينيت. ليس هكذا يبنى السور، وبالتأكيد ليس ضد «كورونا».

 

عن «يديعوت»