سيناريوهات ما بعد 3 نوفمبر
د. أيمن سمير
سيناريوهات ما بعد 3 نوفمبر
لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يلف “الشك” و”عدم اليقين” مستقبل الرئاسة الأمريكية، ليس فقط بسبب الصراع المحتدم بين الديمقراطيين والجمهوريين، لكن أيضا بسبب الأجواء التي فرضتها جائحة كورونا على نظام التصويت، فرغم تصويت ما يقرب من 85 مليون ناخب حتى كتابة هذه السطور إلا أن الجدل حول التصويت بالبريد وأحكام المحكمة العليا في بنسلفانيا ونورث كارولينا التي تتيح إرسال بطاقات الاقتراع إلى فترة ما بعد 3 نوفمبر، كل ذلك يؤكد أن الشعب الأمريكي والعالم لن يعرف الرئيس الأمريكي القادم ليلة الثلاثاء القادم كما كان متعارفاً عليه طوال التاريخ الأمريكي، باستثناء المرة الوحيدة عام 2000 عندما كان هناك تقارب شديد بين الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الإبن، والمرشح الديمقراطي آل جور الذي هنأ الرئيس بوش قبل الانتهاء من الفرز، وهذا لا يمكن أن يتكرر بين بايدن وترامب، فما هي السيناريوهات التي يمكن أن تذهب إليها الانتخابات الأمريكية؟.. وهل يمكن أن يأتي يوم 20 يناير القادم دون أن يكون هناك رئيس واضح للولايات المتحدة؟.
السيناريو الأول، ويمكن أن نطلق عليه السيناريو المثالي، ويقوم على فوز أي من المرشحين بنسبة كبيرة من خلال فوز واضح وصريح دون الانتظار للولايات التي ستستمر في الفرز بعد 3 نوفمبر، بمعني لو حصل بايدن أو ترامب على 320 صوتا في المجمع الانتخابي بعيدًا عن ولايات مثل بنلسفانيا وميشيجان ونورث كارولينا، ومحلقًا بعيدًا عن الحد الأدنى للفوز وهو 270 صوتًا في المجمع الانتخابي، وقتها لن يستطيع المرشح الآخر التأخر في تهنئة الرئيس الفائز، وهذا السيناريو يتمناه الديمقراطيون ولا تزيد نسبته على 25%، وهناك مؤشرات على فشل الديمقراطيين في تحقيق ذلك في التصويت المبكر الذي يتمتعون فيه بأفضلية على حملة ترامب، فالمعروف أن الديمقراطيين خاصة في ظل كورونا هم الأكثر اهتماما بوضع الكمامات، والذهاب للتصويت المبكر تجنبًا للازدحام يوم 3 نوفمبر.
السيناريو الثاني، وهو تقدم مرشح دون الآخر لكن دون عبور عتبة 270 صوتًا في المجمع الانتخابي، وهنا قد ينتظر المرشحان النتيجة في الولايات المعلقة التي ستأتي لها بطاقات الاقتراع يوم 3 نوفمبر أو بعد ذلك وتحتاج هذه الولايات لوقت طويل للفرز قد يمتد لمنتصف شهر نوفمبر، وستكون هذه الفترة في غاية الصعوبة على كلا الحزبين، لأنهما سيكونان في “المرحلة الرمادية” ما بين إعلان الفوز أو تقبل الهزيمة، وهذا السيناريو تصل نسبته إلى 30%، وقد يشهد مصادمات خفيفة بين أنصار الحزبين.
السيناريو الثالث.. ويعتمد على وجود تقارب شديد بين المرشحين سواء في المجمع الانتخابي أو حتى في التصويت الشعبي داخل كل ولاية، وهنا التخوف الكبير من رفض حكام الولايات لأي نتائج من المجمع الانتخابي حال رغبة أعضاء المجمع الانتخابي في دعم هذا المرشح أو ذاك، فالقانون الأمريكي يقول إن نتائج تصويت المجمع الانتخابي داخل كل ولاية لا بد أن يعتمدها حكام الولايات، وحكام الولايات خاصة الديمقراطية لا يقبلون أي شيء يمكن أن يدعم ترامب، وعادات التصويت تقول إن الجمهوريين سيصوتون بكثافة يوم الثالث من نوفمبر، بينما أصوات الديمقراطيين غالبيتها أصوات “بريدية”، ونظراً لسرعة فرز أصوات من سيحضرون بأنفسهم في لجان الانتخاب فإن داعمي ترامب قد تظهر أصواتهم أولاً، وهو ما يعني أن الرئيس ترامب قد يعلن فوزه قبل نهاية الفرز، الأمر الذي يتوقع معه أن يرفض الحكام الديمقراطيون للولايات المتأرجحة مثل نورث كارولينا وميشيجان وبنسلفانيا اعتماد دعم أعضاء المجمع الانتخابي لترامب، وهنا سينتظر الجميع حتى يوم 14 ديسمبر لحين الاجتماع الرسمي للمجمع الانتخابي، وفي حال عدم التوصل لاتفاق حتى هذا التاريخ بين أعضاء المجمع وحكام الولايات على تسمية المرشح الفائز سينتظر الجميع حتى اجتماع الكونجرس الجديد في 6 يناير القادم، وهو المنوط به إعلان الفائز بالانتخابات، وفي حال فشل اجتماعات 14 نوفمبر و6 يناير في تسمية الرئيس لن يكون هناك مجال إلا الذهاب للمحكمة الدستورية العليا لتسمية الرئيس قبل 20 يناير القادم، وهو الموعد الذي ينبغي أن يسير الرئيس فيه من الكونجرس مروراً بشارع بنسلفانيا حتى البيت الأبيض، ونسبة هذا السيناريو 40%.
السيناريو الرابع : فشل كل الخطوات السابقة وإعلان كل من المرشحين فوزه في الانتخابات وعدم اعتماد النتائج من حكام الولايات سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، وهذا السيناريو سيؤدي للحشد في الشارع من قبل الجانبين، فحركة أنتيفا اليسارية أعلنت بالفعل أنها لن تسمح ببقاء ترامب في البيت الأبيض، وأنها ستدعو لمظاهرات في عموم البلاد إذا أعلن فوزه، كما أن أصحاب المتاجر والمباني الفيدرالية في العاصمة واشنطن بدأوا بالفعل في وضع الحواجز الحديدية والخشبية لحمايتهم من عنف المظاهرات المتوقعة، ولا يمكن أن يتخيل أحد المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا السيناريو، وهل يمكن أن تصل الأوضاع لحرب أهلية؟.. ونسبة هذا السيناريو لا تزيد على 5%.