نشر بتاريخ: 2020/12/13 ( آخر تحديث: 2020/12/13 الساعة: 06:40 )
خليل أبو شمالة

حالة العمل الأهلي في 2020

نشر بتاريخ: 2020/12/13 (آخر تحديث: 2020/12/13 الساعة: 06:40)

كنت من القلة الذين تابعوا جلسات مؤتمر شبكة المنظمات الأهلية والذي جاء بعنوان  "حالة المجتمع المدني في العام 2020"، وشعرت بالمأساة التي وصلت إليها مؤسسات العمل الأهلي نتيجة لحجم التراجع الراهن الذي انعكس على برنامج المـؤتمر والمتحدثين فيه.
ولعل ما تابعته يشبه عرسًا لعائلة، فيها المطرب والفرقة الموسيقية ومن يشارك أمام المنصة هم أفراد نفس العائلة، حيث يقوم المطرب بتحيتهم  متجاهلاً حقيقة أن العرس فيه معازيم وضيوف ومتفرجين ولولاهم ما كان للعرس بهجة .
المتصفح لبرنامج المؤتمر يلاحظ أن المتحدثين جميعهم من المؤسسات كما لو كانوا في جلسة داخلية أو اجتماع جمعية عمومية، إضافة لمشاركة من أكاديمي دائم التعقيب والحضور في المؤتمرات السنوية للشبكة على مدار السنوات الثلاثة الماضية، الأمر الذي كان عليه أن يعتذر عن الظهور المتكرر  في نفس العنوان وينصح بأهمية وجود آخرين غيره!.

وهنا لا بد من الإشارة، إلى أن مؤتمراً من هذا النوع يعتبر عملية تقييم مجتمعي وليست جلسات عصف ذهني لممثلي مؤسسات الشبكة، من الواجب والمفروض مشاركة ممن هم خارج هذه المؤسسات ليقولوا رأيهم إذا كان الهدف التقييم وليس تنفيذ نشاط ضمن مشروع تنفذه مؤسسة أهلية وليس شبكة الأصل أنها تنسيقية.
مؤتمر بهذا المحتوى ومع الاحترام للأسماء المشاركة،  يعكس حالة انكفاء وعزلة  ورغبة في الانفصال عن الواقع والمجتمع والظروف، إذ أن عدم وجود متحدثين من خارج مؤسسات الشبكة يشير إلى أن المؤتمر هو عبارة عن اجتماع شكلي لأعضاء الشبكة، وليس مؤتمرا يسعى إلى نقاش واسع لأداء المؤسسات الأهلية وكيف استجابت لحاجة المواطن على المستوى التنموي والاجتماعي والاقتصادي، وهل تصدت لسياسات السلطات الحاكمة والقرارات التي مست حقوق المواطنين، وكيف يمكن وقف مؤسسات أهلية تقدم خدمة مباشرة للمواطنين من تحولها إلى مراكز خاصة تحصل على رسوم فلكية مقابل الخدمة في وقت تتلقى تمويلا من أجل تقديم الخدمة؟!.
 إضافة إلى ملاحظة عدم وجود متحدثين من مؤسسات من مناطق مهمشة من جنوب قطاع غزة واقتصار المتحدثين على مدينة غزة فقط.

 الشبكة ليست المجتمع المدني كله، ولا تمثل المجتمع المدني،  فالعنوان الذي يمكن أن يكون أقرب ويناسب المؤتمر هو "حالة شبكة المنظمات الأهلية أو المؤسسات الأعضاء في الشبكة خلال 2020"، أما المجتمع المدني فهو أوسع بكثير من تصغيره تحت عنوان ليس للمجتمع المدني علاقة فيه لا من حيث العنوان ولا الأوراق ولا المتحدثين في موضوع بهذه الأهمية.
عندما التقت مجموعة من الشخصيات مع بداية التسعينيات على رأسهم  الدكتور حيدر عبد الشافي ومعه إياد السراج  وراجي الصوراني ومحمد زين الدين ورباح مهنا وعبد الكريم عاشور ويسرى البربري من أجل تأسيس شبكة المنظمات الأهلية، كان الهدف إيجاد تنسيق بين مؤسسات أهلية تعمل في قطاعات مختلفة إيمانا منهم  أن وجود هذا التنسيق يحافظ على عدم تضارب المصالح، ويساعد على الاطلاع على عمل المؤسسات وما تقدمه من خدمات للمجتمع، ويحرص على عدم تكرار المؤسسات لنفسها، وبما يضمن الحصول عل نتائج يشعر فيها المواطن والمجتمع، في إطار تعزيز عمل المؤسسات وحشد ومناصرة لعملها وتشكيلها ك لوبي ضاغط في قضايا مفصلية تهم المجتمع الفلسطيني وتشكل حالة من الرقابة الأهلية على نظام الحكم السياسي القائم، ولم يكن الهدف بالمطلق أن تتحول الشبكة إلى مؤسسة كباقي المؤسسات، تنفذ مشاريع وتنافس أعضائها على مصادر التمويل، ويساعدها في ذلك بعض الممولين وممثليهم المحليين، الذين هم معنيون سياسياً بعدم وجود جسم تنسيقي قائم على هذه الفلسفة، وفقط التعامل مع مؤسسة منشغلة بالتمويل والتقارير للممولين على حساب الأسس الفلسفية والوطنية التي أنشئت من أجلها.
مطلوب إعادة تعريف للمجتمع المدني، وعدم القبول بادعاء أي جسم أو جهة تمثيل للمجتمع المدني  حيث أن هذا الادعاء باطلاً في الشكل والمضمون، كما أن تقييم أداء مؤسسات العمل الأهلي له أصوله، وجوهره رأي المواطن وفئات المجتمع المختلفة من خارج المؤسسات، فالفجوة تحولت إلى مسافات بعيدة بين المواطن والمؤسسات الأهلية، والحديث يطول هنا ويحتاج إلى كثير مما يمكن أن يقال .

الحياة لا تقبل الفراغ والمؤسسات الأهلية أكثر عددا وتأثيرا وأوسع من حصرها في جسم واحد، وأعتقد أن الوقت مناسب لإيجاد أجسام تضم في عضويتها الكم الكبير الموجود من المؤسسات، إذا ما كان هناك اهتمام بتعزيز العمل الأهلي ودور مؤسساته لخدمة المجتمع وحرصا على مصالحه الوطنية والاجتماعية، ورفضا للعضوية المغلقة تحت سياسة وتوجه أقل ما يوصف أنه بعيد عن هذه المساعي.
مؤتمر الشبكة، كان مناسبةً لكي يشعر من خلالها المتابع بأنه ما تزال لدينا مؤسسات في نهاية 2020، في وقت شهد العام مئات القضايا التي كان من الواجب تسليط الضوء عليها بعيدا عن رص البيانات، بعد أن تُرك المواطنون وحدهم يعبرون عن قضاياهم وقضايا المجتمع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فكانوا فرادا أقوى بكثير مما هم بالأصل موجودون من أجل هذا الهدف.