على العربي يكتب "البحر والسراب"..سردية جزائرية للترحال السري إلى الشمال
نشر بتاريخ: 2021/08/07 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 12:10)

ترصد رواية ”البحر والسراب“الصادرة حديثا للكاتب الجزائري علي فضيل العربي، ظاهرة الهجرة السرية غير الشرعية إلى الشمال الأوروبي، التي يُطلق عليها في الجزائر مصطلح ”الحرقة أو الهدّة“.

ويقدم الكاتب بطل الرواية عمار كمغامر شاب يرفض واقعه المتردي، ويقرر خوض غمار البحر الأبيض المتوسط، بحثا عن بداية جديدة في المهجر.

وخلال الرحلة المضنية يتعرف عمار إلى مجموعة يائسة من شباب وطنه، يشاركونه الحلم بتغيير واقعهم المؤلم بعيدا عن القارة السمراء.

وفي حديث لموقع “إرم نيوز“؛ قال العربي: ”في الرواية يغامر عمار بحياته ومستقبله، للوصول إلى الضفة الشمالية للمتوسط، والاندماج في الحياة الأوروبية، التي تمثل له ولأقرانه الحلم المعسول والفردوس الموعود، لكن الحقيقة الخفية عن أعينهم، أنها مجرد سراب“.

وأضاف: ”خلال تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر، وفي خضم البحر الهائج تارة، والهادئ تارة أخرى، يبحر عمار ورفاقه بين عوالم الواقع والخيال، بين الحاضر المرير والماضي والمستقبل، من خلال بوابة الذاكرة المليئة بأحلام الطفولة والمراهقة“.

ويلعب عنصر التخييل دورا لافتا في الرواية ليكون الدافع للشخصيات، وتجاوز الواقع الراهن بمآسيه.

ومع تتالي أحداث الرواية تتكشف تفاصيل من ماضي الشخصيات الرئيسة، لنكتشف أن عمار عايش أحداثا ثقالا ورضخ لضغوطات شتى في موطنه الذي ينبغي أن يكون ملاذه؛ لندخل في تفاصيل حياة الشباب الجزائري وما يثقل كواهلهم من بطالة وفقر .

ويبرز في الرواية تعاطف الكاتب مع الشباب المهاجر؛ يقول بلسان الراوي العليم: ”لم تلدك أمك يا عمار لتكون سمادا للبحر، لكن (الحرقة) إلى الضفة الأخرى راودتك عن نفسك الليالي الطوال، تربصت بقلبك المكلوم كغانية.. أنستك أنها التهلكة بقضها وقضيضها، لا فرق بينها وبين حبل مشنقة“.

ويضيف في مطلع الرواية: ”لم تدع لك تلك الملعونة قطرة صبر، غلَّقت في وجهك كل الأبواب إلا باب البحر، في أفقه البعيد رتل قلبك آيات (الهدَّة) انسلت من رحم مدينتك (كارتينا) وسورها الروماني ذي الأبواب السبعة“.

ويوجه الكاتب في فصول روايته انتقادات لاذعة للدول الأوروبية التي تسببت سياساتها الاستعمارية في القرون الماضية بما آلت إليه الأوضاع في البلدان الإفريقية.

ويدخل الكاتب في تفاصيل رحلة الموت، ودور المهربين، وتعاملهم السيىء مع المهاجرين وكأنهم مجرد سلعة تفتح لهم بابا للثراء السريع.

ونلمح في الرواية بث الكاتب لرسائله المبطنة التي تعبر عن ثقافته وقناعاته الشخصية؛ ما يتجلى بوضوح من خلال الحوارات بين الشخصيات، التي اتسمت بدرجة عالية من الثقافة والاطلاع السياسي.

واتسم أسلوب الكاتب في روايته بجزالة الألفاظ ومتانة التراكيب، ووضوح الأفكار، بعيدا عن الغموض والتشتت، في تسلسل متقن للأحداث يشي بتماسك الحبكة.

رواية ”البحر والسراب“ من إصدارات دار يوتوبيا للنشر والتوزيع في الجزائر وتقع في 169 صفحة من القطع المتوسط.