"وحدة آنية" فتحاوية - حمساوية.. هل لها أثر قادم!
نشر بتاريخ: 2018/12/03 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 09:04)

 أخيرا أدركت حركة حماس، ان التحرك الأمريكي في الأمم المتحدة ليس حركة استعراضية تنتهي الى لا شيء، بل هي فعل غاية في الجد السياسي، وهي في طريقها لتحقيق "نصر تصويتي" ضد مكون فلسطيني في الجمعية العامة، هو الأبرز لها لو حدث فعلا يوم الخميس 6 ديسمبر 2018.

تحرك أمريكي، نيابة عن دولة الكيان لتشريع قانون في الجمعية العامة، يدين (إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، ولتحريضها على العنف معرّضةً بذلك حياة المدنيّين للخطر، وتوقف كلّ الاستفزازات والأنشطة العنيفة بما في ذلك استخدام الطائرات الحارقة". وتدين المسودة النهائيّة "بناء بنية تحتيّة عسكرية، بما في ذلك أنفاق التسلّل إلى إسرائيل ومعدّات تُتيح إطلاق صواريخ في مناطق مدنيّة".

جوهر القرار فيما لو تم التصويت عليه، سيضع القضية الفلسطينية برمتها تحت مخاطر سياسية كبرى، وسيطيح بجوهر قرار الأمم المتحدة رقم 19/67 لعام 2012 حول قبول دولة فلسطين عضوا مراقبا، والذي يؤسس لمرحلة جديدة.

استهداف حماس والجهاد والعمل العسكري في قطاع غزة، هو استهداف لمكون أساسي من مكونات النظام السياسي الفلسطيني، خاصة وأن واشنطن تدمج بشكل واضح بين الأبعاد التنظيمية - السياسية والأمنية في القرار، ولا تضع فاصلا بين مظهر وآخر، وهي تبحث عن تطويق الكيانية الفلسطينية، من خلال تمييز بين جزء منها وآخر.

مشروع القرار، لو نجحت أمريكا في حصول تصويت عليه، سيؤسس لقاعدة "تشريعية جديدة" في الأمم المتحدة تفتح الباب أمام النيل من مسيرة العمل الفلسطيني، ويصبح القرار بذاته قاعدة استناد مستقبلية ضد فلسطين القضية والأدوات الكفاحية.

من حيث المبدأ ما قامت به البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة، هو واجب وطني مفروض، وهو ليس دفاعا عن فصيل او جهة بعينها، بقدر ما هو مواجهة لحرب سياسية قانونية ضد القضية الوطنية، وسبل عملها ضد الدولة القائمة بالاحتلال لأراضي الضفة والقطاع والقدس، تأكيدا لوحدة أراضي دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة عام 2012.

بعثة فلسطين، لا تملك "رفاهية" النقاش أن المشروع الأمريكي يدين حماس وليس فتح، وعليه يمكنها أن تقف "محايدة" في معركة ليست معركتها، فالسفير رياض منصور، يدرك تماما أن المستهدف هو الكل الوطني الفلسطيني مشروعا وقضية وسبل نضال، لذا لم ينتظر طلبا او مساءلة أو هاتفا للتحرك، فكان تحركه ضرورة لا خيار غيرها.

وجاءت تصريحات قيادات فتحاوية، لتؤكد رفضها للمشروع الأمريكي، تحت شعار ربما هو "الأضعف"، أنها لا تقبل أن تتهم أي حركة فلسطينية بالإرهاب، ومع قيمة الموقف الفتحاوي الرافض للتحرك الأمريكي، لكن الجوهري الذي يجب الحديث به وعنه، ان المشروع يستهدف العمل الوطني الفلسطيني مستخدما حماس والجهاد، أنفاق تسلل سياسية لإدانة مسيرة الشعب ثورة وكفاحا وفعلا.

المشروع الأمريكي، يبحث الغاء أن إسرائيل دولة تحتل أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة، يجب أن تحاسب على عدم تنفيذها عشرات قرارات الشرعية الدولية، وتعمل واشنطن من خلال ذلك المشروع على تأسيس لـ "شرعية خاصة" تصبح عقبة مستقبلية امام أي طلب فلسطيني خاص بالحماية الدولية، او محاكمة حكومة الاحتلال على جرائمها المتتالية.

أمريكا تبحث على تشريع يدين الفلسطيني بتهم "إرهابية" تهدد إسرائيل ومواطنيها، ما يمكن ان يصبح أداة قياس للمساواة بين جرائم حرب ومقاومة مشروعة.

ولذا فمواجهة المشروع الأمريكي ليس خاصا بفصيل أو بعض فصائل بل هو جزء من معركة سياسية قانونية شاملة، لقطع الطرق على إحداث "انقلاب سياسي دولي" ضد المسار الفلسطيني.

وحدة الموقف "الآني" بين فتح وحماس من المشروع الأمريكي، جاءت عبر بيانات بعضها إيجابي" وبعضها "استعراضي"، لكن حماس كان عليها أن تذهب خطوات أكثر جدية من "تغريده ترحيبية" أطلقها د. أبو مرزوق، لتفتح خط اتصال مع بعثة أمين سر منظمة التحرير، بعيدا عن مشروعيته القانونية، تواصل لتنسيق المواقف عامة، ورسم تصور مشترك ما قبل التصويت.

أن يجري رئيس حركة حماس إسماعيل هنية حركة اتصالات واسعة دون أن يمر على رام الله، فتلك خطوة غير موفقة، وتشير الى "ضيق أفق عصبوي"، كان عليه أن يبدأ بمهاتفة مكتب رئيس السلطة محمود عباس وأمين سر تنفيذية المنظمة، ليؤكد ان حماس لا تقدر ما كان فحسب، بل تبحث تنسيقا خاصا بما سيكون.

الاتصال هنا ليس تنازلا من حماس لفتح، بل هو تأكيد أن التمثيل السياسي ليس رهنا للعبث في المرحلة الانقسامية، خطوة ربما يكون لها أثر يفوق كثيرا كل بيانات الكلام المفيد وغير المفيد.

ملاحظة: مثير للانتباه، غياب أي تحرك أو حضور سياسي – شعبي عند الخان الأحمر، منذ أن بدأت سلطات الاحتلال حملة اعتقالات في القدس، هل هناك شي ما يتم ترتيبه أن البعض أصابه إنهاك مفاجئ..سؤال وبس!

تنويه خاص: خطاب نتنياهو دفاعا عن "فساده" يجسد الشخصية الوقحة جدا لتحدي كل قانون .. ليت البعض الفلسطيني يستفيد سياسيا من تلك الوقاحة في حصاره العام!