مصر والقلب الإستراتيجى
نشر بتاريخ: 2021/09/01 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 18:51)

إبتداء أبدا مقالتى اليوم على غير المعتاد بالتأكيد على الحاجه الإستراتيجية لإستعادة دور مصر ليس مصريا فحسب بل على المستوى العربى والقضية الفلسطينيه خصوصا، وتفاعلها الإيجابى مع قضايا المنطقه لما لهذا الدور من أهميه كبيره في إستقرار المنطقه وأمنها.وفى ملء فراغ القوة الذى تسعى إليه الدول الإقليميه خاصة إيران وتركيا وإسرائيل .من هذا المنظور إستعادة دور مصر الإستراتيجى هو البديل والخيار لما يتم إليه من إستهداف المنطقه من قبل القوى الإقليميه المحيطه بالمنطقه .

وهذا البديل ليس مجرد منحه ، بل تجسيدا لما تملكه مصر من كل عناصر القوة الشامله ، فمصر لديها أكبر وأقوى جيش في المنطقه.فهذه الدور وهذه الإمكانات تناولها العديد من الكتاب والتي كلها تتفق على ان مصر نقطة إرتكاز إستراتيجى ومنطقة القلب الإستراتيجى للمنطقه.كما أشار لذلك هالفورد ماكيندر صاحب نظرية القلب الجغرافيه بقوله: أن موقع مصر في الشرق الأوسط هو بمثابة نقطة إلإرتكاز للمنطقه وأنها تشكل منطقة القلب الإستراتيجى .وكما قال كيسنجر لا حرب بدون مصر ، فدورها في الحرب والسلام كل لا يتجزا. وهذا قد يفسر لنا هدف إسرائيل ومعها الولايات المتحده لإخراج مصر من معادلة الحرب التي شاركت في كل الحروب التي شهدتها المنطقه.

وكان الهدف الأبعد إخراج مصر من المنظومة العربيه وهو ما فشلت فيه فعلا.والفرضية الرئيسه التي تقوم عليها المقاله أن إستعادة هذا الدور هو الخيار كما أشرنا للمشاريع ألإيرانيه ومحاولة بإيران إحياء حلم الإمبراطوريه الفارسيه على حساب المنطقه وأيضا المشروع العثمانى بإحياء حلم الإمبراطورية العثمانيه ولا ننسى الحلم الصهيوني بإقامة دولة إسرائيل الكبرى والت لا تقتصر على فلسطين فقط.

والسؤال هل يعيد التاريخ نفسه ؟ ويتكرر نفس السيناريو الذى شهدناه في عهد محمد على عندما تقدمت القوات المصريه لتقترب من الحدود التركيه وليقيم دولة مصر الكبرى.وحملاته التاريخيه 1811-1818 على الجزيرة العربيه و1818 على اليمن و1820 السودان ودور الجيش المصرى في إخماد الثورة اليونانيه ضد العثمانيين وكيف عملت الدول الكبرى بريطانيا وفرنسا على وقف طموحات محمد على .

هذا السيناريو اليوم له جانبان :الأول ان سيناريو الدول الكبرى لم يعد قائما بفضل نجاح السياسة المصرية في عهد الرئيس السيسي وإقامة علاقات إستراتيجيه متنوعه مع كل الدول الكبرى بدءا بالولايات المتحده وروسيا والصين والعلاقات المتميزه مع فرنسا والمانيا واليونان  وهذا إعتراف بدور مصر وقوتها ومكانتها ونجاح سياستها.

اما الجانب السلبى الأخر الذى يقف في وجه قوةمصر ومكانتها إيران وتركيا ولا نستبعد إسرائيل ، وهذه القوى ليس من مصلحتها ان ترى مصر القوية القادره على تقليص إمتداد نفوذها في المنطقة بما لدى مصر من قدرات عسكريه قادره على تحقيق ألأهداف العربيه في قيام تحالف عربى قوى يحول دون توسع هذه الدول.

هذا الدور توفرات له رؤيه وطنيه غير متسرعه من خلال العمل أولا على بناء الدولة القويه في الداخل ، بناء القوة الإقتصاديه والعسكريه ومظاهر النجاح في إعادة بناء مصر الدولة والجمهورية الجديده كثيره وبإعتراف كل المنظمات الدوليه، ولهذا النجاح يعزى توجه الدول الكبرى كلها نحو إقامة علاقات مع مصر.

ولعل أبرز مظاهر هذه السياسه حضور مصر على مستوى المنطقه كلها وحضورها القوى لكافة القمم التي تشهدها المنطقه وآخرها قمة بغداد .التى هدفها إعادة ترتيب أولويات المنطقه والعمل على وقف أي إمتداد للدول الإقليميه ، وسياستها النشطه في كل ملفات وقضايا المنطقه. ولعل من أبرز مظاهر حضور هذا الدور في الأزمة الخليجيه وقمة العلا ومحاولة إنهاء الأزمة الخليجيه والتي لعبت مصردورا مهما ومحوريا في إنهاء هذه الأزمة ، وهذا من خلال تبنى سياسات موضوعيه وعقلانيه تقوم على إحترام مصالح الدول مع الحفاظ على مصالح مصر العليا، وإنتزاع إعترافا من قبل كل الدول ان البديل العربى من خلال إحياء دور وإستعادته إستراتيجيا ، واليوم نرى صور ومبادرات كثيره لإحياء مقاربات لتكامل وتحالفات عربيه تجمع دولا مهمه كالسعوديه العربيه والإماارت والأردن والسودان, وهذا تجسده لقاءات القمة المتعدده بين مصر وقادة هذه الدول.

واما على مجال القضية الفلسطينية فدور مصر محورى وإستراتيجى سواء على جانب العلاقة مع غزه والحفاظ على حالة التهدئه وإعادة إعمارها ورفع الحصار ، وكانت مصر الدولة المبادرة ألأولى التي ساهمت في إزالة ألأنقاض التى تركتها الحرب الأخيرة على غزه بدخول الآليات المصريه وتدفع السلع الإستراتيجيه من مصر لغزه ودورها في محاولة إنهاء الإنقسام والمساهمة بخمسمائة مليون دولار في عملية إعادة الإعماروالجانب الآخر على مستوى القضية الفلسطينية ودعم السلطه الفلسطينيه وعلاقات القمه بين الرئيسين، والضغط في إتجاه إسرائيل للقبول بقيام الدولة وإنهاء الصراع.

من هذا المنظور الواسع تبدووالخيار الحاجة الماسه لإستعادة هذا الدور الإستراتيجى وإستعادة قوة مصر التي ستعيد للمنطقة العربية مكانتها وهيبتها كقوة عربيه يحسب حسابها من قبل القوى الإقليمية المستهدفه للمنطقه. ولا يتوقف هذا الدور عند هذه الحدود بل أهمية هذا الدور في التصدي للإرهاب والقوى المتشدده .

ويبقى دور مصر عامل النجاح لآى دور عربى .فى مواجهة الأطماع ألإقليمية في المنطقة .وإما البديل العربى الذى تمثله مصر وإما البديل الغير عربى .