Bye Bye PLO
نشر بتاريخ: 2022/02/24 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 15:48)

أي وداعا لمنظمة التحرير.. ‏جملة قالها السيد بريجنسكي ‏مستشار الامن القومي في ‏إدارة الرئيس جيمي كارتر.‏

ذلك حين طُلب من منظمة ‏التحرير الالتحاق الرسمي ‏والعلني بمعسكر التسوية، ‏وكان مفتاح الالتحاق ‏الاعتراف المباشر بقرار ‏242‎‏.‏

لم يكن طلب الاعتراف ‏مجرد خطوة سياسية أقدمت ‏عليها الإدارة الأمريكية بل ‏كانت تشريعًا اتخذه ‏الكونجرس ما يجعل التراجع ‏عنه دون تحقيق الشرط ‏المحدد مستحيلًا، وكان ‏هينري كيسنجر هو عراب ‏هذا التشريع.‏

دهن ياسر عرفات جلده ‏بالزئبق، اذ لم يكن قادرًا ‏على الاعتراف بقرار لا ‏يأتي على مجرد ذكر ‏الفلسطينيين وحقوقهم ‏السياسية، كما لم يكن قد قطع ‏الأمل باعتراف أمريكي به ‏وبمنظمته، وفي ذلك الوقت ‏لجأ عرفات إلى حجة وجد ‏من يتفهمها ولكن خارج ‏أسوار المؤسسات الأمريكية، ‏إذ اقترح تعديل القرار كي ‏يوافق عليه غير أن فقهاء ‏قرارات الأمم المتحدة ‏وخصوصًا ما يصدر منها ‏عن مجلس الأمن أبلغوه ‏باستحالة التعديل بل إن ‏استصدار قرار جديد يلبي ما ‏يطلب أو ما هو قريب منه ‏سيكون على صعوبته ‏الأقرب منالًا.‏

في تلك المرحلة السياسية قال ‏بريجنسكي قولته الشهيرة.. "لقد ألقينا بالصنارة للمنظمة ‏ولم تلتقطها فوداعا منظمة ‏التحرير".

ظلت المنظمة تحاول تفادي ‏الاعتراف بالقرار 242، ‏وفي ذات الوقت تطلب من ‏الوسطاء الوازنين العمل ‏على الحصول على اعتراف ‏أمريكي ولو موارب ‏بالمنظمة، إلا أن كل ‏المحاولات باءت بالفشل فمن ‏يكسر قرار الكونجرس من ‏أجل منظمة تقف إسرائيل لها ‏بالمرصاد على جميع أبواب ‏المؤسسات الأمريكية وفوق ‏ذلك تتهم بالإرهاب. ‏

لم تتحقق مقولة بريجنسكي ‏إلا على صعيد واحد هو عدم ‏الاعتراف الأمريكي ‏بالمنظمة، إلا أن الذي حدث ‏فعلًا آنذاك ان المنظمة كبرت ‏وكبر دورها ووصل العالم ‏بما فيه أمريكا وحتى ‏إسرائيل إلى يقين باستحالة ‏تجاوزها اذ لم يجد كل ‏خصومها فلسطينيًا أو عربيا ‏واحدًا يخترق تمثيلها للشعب ‏الفلسطيني او يدعي شرعية ‏النطق باسمها. ‏

عوامل قوة المنظمة ‏وصمودها وتجاوزها "لباي ‏باي بريجنسكي" كانت قوية ‏وفعالة على كل المستويات ، ‏ورغم أنها خسرت حرية ‏حركتها في جميع جغرافيات ‏المواجهة مع إسرائيل الأردن ‏ثم لبنان فسوريا، إلا أنها ‏انتقلت بكفاءة إلى مواقع أكثر ‏رسوخًا في الجغرافيا ‏السياسية ما أهلها لأن تغلق ‏كل الدوائر الإقليمية والدولية ‏لمصلحة تمثيلها لشعبها ‏والتفاوض باسمه، وحين فتح ‏ملف الحل السياسي في ‏مدريد ثم واشنطن جرت ‏تسوية لمسألة المشاركة فيها ‏تحايل على مكانة المنظمة إذ ‏منحت حق القرار في كل ‏حركة وسكنة للوفد المفاوض ‏وسلب منها حق الحضور ‏المباشر .‏

كان الجزء الأول من ‏المعادلة الجديدة ترضية ‏لياسر عرفات والجزء الثاني ‏ترضية لإسحق شامير، غير ‏أن ما حدث في مدريد وما ‏حدث فيما بعد في واشنطن ‏من استبعاد للمنظمة كتمثيل ‏مباشر، فتح الباب الخلفي ‏الذي غير مجرى التاريخ ‏الفلسطيني والمسمى بأوسلو ‏حيث منظمة التحرير هي ‏المفاوض المباشر وحيث ‏ياسر عرفات ومحمود عباس ‏من ظهرًا أخيرًا في البيت ‏الأبيض لرعاية وتوقيع ‏الاتفاق. ‏

منذ ذلك الوقت بدأ العد ‏التنازلي المتسارع لمكانة ‏ودور منظمة التحرير ‏وأغدق العالم على السلطة ‏المستجدة التي كانت المولود ‏البكر ناقص الأعضاء ‏كتجسيد أولي "للتسوية ‏التاريخية"، وانتقل الزخم ‏موضوعيًا بل وحتميًا للسلطة ‏الممولة من العالم كله. ‏

لم ينجح أهل السلطة ‏والمنظمة في إيجاد التوازن ‏المطلوب والضروري بين ‏الجسم المستجد والجسم القديم ‏، خصوصا وان اهل ‏الجسمين هم أنفسهم هنا ‏وهناك. ‏

الدعم والتبني الدولي الشامل ‏الذي توفر للسلطة المستجدة ‏جعل منظمة التحرير مجرد ‏غلاف شرعي للسلطة، إذ لم ‏يكن زمن أوسلو غيرها من ‏هو موجود للتفاوض وتوقيع ‏التفاهمات والاتفاقات، وحين ‏تكرست السلطة في البدايات ‏بدا وكأن لم يعد للمنظمة من ‏دور سوى توفير بعض ‏الشرعية للسلطة ليس دائما ‏ولكن عند الحاجة. ‏

آلت الأمور أخيرًا إلى ما ‏نحن فيه… شرعية معترف ‏بها من الخصوم والأصدقاء ‏على حد سواء، ومكانة ‏متلاشية على صعيد الفعل ‏والقرار وهذا ما حدث ‏بالضبط مع منظمة التحرير ‏وعلاقتها الفعلية بالشأن ‏الفلسطيني واسألوا اللجنة ‏التنفيذية للتأكد. ‏