خاص بالفيديو|| صالح عاشور.. طفل فقد بصره وأمله في العودة انتهى
نشر بتاريخ: 2019/03/17 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 15:35)

غزة||   رصاصة متفجرة أطلقها قناص إسرائيلي حاقد، دخلت شظاياها من فوق أذنه اليُمنى، وخرجت من عينه اليُسرى صورته هزت مشاعر كل من رآها، تمامًا كما اغتيال الطفل الشهيد محمد الدرة في بداية انتفاضة عام 2000 والآلاف غيرهم من الأطفال الذين أعدمتهم قوات الاحتلال بدم بارد علي مرأى ومسمع العالم بأسره وكالعادة لا أحد يحرك ساكنًا.

عام من السواد القاتم

الطفل صالح عاشور ابن الـ 17 ربيعًا من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة انتهي به المطاف فاقدًا للبصر، بعدما أدخلته رصاصة القناص الإسرائيلي إلى ثلاجة الموتى.

تواصلت "الكوفية" مع الطفل عاشور، وروى لها تفاصيل الإصابة التي تعرض لها: "كنت أقف وسط خيام مخيمات العودة في منطقة البريج وسط القطاع حين بدأ جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص بشكل جنوني شعرت للحظة أن كُتلة من النار قد اشتعلت في وجهي وحينها سقطت علي الأرض فاقداً للوعي لأستفيق واجدًا الدنيا قاتمة السواد".

وأضاف: "بعين واحد، رأيت غرفة لا يوجد بها أحد سواي، والسواد يخيم علي المكان لأبدأ في الصراخ، وحين حضر أحد الأطباء أخبرني أنى في مستشفي الشفاء لكنه لم يسألني عن اسمي أو هويتي كل ما قاله إنه تم نقلي إلي المستشفي نتيجة إصابتي على السياج الفاصل وأن الإسعاف أحضرني إلي المستشفي لتلقي العلاج ومن هول ما سمعت دخلت في غيبوبة لأستفيق علي أهلي حولي".

أمل العودة انتهى

الطفل عاشور، أوضح لـ "الكوفية" أنه أُصيب خلال المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال قرب السياج الفاصل علي حدود قطاع غزة ظهر يوم 14 مايو من العام الماضي، حيث فتحت نيران أسلحتها الرشاشة علي المتظاهرين الذين كانوا يحيون ذكري النكبة الفلسطينية.

وأضاف عاشور، أنه ذهب في هذا اليوم إلي الحدود، للمشاركة بالفعاليات، إلا أنه عاد فاقدًا لأي أمل بالعودة إلى هناك مجددًا، حيث فقد بصره بشكل كلي.

وتابع:"أكثر ما اشتاق إليه أن أنظر إلى وجه أمي وأن أرى أبي وإخواني وجيراني، من حقي علي قيادة هذا الوطن أن أتلقي العلاج اللازم".

وناشد صالح، كافة المسئولين أن يعتبروه كأحد أبنائهم ويوفروا لي تحويله بتغطية مالية ليتمكن من العلاج في أي مكان كي يستطيع إكمال دراسته وتأسيس حياة كباقي البشر فهو فقد بصره أثناء دفاعه عن أرضه ووطنه.

من ثلاجات الموتى إلى مستشفى الشفاء

ثلاث أيام مروا بصعوبة شديدة، أو كما وصفتها والدة المصاب صالح عاشور لـ "الكوفية" (أيام مرارتها كمرارة العلقم)، لا يمكن للعائلة نسيانها، أثناء البحث عن الطفل صالح عاشور، إلا أن علامة صغيرة في يده اليمني دلتنا عليه في غرفة العناية المركزة بمستشفي الشفاء في مدينة غزة.

وأوضحت أم يوسف: "عانينا للوصول إلى معلومة عن وضع صلاح، فلم يتبين لنا إذا كان على قيد الحياة أو أنه استشهد، فلذة كبدي قلبي الصغير الذي يمشي علي الأرض بحثت عنه في ثلاجات الموتى لم أفقد الأمل بأن أجده، ولم يتسلل اليأس إلي قلبي لكي أستكين، ولما وجدته ورأيت حالته تمنيت لو أني مت قبل أن أري ابني بهذه الحال".

وأضافت: "بحثت عنه في العناية المركزة وبين المصابين والشهداء ذهبت إلي السياج الحدود سالت أصدقائه عنه ووجدته في النهاية يحمل اسم غير اسمه وعائلة غير عائلته".

إهمال طبي جسيم

أم يوسف، أكدت لـ "الكوفية" أن ابنها تعرض لإهمال طبي كبير، حيث لم يتم عرضه علي طبيب عيون إلا بعد 5 أيام واصفةً وضعه حين رأته، بأن "الدم كان ينزف من عينه وأنه فقد عينه الثانية نتيجة الإهمال الطبي علي الرغم من وجود فرصة لإنقاذ عينه الثانية بنسبة 50%".

وأشارت، إلى أنها ووالد صالح، حاولا الحصول علي تحويلة طبية لابنهما ليتلقي العلاج في الخارج، وناشدوا الجميع لذلك، وقد "من الله عليها باستجابة الملك عبد الله ملك الأردن لمناشدتها وتم سفر صالح مع والده إلي الأردن وهناك تم استئصال عينه وإخراج الشظايا التي استقرت بالقرب من المخ وقاموا بتنظيف الالتهاب الناتج عن الإصابة ليعود صالح الي غزة بعد أسبوعين فاقداً للبصر".

رحلة علاج فاشلة

وتروي أم يوسف لـ "الكوفية" الرحلة الشاقة لعلاج ابنها صالح، حيث أنه وبعد عودته ووالده من الأردن إلي غزة، تواصلت معهم إحدى المؤسسات الخيرية وعرضت عليهم العلاج في تركيا بأحد المشافي الحكومية على أن تكون تكلفة السفر علي نفقتهم الشخصية.

وقالت: "وافقنا على العرض، واستدان والد صالح، من الأهل والأقارب لتوفير تكلفة السفر وحين وصلوا تركيا فوجئوا بأن المشفي لا يوجد به أية إمكانيات كما أنه لا يشتمل على تخصص العيون فضلًا على أنه "لا يرتقي لمستوي عيادة صغيرة".

وأضافت: "قررا العودة من تركيا، ولكن بسبب الأوضاع المضطربة في غزة مكثا في مصر الشقيقة وتوجها إلي المستشفي الوطني المصري للعيون، الذي يختص بعلاج حالات مثل حالة صالح، إلا أن "عدم توفر تحويله طبية لديهم منع علاج ابنهم، حيث أن تكلفة العملية قُدرت بـ 14 ألف دولار أمريكي وهو المبلغ الذي لم يستطيعوا توفيره وتأمينه، لذا قررا العودة إلى غزة".

وطلبت الأم من "الكوفية" أن توصل مناشدتها لكافة المسئولين، بضرورة الوقوف بجانبهم في علاج صالح، خاصةً مع تردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع.

واختتمت: "زوجي أحد عمال "إسرائيل" العاطلين عن العمل ولا يوجد لدينا مصدرًا للدخل وأثقلت الديون كاهلنا وابننا بحاجة إلي علاج ذو تكلفة عالية جدا وهو حق له علي كل المسئولين".