في موقف اعتبر إشارة سياسية مهمة، أكد بيان الهيئة العليا لمسيرات كسر الحصار يوم 26 أبريل 2019، على ضرورة تطبيق قرارات المجلس المركزي منذ عام 2015، فللمرة الأولى يتم التعاطي إيجابا مع قرارات محددة وواضحة، من هيئة تشارك فيها حركتي حماس والجهاد، حيث لم يسبق لهما تحديد موقف واضح من قرارات المجلسين الوطني والمركزي، والخاصة بالعلاقة مع دولة الكيان.
إشارة يمكن لها ان تؤسس لصياغة موقف شامل يستند الى تلك المسالة الفلسطينية، حيث تشمل عناصر رئيسية لبرنامج سياسي موحد في مواجهة المشروع الأمريكي – التهويدي، برنامج يمثل سلاحا هاما في معركة بدأت ولا تزال.
خلال لقاء "متحدون ضد صفقة ترامب" في غزة يوم 27 ابريل 2019، تقدمت حركة حماس من خلال رئيسها إسماعيل هنية بتصور سياسي للمرحلة المقبلة، يمكن اعتباره خطوة متقدمة قياسا بما كان منها في الشهر الأخيرة، حيث أكدت بوضوح أنها لن تقيم أي هيئة موازية لمنظمة التحرير، مع تشكيل حكومة وحدة وطنية سياسية بامتياز، والعمل للاتفاق على برنامج سياسي موحد مستند الى الاتفاقات السابقة، والاستعداد الى لقاء وطني عام بمشاركة فتح والرئيس محمود عباس في غزة أو في مصر.
ما اشارت له حماس، يمثل انعطافه تستحق التفاعل معها، وعدم البقاء في دائرة تفسير "النوايا"، التي لن تنتج أي فعل مساعد يساهم في حركة التصدي للمخطط المعادي، مع كل الملاحظات التي يمكن الإشارة لها نحو حماس سلوكا وممارسة ومواقف لا تمنح "الثقة العامة"، لكن المسالة تفرض خروجا من دائرة الشك الوطني الى الحراك الفاعل.
تصور حماس ليس برنامجا سياسيا متكاملا، بل هو عناصر لبرنامج، يمكن العمل على صياغته والاتفاق عليه، خاصة وأنها لم تضع "فيتو" مسبق على أي من عناصر الرؤية المستقبلية وتلك بادرة هامة، فحماس كانت تضع الاستثناء شرطا، وهو ما غاب عما تقدم به رئيسها إسماعيل هنية.
لعل لقاء غزة "متحدون" اقتصر على "جانب استعراض كلامي"، لم يتقدم بعناصر مشتركة أو تصور مشترك لمبادئ يمكن لها ان تمثل مساهمة عملية في دفع قوة الحراك المطلوب، وبعيدا عن "الذرائعية" التي تلجا لها بعض الفصائل تبريرا لعجز أو قصور، يمكن متابعة ذلك بتشكيل لجنة مصغرة تعمل على التوصل الجاد – المسؤول مع الأطراف التي لم تكن حاضرة، شخصيات وتيارات وفصائل، ولرسم مسار عملي لكيفية التعامل مع مقرحات تناثرت في كلمات ومتحدثين.
بلورة آلية للحراك القادم هو ضرورة لا بديل ها، كي لا تستمر حركة التحاور وتبادل الأفكار عبر وسائل الإعلام، ومسبقا يجب رفض أي لقاء ثنائي بين فتح وحماس تحديدا، لأن المسالة لم تعد حصرا بهما، وبعد ان تأكد انهما العقبة وليس الحل، وتجارب الماضي منذ 2006 وحتى تاريخه كتبت فشلا غير مسبوق فيما ذهبت اليه الحركتين، آلية يجب ان تكون مشتركة متفق عليها، تعمل على صياغة مشروع – برنامج يشمل:
الرؤية السياسية المنبثقة من قرارات المجلسين الوطني والمركزي حول فك الارتباط بدولة الاحتلال بكل جوانبها، والتحلل الكامل من اتفاق اعلان المبادئ (أوسلو) وما نتج عنه لاحقا، واستعادة التوافق الذي حدث في لقاء بيروت يناير 2017، لبناء شراكة سياسية متكاملة في الدولة والمنظمة.
وضع آلية لتطبيق ذلك ليس بضمان مصري فحسب، بل بشراكة مصرية عملية خاصة في ملفات الأمن المتشابكة، (الداخلي والاجنحة العسكرية للفصائل وسلاحها)، ومعها توفير بيئة ضامنة في قطاع غزة كي تكون قاعدة الانطلاق التغييري العام.
تحديد المفاهيم السياسية للبرنامج الوطني، حيث هناك التباسات لا يجوز أن تستمر، مثال الانتخابات والبرلمان، الدولة والسلطة والمنظمة... رؤية يجب حصرها فقط بين الدولة والمنظمة لانتهاء دور السلطة الوطنية ومهامها الانتقالية.
خطوة عملية أكثر قيمة من خطابات كثيرها يحتاج الى "خطابات تفسيرية" مرفقة معها.
ملاحظة: ما أقدم عليه إعلام حماس الحزبي من قطع البث عن كلمة ممثل حزب الشعب، وتجاهل هنية تقديم واجب العزاء لأحد قياداته يمثل موقفا سلبيا لم يعد يليق...الحقد لن ينتج "شراكة سياسية"، درس "عرفاتي" يجب ان تدركوه جيدا!
تنويه خاص: الجرائم الجنائية تأخذ بعدا جديدا في قطاع غزة، مسالة تستدعي من حماس ان تناقشها باعتبارها مسألة اجتماعية تتنامى وليس عملا "فرديا"، فالجريمة مركبة ولها أوجه متعددة!