غزة: أكد المختص بشؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، اليوم الثلاثاء، أن الاعتقالات الإسرائيلية للفلسطينيين لم تتوقف يومًا، ولم تأخذ شكلًا واحدًا، بل سارت بشكل متعرج ومورست بأشكال عدة، وأضحت جزءًا من حياة الفلسطينيين اليومية، حيث لا يكاد يمضي يوم واحد إلا وتُسجل فيه اعتقالات، وقد سُجل منذ نكبة عام 1948 أكثر من مليون حالة اعتقال شملت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني، ذكورًا واناثًا، صغارًا وكبارًا".
وأضاف،" لم تعد هناك بقعة في فلسطين التاريخية إلا وأقامت عليها سلطات الاحتلال سجنًا أو معتقلًا أو مركز توقيف، وجعلت منها أماكن للتعذيب والقمع والقتل أحيانًا".
وأوضح فروانة،" أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهجت الاعتقالات سياسة، واعتمدتها منهجًا وسلوكًا يوميًا ثابتًا في تعاملها مع الفلسطينيين، وانتهجتها وسيلة للعقاب والانتقام، وأحيانًا للإذلال والاهانة، أو للضغط والمساومة، وأصبحت تلك الاعتقالات جزءًا أساسيًا من منهجية الاحتلال في السيطرة على الشعب الفلسطيني، والوسيلة الأكثر قمعًا وقهرًا وخرابًا للمجتمع الفلسطيني".
وأكد فروانة،" على أن المرحلة التي أعقبت النكبة عام 1948 وحتى الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، كانت هي الأكثر خطورة وإجرامًا وقسوة وبشاعة بحق المعتقلين الفلسطينيين والعرب، وتميزت الاعتقالات في تلك المرحلة، بأنها كانت اعتقالات جماعية وعشوائية".
وأشار فروانة،" إلى أن سلطات الاحتلال كانت تزج الناس في معسكرات اعتقال يشرف عليها أعضاء من منظمات "الأرغون" و"شتيرن" و"الهاغاناة"، الأمر الذي يوضح طبيعة المعاملة القاسية والسيئة التي كان يتلقاها الأسرى بداخلها، إذ اتصفت بالعنف والتعذيب الجسدي، وكانت النهاية المحتومة لأغلب الأسرى والمعتقلين في تلك الفترة، هي القتل والدفن في مقابر جماعية، ودون علم ذويهم، الذين اعتبروهم في ذاك الوقت في عداد المفقودين، وفقاً لروايات وشهادات من نجوا من الفلسطينيين".
جاءت تصريحات فروانة هذه في بيان أصدره اليوم الثلاثاء (14-5) وتناقلته وسائل الأعلام في الذكرى الـ 71 للنكبة عام 1948.
وكشف،" أن قوات الاحتلال قامت في تلك الفترة بدفن معتقلين ومواطنين، جرحى وعزّل، وهم أحياء في حفر صغيرة وكبيرة بعضها حفر خصيصًا لهذا الغرض، وهذه تشكل جرائم انسانية، اذ تعتبر عمليات التصفية والإعدام خارج نطاق القانون، انتهاكًا لمعايير حقوق الإنسان وبشكل خاص الحق في الحياة".
وأوضح فروانة،" أن تلك الفترة مازالت غائبة - إلى حدٍ ما- عن سجلات تاريخ الحركة الأسيرة، فعندما يعكف الباحثون على توثيق هذا التاريخ، تراهم يستهلونه من بداية الاحتلال عام 1967، ثم لا يتم التطرق إلى هذه المرحلة الهامة، بما تستحقه. وما زال ذلك اليوم الذي توثق فيه كل هذه الجرائم المقترفة بحق المعتقلين الفلسطينيين والعرب خلال تلك المرحلة ينتظر القدوم".
ودعا،" المؤسسات المعنية بقضايا الأسرى وحقوق الإنسان ومراكز الأبحاث والدراسات والتوثيق، ووسائل الإعلام المختلفة، إلى العمل الجادّ والحثيث من أجل توثيق تجربة الاعتقال بكافة مراحلها وأشكالها، وما صاحبها من انتهاكات جسيمة وجرائم فظيعة، وايلاء الفترة الممتدة من النكبة عام 1948 وحتى استكمال احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967 الأهمية التي يجب أن تستحقها مع ضرورة كشف الحقائق التي واكبت تلك الفترة والفظائع والجرائم التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين والعرب خلال تلك المرحلة".