مثير للضحك جداً، التسجيل الصوتي وفيه حديث غازي حمد وطاهر النونو، عن اللحمة وكيف سرقها المتوضئون بالأصالة عن أنفسهم وعن حركتهم الربانية، في شهر الكرم والرحمة. ذلك لأن الحوار يخرج عن خط الأكاذيب المتقنة، ويدخل في لعبة المكاشفة، وفي غوايات استعاراتها وتوظيفاتها الجهادية!
من جماليات الحوار الشيق، أنه يقترب مؤنساً، من كل اليومي في تجربة هؤلاء القوم، وتتبدى جلية وبغير أقنعة وضاعة نفوسهم. فإن كان السطو على شاحنات الدقيق والسكر والأغطية، يغيظ وليس فيه ما يسلي ويبعث على الضحك، وإنما يخلق لدى الناس إحساساً بالقرف؛ فإن سرقة اللحم الحلال، بمنطق الإباحة الشرعية، ظريف ولطيف ويفتح باب الدعابة والفكاهة...
إبن عمي حسن يعشق اللحم، وربما يتبسم له أكثر مما يتبسم لعزيز، ويرى مؤخرة الخاروف أعز شأناً من سحنة ابن عمه. هو يسعى دائماً لأن تكون حصته معتبرة، من كل ذبيحة، لكنه ــ بالطبع ــ لا يسرق، ولا يطالب بحصة من سارقي أضحية واحدة.
فهو لا زال يعرف أن السرقة حرام. فمن ينتشي بحصة كبيرة من لحم مسروق، مثلما شهد شاهد من أهلها في الشريط، مأواه جهنم وبئس المصير. وهو في الدنيا، نصاب ينتحل صفة ذوي الفضل الإيماني الذي أدخل الإسلام الى غزة، ثم تطاولت يده على كل شيء. لقد وصلت الوضاعة بهذا الأنموذج الإسلاموي الى درجة عدم التعفف عن طلب حصة معتبرة من لحوم الأضاحي التي سرقها إخوة في العقيدة، لكي يبيعها في السوق، بدل أن يتذوقها الحزانى المحرومون!
مصطلحات طريفة وردت في الشريط بلسان طاهر النونو: اللحمة تبدلت. الفضيحة مكلفة دفعنا للتغطية عليها 30 مليون شيكل. اضطررنا لتبديل اللحم في إفطار الصائم، لكي تعالج البقرة خطأ الخاروف، ونظفر بالستر وطرد الفضيحة!
ولا يهمك يا طاهر.. مستورة ... ليحفظكم الله ويبعد عنكم شر المصائر التعيسة كمصير البشير... رمز الإيمان السوداني الذي نزلت في عهده بركات الدكتوراة للنابغين في السياسة وفي الحكم الرشيد.