لا نعرف هل بات الرئيس محمود عباس "سعيدا"، وهو يقرأ (افتراضا ذلك) عن ما يحدث من حالة أنهيار اقتصادي ومعيشي لقطاع غزة، شكاوي من كل فئات المجتمع، عدا "فئة ضالة" تدور في فلكه دون اي حس أو مسؤولية، إنهيار لم يعد سرا، تضج به كل وسائل "اعلام الحديث"، وباتت ملامحمه خارج القدرة على الصمت، بعد أن تحولت "فئة" اصابها القهر والطحن الاجتماعي لتبحث عن قوتها اليومي وأطفالها في حاويات "القمامة"..
بالتأكيد، ان البعد الرئيسي لما وصل اليه قطاع غزة من إنهيار حقيقي يكن أولا، وهنا العار الأكبر، في إجراءات من يسمي نفسه رئيس الشرعية الرسمية، ويجول في كل مكن متنعما بميزاتها، مستفيدا الى أبعد حدود الفائدة، هو واسرته ومقريبة وحواريه من تلك "الميزة"، التي أنتجت له "ربحا وفيرا" وأصابت الشعب الفلسطيني وقضينة بمصائب بلا عدد..
اجراءات عباس ضد قطاع غزة، كانت تبحث عن كسر شوكة أهلها مقدمة لفرض حل سياسي غير وطني، ضمن ما يتم ترتيبه علانية لخلق واقع يجبر أهل قطاع غزة قبول أي "حل" يمكن أن يكون "خلاصهم" من كارثة انسانية كبرى، وباتت المسألة غاية في الوضوح، تركيع الى الحد المطلق لفرض حل تصفوي لجوهر القضية الوطنية، الذي بدأ الحديث به وفيه وكشف بعضا منه، امين سر تنفيذية منظمة التحرير صائب عريقات، الذي له شريط مسجل منذ زمن، يتهم عباس بأنه المعرقل الأول لملاحقة اسرائيل دوليا، والعقبة الرئيسية أمام انتقال فلسطين من مكانة لأخرى..
وليست تصريحات مستشار الأمن "القومي" لدولة الكيان" غيورا آيلند عن الدفع بإقامة "دولة حماس" في قطاع غزة، سوى جزء من الخطة التي يعد لها عمليا منذ خروج شارون ن قطاع غزة عام 2005، وكان يعلم تفاصيلها عباس قبل أن يتم تنصيبه "رئيسا" للسلطة بعد أن تم تمهيد الطريق له، بإغتيال الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات، خلال اللقاء الذي جمع عباس بشارون صيف 1995 في مزرعة مجرم الحرب بالنقب..
متابعة كل ما يحدث نحو قطاع غزة، ليس سوى دفع نحو "الإنهيار الكلي"، وإغلاق كل السبل أمام أهله تحت حصار لا تعرفه أي منطقة سكانية في العالم، ولعل التساؤل الأهم، كيف لهذه المجموعة البشرية لديها كل هذه القدرة من التحمل، بين حصار شامل، وأرهاب سياسي خاص، تمارسه حركة حماس عبر أجهزتها الأمنية، دون أن يرفعوا "الراية البيضاء"، لأي من محاصريه وقامعيه..
الضغط المركب، بين حصار شامل وخنق حريات متواصل، بات جزءا من منظومة تتبلور باشكال متباينة للقبول بـ"إدارة سياسية منفصلة في قطاع غزة"، مبادرات متلاحقة، مستغلة الجوع والحصار والترهيب، لخلق وقائع يرى فيها "الغزي" مخرجا مما اصابه طوال سنوات، تعاظمت منذ قرارات عباس "البحرانية" أبريل 2017..
المخطط الأمريكي يتحدث عن "دولة غزة"، والكيان يعمل ليل نهار لتحقيق "الحلم الصهيوني" في بناء ذلك، وكانت رسالة آيلند هي الأكثر وضوحا، عباس يتحدث عن لا دولة في غزة، لكنه يفعل كل شي ممكن لكي تكون هي "الخيار"، فيما ب نشطت مؤخرا أوساطا في حماس، مستغلة الحصار للترويج لـ"إدارة غزة المستقلة"..
يمكن لأي مسؤول من أتباع "البحبحاني محمود"، ان يدعي بغير ذلك، ويقول كل ما يمكن قوله، لكن واقع الحال السياسي - الإنساني في قطاع غزة، اكثر سطوعا من "تخاريف كلامية".. والفضيحة الأكبر، ان يخرج أحد وزراء حكومة عباس الغزيين، ليعلن بكل "فجور سياسي"، ان الوضع الاقتصادي في القطاع في وضع "ممتاز"، تصريحات أحالته الى موقع السخرية التي يستحقها..
لم نقف أمام قرار أمريكا بخصوص الأونروا، فما فعله عباس من اجراءات علنية وطلبه من سلطات الاحتلال بحصار قطاع غزة، حتى يركع، كان عاملا رئيسيا في قرار إدارة لم تجد سوى الخنوع السياسي من ممثل "الرسمية الفلسطينية"..
قريبا وجدا، سيصبح ما قاله "البحبحاني" "يخرب بيتك يا ترامب"، هو التعبير المتداول لأهل قطاع غزة، "يخرب بيتك يا عباس"..فإنتظرها!