من المهم لقيادة الخارج في "حماس"، التي يمكن أن تواجه في الأشهر القريبة القادمة انتخابات داخلية لجميع مؤسسات الحركة، أن تعرض إنجازات وطنية تعزز مكانتها داخل الحركة، وأمام حركة "فتح".
واذا تم خروج القرارات، التي تم اتخاذها في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، برعاية محمود عباس، إلى حيز التنفيذ بشأن إنشاء قيادة وطنية موحدة تقوم بصياغة أساليب المقاومة الشعبية ضد إسرائيل وإنشاء جسم يبلور برنامج م.ت.ف من جديد، فإن قيادة الخارج في "حماس" يمكن أن تحقق عدة أهداف مهمة. الأول هو الشرعية العربية والدولية من خلال عضويتها في م.ت.ف، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. الثاني هو تعزيز مكانتها السياسية في الحركة امام خصمها في قيادة الداخل، يحيى السنوار والذراع العسكرية. والهدف الثالث هو تحسين صورتها في نظر الشعب الفلسطيني، وزيادة استعداده للتجند للمقاومة ضد إسرائيل.
حتى الآن لم تنجح "حماس" في استكمال الانتقال من منظمة "إرهابية" إلى لاعب سياسي.
في أيار 2017، بعد سنوات على الانقسام وضياع الأمة العربية والشعب الفلسطيني، نشرت وثيقة سياسية حدّثت فلسفة نضالها، وعرضها مشعل بديلا معتدلا ومعقولا للمقاربتين الأساسيتين السائدتين في المنطقة: المقاربة التي تشجع التطرف الديني، العرقي والطائفي، وتؤدي إلى سفك الدماء (داعش والمنظمات السلفية الجهادية المتطرفة). والمقاربة التي تؤيد الاستسلام للإملاءات الخارجية (السلطة الفلسطينية).
عرض صائغو الوثيقة نشطاء "حماس" كمقاتلي حركة تحرر وطنية، لكنهم أضافوا حلما عمليا ومتواضعا اكثر لدولة فلسطينية مستقلة في حدود حزيران 1967. واستبدلوا غطاء الحرب الشاملة ضد اليهود والمعارضة لمبادرات السلام الدولية بخطاب نضال سياسي إلى جانب الكفاح المسلح – ضد الاحتلال الصهيوني وليس ضد اليهود – لكنهم لم ينجحوا في إقناع المجتمع الدولي وإسرائيل بأنهم تغيروا حقا.
على خلفية فشل السلوك في غزة وفي رام الله في مواجهة خطة الضم، وفي حل الأزمة الاقتصادية التي ازدادت مع اندلاع وباء "كورونا"، واحترام حقوق الإنسان، وضع خالد مشعل في تموز الماضي وثيقة، بوساطتها أمل في إقناع الحكومة في رام الله والحكومة في غزة بالتصالح. حسب رأيه، يجب عليهما بلورة نموذج مقاومة سياسية وقانونية إلى جانب الكفاح المسلح، وأن يلقى على عاتق م.ت.ف إدارة النضال الوطني وعلى الحكومة في رام الله والحكومة في غزة إدارة الحياة اليومية.
وهو يعتقد أنه يجب عرض المشكلة الفلسطينية كمشكلة إنسانية، وتعميق التراجع الذي بدأ في المشروع الصهيوني، وإقناع الشعوب العربية بأن الكيان الصهيوني يمنعهم ويمنع الفلسطينيين من النجاح في نضالهم من اجل الحرية والعدالة والعيش بكرامة. لذلك، يجب عليهم دعم النضال الفلسطيني.
استقال مشعل من رئاسة المكتب السياسي لـ "حماس" في 2017، لكنه واصل نشاطه السياسي وتعزيز علاقاته مع زعماء العالم في إطار استراتيجية طويلة المدى يمكن أن تحوله إلى مرشح له احتمالات جيدة لتولي وظيفة رجل دولة في الساحة الفلسطينية.
ولكنه يحتاج الى قوات تؤمن به، وعليه إقناع المجتمع الدولي بأن وجهته هي السلام.
حتى الآن هو لا يحظى بشعبية كبيرة في استطلاعات الرأي العام في القطاع وفي الضفة الغربية. وهو يعتبر شخصا يسعى إلى التنعّم في الملذات.
مثل قادة فلسطينيين آخرين، سيكون من الصعب عليه إيجاد شباب يرغبون في التضحية بحياتهم في النضال ضد إسرائيل.
هؤلاء بدؤوا يفكرون بأنه ربما يجدر تبني فكرة الدولة الواحدة، كلما تضاءلت احتمالية إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات نظام ديمقراطي نقي من المحسوبية والفساد.
لقاءات العاروري وهنية مع حسن نصر الله، وزيارتهم، مؤخرا، لمخيمات اللاجئين في لبنان، جزء من استعراض القوة لقيادة "حماس" الخارج أمام خصومها في قيادة الداخل في غزة وأمام خصومها في "فتح".
بالنسبة للأوائل هذه رسالة بأن "حماس" يمكنها بناء بنية عسكرية قوية بديلة في لبنان، بمساعدة "حزب الله".
وللأخيرين هذا توضيح بأنه انتهى عصر سيطرة "فتح" على مخيمات اللاجئين وعلى م.ت.ف. هذا النظام السياسي الذي فيه الكثير ممن يدعون بالأحقية في التمثيل، وفيه الكثير من الحسد وصراعات القوى داخل الحركات فيما بينها، يبدو أنه سيواصل كونه مقسما وغير مستقر.
عن "هآرتس"