أصبح عهد ترامب من ذمة التاريخ. لو كنت بنيامين نتنياهو ماذا كنت سأفعل الآن؟ كنت سأستخدم قناة سرية من أجل أن أنقل طلباً للرئيس المنتخب، جو بايدن، للالتقاء به في أقرب وقت ممكن. في ذلك اللقاء كنت سأشرح له بأنني قررت استغلال انتخابه من أجل أن أعرض أمامه كيف سأرى العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، على خلفية التغييرات التي ستجرى في العالم عموماً، وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. كنت سأبدأ بالقول إن الولايات المتحدة، زعيمة العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مضطرة لمواصلة هذا الدور. إذا تمسك بالسياسة الانفصالية لـ «أميركا أولا» فإن قيادة العالم ستنتقل إلى قوى سلطوية ستنهي النموذج الديموقراطي الليبرالي وقيمه.
العالم الحر دون الولايات المتحدة لن يستطيع مواجهة الصين وروسيا في تشكيل القرن الـ21، ولن يكون العالم ما كان عليه. دون قيادة الولايات المتحدة فإن العالم الحر أيضاً لن يستطيع أن يواجه وحده دولتين عظيميين إقليميتين في الشرق الأوسط - إيران وتركيا - الأولى ثيوقراطية إسلامية شيعية، تندفع نحو الحصول على قدرات نووية عسكرية، والثانية تحطم الثورة العلمانية لأتاتورك وتعود بخطوات ضخمة إلى العهد الإمبريالي لتركيا العثمانية، مع التأكيد على إسلام أكثر تطرفاً.
إزاء هذه التهديدات فقد فتح شباك للفرص، لتشكيل حلف ثلاثي في الشرق الأوسط، يعرف كيف يواجه أيضاً الدول العظمى العالمية، وكذلك الدول العظمى الإقليمية.
يجب أن يرتكز هذا المحور على الولايات المتحدة، والسعودية وإسرائيل، وسينضم إليه خلال حركته أيضاً الأوروبيون والدول الإسلامية المعتدلة.
إن تحسين العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، الذي يجري أمام أنظارنا، من شأنه أن يُستخدم رافعة للدفع قدماً بهذه الاستراتيجية.
إذا تبنى الرئيس بايدن هذه الفكرة، فإن إسرائيل ستكون مستعدة للمساهمة في الدفع بها قدماً، بحيث تعلن أنها تقبل بالمبادرة السعودية (والتي تم تبنيها من قبل الجامعة العربية) في سنة 2002، كمسودة للمفاوضات لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
ستحتاج الولايات المتحدة لتتبع إزاء السعودية «سياسة واقعية»، في كل ما بتعلق بتوقعاتها منها في مجال الدمقرطة.
المحور الأميركي - السعودي - الإسرائيلي سيشع قوة عسكرية اقتصادية وقيمية، وسيحظى بدعم العديد من دول العالم الحر. تستطيع إسرائيل أن تحل أخيراً النزاع من الفلسطينيين من موقف قوة وإرادة ومصالحة مع العالم العربي.
كأمة ناشئة تستطيع إسرائيل أن تستنفد حتى النهاية التعاون مع العالم العربي، كما أن جوّا من السلام سيمكن من توزيع أكثر عدالة ونجاعة للثروة القومية ونقل دولة إسرائيل إلى نادي الدول الاسكندنافية، سويسرا وهولندا.
هل تبدو هذه الأمور خيالية؟ ربما، ولكن البديل الذي أراه هو أكثر سوءاً بكثير.
ستواصل إسرائيل السير في مكانها، وستتحول إلى «يهودستان» (هذا المصطلح ليس مني ولكن سُمح لي باستخدامه).
«هآرتس».. الايام
*رئيس «الموساد» الأسبق.