التطبيع: لا وقت للبكاء على الأطلال
نشر بتاريخ: 2020/12/12 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 11:38)

على سبيل السخرية من الغافل والأبله والبليد نقول أن "فلان ضُرب خمسون صفعة على غفلة"، لكن في السياسة يصبح الموضوع سذاجة وابتذالًا. نعم، لقد انهار جدار التضامن العربي بلغة ومنطوق القرن الماضي، الذي كان ضمن ركائز قوة روايتنا، وثوابت وهمنا القائم على فكرة أن العالم سيرهن مشاكله على إيقاع حركتنا وسيبقى عداوته ومقاطعته لدولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الأبد، وأنه لا تطبيع قبل قيام دولة للفلسطينيين على جزء من أرضهم.
أما وأن مسلسل التطبيع مستمر، ولا دلائل على وقفه، أو أن الإدارة الأمريكية الجديدة والمجتمع الدولي، ستغير من هذا المسار أو أنها لن تعتبره إنجازا تاريخيا، ومقاربة جديدة لقواعد الصراع الذي لا ينتهي، وعلى أهمية ضرورة المراجعة وتوزيع المسؤولية عن هذا الانحطاط، إلا أن هذا ليس وقته، فالسياسي العملي، لا يكتفي باللطم والبكاء على الأطلال، والتطبيع في العلاقات الدولية وبين الخصوم والأعداء وتغليب المصالح الخاصة على المبادئ هو سمة عامة، يبحث صاحب المصلحة والمسؤول وطنيا عن الفرص التي توفرها الأزمات وحتى الكوارث، ولا يكتفي بلعب دور الضحية.
الارتباك الذي تعيشه القيادة الفلسطينية بعد تطبيع المغرب لعلاقتها بإسرائيل، لم يعد مقبولا، وبيانات الشجب والاستنكار التي دبجتها فصائل المنظمة تدعو للرثاء، وتدل على أن السلطة ومنظمتها وفصائلها يعيشون خارج الزمن وفقدوا اللياقة السياسية. التطبيع ليس كارثة، ولا زال بيد الفلسطيني أوراق قوة من غير السهل تجاوزها، أولها أن نصف سكان فلسطين التاريخية لا زالوا على ارضهم، والعالم يدرك أنه لا حل بدون إنصاف الفلسطينيين، بالحرية والكرامة.
 لفلسطين وقضية شعبها عمق في الوجدان والثقافة والوعي العربي، وهو ما ينبغي الرهان عليه وتعزيز فكرة العدالة والحق في المجتمعات العربية والعالم.

بصراحة لا أخشى التطبيع العربي الرسمي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل أعتبره فرصة جديدة لشحذ الهمم والعودة لاستخدام اليات ووسائل نضالية جديدة للحفاظ على روايتنا.
نحن الذين نعيش في المجتمعات الغربية نشهد يوميا تحولا في مواقف القوى والمجتمعات لصالح عدالة قضيتنا، ودون جهد يذكر منا لا كسفارات ولا جاليات منقسمة.
السياسة الحصيفة تقتضي تحركا نشطا من قبل المؤسسة الفلسطينية الرسمية تجاه كل الدول العواصم دون استثناء، المطبعة أو التي تنتظر، وكذا تنشيط الدبلوماسية الناعمة الشعبية والثقافية نحو العالم العربي.,
أخيرا صياغة خطاب فلسطيني عملي يبدا أولا من مؤتمر للعقل الفلسطيني وليس لعجائز ومعوقي السياسة الفلسطينية
.