النظام السياسى الإسرائيلي نظام برلماني بحكومة إئتلافية مسؤولة أمام البرلمان الهيئة الوحيده التي يتم إنتخابها في الظروف العادية كل اربع سنوات. والنظام السياسى الإسرائيلي يتسم بسمات خاصة أهمها تعدد الأحزاب السياسية ما بين كبيره وصغيره تفوق الثلاثين في أي انتخابات،تزايد دور الشخصانية ودور القائد الفرد، وإنغماس العسكريين في السياسة بعد التقاعد .
ولا شك ان الانتخابات لم تعد في السياسة الإسرائيلية آلية لتشكيل الكنسيت فقط ومن ثم الحكومة ولكنها باتت آليه وأداة ضغط في يد حتى أصغر الأحزاب في أي إئتلاف حكومي ، ويعزى هذا لغياب ظاهرة الأحزاب الكبيرة القادرة على تشكيل حكومات بأغلبية برلمانية مرتاحه في الوقت الذى زاد فيه دور الأحزاب الصغيرة ، وحيث ان الحكومة تحتاج لثقة الكنيست بأغلبية البسيطه و61 صوتا ،فيكفى صوتا واحدا لإسقاط أي حكومة.فما بين عامي 2019و ومارس 2020 شهدت إسرائيل ثلاثة انتخابات، وهى ذاهبة لإنتخابات رابعه في غضون شهور قليله قد تتم في يونية 2021.وست انتخابات في غضون عشر سنوات.وهذه الانتخابات قد ينظر إليها من منظورين إيجابى وسلبى.
فريق يرى فيه قوة للنظام الديموقراطي وقوة نظامها السياسي وثبات مؤسساتها السياسية ،وليس بقدرة أي نظام سياسى تحمل تداعيات وتكلفة ثلاثة انتخابات في غضون اقل من سنتين . وفريق آخر يرى عكس ذلك أن هذه الانتخابات تعكس ظاهرة عدم الاستقرار السياسى وتزايد أعراض وهن نظامها البرلماني والإنتخابى ، وأيا كانت صحة اى من الرأيين ، تبقى الانتخابات آلية للخروج من أزمات التحالفات الحكومية الهشة ، .
والإنتخابات الرابعة متوقعه منذ اليوم اليوم لتشكيل التحالف الحكومى بين الليكود وأزرق أبيض بزعامة غانتس الذى وعد في حملته الانتخابية أنه لن يذهب لأى تحالف مع الليكود.والسبب المعلن لهذه الانتخابات عدم التصديق على الموازنة العامة لسنتى 2020 و2021.والحقيقة أبعد من ذلك وتتعلق بشخصية نتانياهو وعدم تنازله عن رئاسة الوزراء ، وان يجد نفسه في المقعد الخلفى لغانتس, وهو الذى يسعى لأن يحطم كل فترات من سبقوه في رئاسة الوزراء وعلى رأسهم بن غوريون.والإتفاق الذى عقد بين الحزبين هو أقرب لإتفاقات الضرورة . وحسب الإتفاق بينهما يتم تدوير رئاسة الوزراء مع غانتس. وتقييد سلطة رئيس الوزراء في التعيينات المهمة .والسبب الآخر عجز الحزبان على تشكيل حكومة بأغلبية مريحة ، وسبب آخر رغبة نتانياهو تفادى محاكمته بتهم الفساد والرشوى طالما بقى فى منصب رئيس الوزراء.والمفارقة السياسة كيف لحزب أزرق أبيض وهو مكون رئيس في الحكومة ان يصوت لحل الكنيست والذهاب لإنتخابات رابعه رغم تراجع شعبيته.
وفى الوقت ذاته لا يخفى نتانياهو مصلحته في الذهاب لهذه الإنتخابات فهو يريد ان يحمل مسؤوليتها لغانتس وحزبه، وثانيا يرى ان الظروف تعمل لمصلحته من حيث زيادة عدد الدول العربية التي تعقد معاهدات سلام آخرها المغرب، ووصول اللقاح لمواجهة الكورونا،وفوز بايدن بالرئاسة وخسارة حليفه ترامب، وتزايد التهديدات الإيرانية والخوف من العودة للإتفاق النووى. وإعتقاده انه لا بديل له في رئاسة الوزراء.
والسؤال ما الجديد في هذه الانتخابات؟ وما تداعياتها السياسية وخصوصا على المسار الفلسطيني العربى ؟ المتعارف عليه في السياسة الإسرائيلية أنها إمتداد لسياستها الخارجية أي ان المؤثرات والتحولات السياسية الخارجية تلقى بظلالها على أي إنتخابات، وهذه الانتخابات تأتى بعد إنتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية وفوز بايدن الديموقراطى وخسارة ترامب كأقوى حليف، وتأتى في ظل موجة من التطبيع العربى لم تكتمل بعد، وفى ظل تخوفات من عودة أمريكا للإتفاق النووي الإيراني وزيادة التهديدات الإيرانية في اعقاب إغتيال عالم الذرة الإيراني خيرى محسن زاده وإتهام إسرائيل.
هذه الانتخابات تأتى أيضا وهذا ما يجعلها تكرارا لما قبلها في زيادة التوجهات اليمينية المتشددة وزيادة دور قوة المستوطنيين والأحزاب التي تقف ورائهم. ولعل أبرزالتغيرات خروج ساعر من حزب الليكود وتشكيله حزبا يمينيا جديدهمما سينعكس على تراجع عدد مفاعد الليكود. الثابت في هذ الانتخابات أن إسرائيل تعانى من أزمة قياده ، وانه قد لا يوجد بديل لنتانياهو في رئاسة الوزراء وهذا ما تؤكده إستطلاعات الرأى التي تسبق الانتخابات.
ولا شك ستشهد الخارطة السياسة الحزبية كثير من معالم التغير والتحول إبرزها قوة حزب ساعر وإمكانية حصوله على ما يزيد عن عشرين مقعدا مما قد يجعله في المركز الثاني بعد الليكود، وهذا يعنى إمكانية تشكيل حكومة يمينية مريحة، إذا ما أضفنا حزب هاتوراه وشاس وحزب يمينا بقيادة بينت مما قد يعنى إمكانية الحصول على سبعين مقعدا. ومن التحولات السلبية إمكانية تراجع قوة القائمة العربية المشتركة بسبب الخلافات الداخلية إلى إحدى عشرة مقعدا.
وتراجع واضح لحزب أزرق أبيض إلى ستة مقاعد، وأيضا حزب بيتنا بقيادة ليبرمان.وإذا ما نجح نتانياهو وهذا الإحتمال الأكبر بالفوز في الإنتخابات القادمة فسيسجل له أنه الأول والأوحد الذى جلس على كرسى رئاسة الوزراء. وهو ما يعنى ثبات وإستمرارية في السياسة الإسرائيلية سواء على صعيد تطبيع العلاقات العربية او في التعامل مع الإدارة ألأمريكية الجديده ، وعدم توقع إختراقات كبيره على مسار التفاوض الفلسطيني وكل ما يمكن تصوره زحزحة هذه المفاوضات وتحسينات على مستوى الجقوق الاقتصادية والمالية والأمنية ، بعبارة أخرى تحسين وضع السلطة الفلسطينية .
ما زالت إستطلاعات الرأي تقدم نتانياهو كاقوى مرشح لرئاسة الوزراء. وتبقى التوقعات حول شكل الحكومة القادمة والتي لن تخرج عن سيطرة وهيمنة اليمين عليها بتركيبتة الغالبة وتراجع لليسار والوسط.
وزيادة وتيرة الإستيطان وتثبيت حالة ألأمر الواقع .ولا شك ان نسبة الحسم وهى ثلاثة وربع ستمكن سبعة أحزاب من تجاوزها، وستحفاظ ألأحزاب اليهودية المتطرفة الحريدية على عدد يتراوح على 17 مقعدا، واما ميرتس فقد يص لستة مقاعد.والنتيجة الحتمية سيخرج منها نتانياهو رئيسا اقل قوة وأكثر ضعفا.وسيبرز تحالف جديد ثلاثى نتانياهو بينت ساعر.ولن تكون الانتخابات الخامسة بعيده للتنافس والوصول لمنصب رئيس الوزراء.