كشفت مصادر مطلعة لوكالة «بلومبيرغ» عن مشاورات أميركية مكثفة مع حلفاء دوليين لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة خلال الشهر المقبل، في إطار مساعي واشنطن لتعزيز تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
وأفادت المصادر بأن الولايات المتحدة وحلفاءها يعيدون إحياء فكرة المؤتمر في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى ضخ زخم جديد في مسار التهدئة، بعد تعثرات متكررة شابت تنفيذ الاتفاق. وجرى تداول اسم واشنطن كموقع محتمل لاستضافة المؤتمر في وقت مبكر من الشهر المقبل، إلى جانب مواقع أخرى من بينها مصر، مع تأكيد المصادر أن النقاشات لا تزال جارية.

مجلس السلام وحكومة انتقالية في غزة
وبحسب أحد المطلعين، يُرجح أن يُعقد المؤتمر عقب استكمال تشكيل «مجلس السلام» المنصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في أكتوبر الماضي، والذي أنهى جولة القتال بين إسرائيل وحماس، على أن يتولى المجلس الإشراف على حكومة انتقالية في غزة.

تحركات دبلوماسية إقليمية لدعم الاتفاق
وفي هذا السياق، أجرى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لقاءات مع مسؤولين من مصر وتركيا وقطر في ولاية فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع، لبحث آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. وأكد ويتكوف، في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن مشاورات إضافية ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

خطة السلام ذات النقاط العشرين
ويأتي المؤتمر المرتقب ضمن جهد أوسع للحفاظ على زخم «خطة السلام ذات النقاط العشرين» التي أعلنها الرئيس ترمب عند توقيع اتفاق الهدنة. وتنص المرحلة الأولى من الخطة على وقف القتال وتأمين الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، فيما تتناول المرحلة الثانية ترتيبات حكم طويلة الأمد في غزة، تشمل نزع سلاح حركة حماس وتشكيل قوة دولية لتثبيت الاستقرار.
تحديات تنفيذ المرحلة الثانية
وحتى الآن، لم يتم تشكيل «مجلس السلام»، كما لم تُنشأ «قوة الاستقرار الدولية»، وسط اعترافات أميركية بصعوبة التحديات. وقال آفي مايرستين، مؤسس ورئيس «تحالف السلام في الشرق الأوسط»، إن حجم التعقيدات كبير، وعدد المتطلبات اللازمة لإنجاح العملية «لا يمكن التقليل من شأنه».
مؤتمر مصري أُلغي ومخاوف دولية
وكانت مصر قد أعلنت في وقت سابق عن مؤتمر لإعادة إعمار غزة كان مقررًا عقده في نوفمبر الماضي، إلا أنه أُلغي لاحقًا دون توضيح رسمي. وذكرت تقارير صحفية أن دولًا أبدت رغبة في المشاركة لكنها طالبت بضمانات تحول دون تكرار تدمير القطاع.

واشنطن: الوضع غير قابل للاستمرار
من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن الوضع الراهن «غير قابل للاستمرار»، مشددًا على وجود شعور متزايد بالإلحاح للانتقال إلى المرحلة الثانية، داعيًا إلى الإسراع في تشكيل مجلس السلام والكيان الفلسطيني وقوة الاستقرار الدولية.
وتسلّط هذه التحديات الضوء على تبعات نهج إدارة ترمب القائم على «دبلوماسية العناوين العريضة»، الذي حقق اختراقات سياسية مهمة، لكنه ترك تفاصيل تنفيذية عالقة، مقارنة بنهج إدارة جو بايدن التي لم تنجح في تثبيت اتفاق دائم.

لقاء مرتقب بين ترمب ونتنياهو
وفي السياق ذاته، أشار ترمب إلى أنه «من المرجح» أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الجاري، دون إعلان رسمي من البيت الأبيض حتى الآن.
قوة الاستقرار الدولية ومشاركة الدول
وتُعد مهمة تنظيم «قوة الاستقرار الدولية» أحد الأدوار المحورية لمجلس السلام. وأفادت مصادر مطلعة بأن أكثر من 30 دولة أبدت اهتمامها بالمساهمة في هذه القوة، عبر إرسال أفراد أو تقديم معدات وتدريب.
وأعربت دول مثل باكستان وتركيا عن استعدادها المبدئي للمشاركة، غير أن إسرائيل أبدت تحفظات، باعتبارها صاحبة القرار النهائي. وحذّرت باربرا ليف من أن إصرار إسرائيل على «حرية عمل كاملة» قد يثني الدول عن إرسال قواتها.

نزع سلاح حماس: العقدة الأصعب
وفي ظل هذه التعقيدات، أقرت واشنطن بأن المرحلة الثانية ما تزال تفتقر إلى إطار واضح، لا سيما في ما يتعلق بتشكيل مجلس السلام، وإنشاء قوة الاستقرار الدولية، ونزع سلاح حماس، الذي يُعد من أصعب ملفات المرحلة.
وفي هذا الإطار، تعمل المملكة المتحدة على إعداد مقترحات لنزع سلاح حماس مستندة إلى تجربتها في إيرلندا الشمالية، مع التركيز على الأسلحة الثقيلة، وسط تحذيرات من أن نجاح هذه الخطة مرهون بتفاهم سياسي شامل لم يتحقق بعد.