تتجه أسعار الغذاء إلى الانخفاض التدريجي في معظم الاقتصادات المتقدمة خلال العام المقبل، لكن سرعة هذا التراجع ومداه ستختلف من دولة إلى أخرى، وسط استمرار ضغوط قوية في كندا، وفقًا لتقرير تحليلي استند إلى مذكرة بحثية صادرة عن مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس".
ويشير التقرير إلى أن التضخم الغذائي، الذي يُعد أحد أكثر مكونات التضخم حساسية لدى الأسر، شهد ارتفاعًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة في اليابان والمملكة المتحدة وكندا، مسهمًا بشكل غير معتاد في دفع معدلات التضخم الكلي، بينما بقي أكثر استقرارًا نسبيًا في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.
وبحسب البيانات، بلغ معدل التضخم الغذائي في اليابان 6% خلال نوفمبر/تشرين الثاني، مسهمًا بنحو 60% من إجمالي التضخم، ما يعكس اختلالًا واضحًا في بنية الضغوط السعرية. وفي كل من المملكة المتحدة وكندا، سجل التضخم الغذائي 4.2%، مسهمًا بنحو 20% من التضخم الكلي في بريطانيا و30% في كندا، وهو ما يشير إلى وزن أكبر للغذاء في ميزانية الأسر ويحدّ من تأثير انخفاض أسعار بنود أخرى.
في المقابل، بقي التضخم الغذائي أكثر اعتدالًا في الولايات المتحدة عند 2.6% وفي منطقة اليورو عند 2.4%، وهو ما يعكس اختلافات في سلاسل الإمداد وأسواق العمل والسياسات الحكومية بين الاقتصادات المتقدمة.
ويضيف التقرير أن جزءًا من ارتفاع أسعار الغذاء خلال عام 2025 يعود إلى زيادات سابقة في أسعار السلع الزراعية العالمية، والتي تنتقل آثارها إلى المستهلكين بعد فترات زمنية طويلة بسبب طبيعة العقود وسلاسل الإنتاج. كما ارتفعت أسعار لحوم الأبقار والقهوة بشكل حاد نتيجة اضطرابات مناخية واسعة، أدت إلى ضعف المحاصيل وانخفاض أعداد الماشية، ما انعكس مباشرة على أسعار التجزئة.
غير أن هذه العوامل العالمية لا تفسر بالكامل استمرار التضخم الغذائي المرتفع في اليابان والمملكة المتحدة وكندا، إذ تلعب العوامل المحلية دورًا مهمًا، مثل مواسم الحصاد الضعيفة، وارتفاع معدلات الوظائف الشاغرة في قطاع الغذاء، وموجات الجفاف الشديد. كما ساهمت بعض السياسات الحكومية في زيادة الضغوط السعرية، مثل رفع الحد الأدنى للأجور في اليابان وزيادة مساهمات التأمين الوطني في بريطانيا.
وتتوقع "كابيتال إيكونوميكس" أن ينخفض تضخم أسعار الغذاء في معظم الاقتصادات المتقدمة إلى نحو 2% بحلول نهاية عام 2026، بدعم من تراجع أسعار السلع الزراعية واستقرار تكاليف الإنتاج، فيما تبقى كندا الاستثناء الأبرز، إذ يُرجح أن يظل التضخم الغذائي قرب مستوى 4% بسبب تعافي أسعار المنتجين الغذائيين وبقاء آثار الجفاف، مما يجعل الغذاء مصدر ضغط تضخمي رئيسي في البلاد خلال العام المقبل.