ثلاثة عوامل أثرت على مسار الربيع العربي، وتحكمت بنتائجه، وإن اختلفت درجة تأثيرها من بلد إلى آخر وهي:1 - حراكات الاحتجاح الشعبية، 2 - الجيش، 3 - التدخل الدولي.
في بعض البلدان العربية تم إسقاط أنظمتها بقوة التدخل الأجنبي المسلح: العراق وليبيا، والبعض الآخر تم تغيير قياداتها كما حصل في تونس ومصر والجزائر واليمن، واستبدالها استجابة للحراك الاحتجاجي، وبقرار من الجيش، وبموافقة القرار الدولي ورضاه، والاستثناء الوحيد الذي فشل في تغيير النظام تم في سوريا، رغم الحراك الاحتجاجي، ولكن الجيش السوري بقي متماسكاً مع رأس النظام، والقرار الدولي انقسم إلى معسكرين: 1 - المعادي للنظام وهم الولايات المتحدة وأوروبا والمستعمرة الإسرائيلية وتركيا وبعض الأطراف العربية، 2 - والمؤيد للنظام السوري والداعم له وهم روسيا والصين وإيران، وبقي الصراع إلى اليوم بسبب صمود النظام وعدم حسم النتائج.
فلسطين لم تكن الاستثناء عن الربيع العربي، فالقرار الدولي لعب دوراً مركزياً في تحديد مسار السلطة الفلسطينية، في المرة الأولى حينما فرضت على الرئيس الراحل ياسر عرفات استحداث منصب رئيس الوزراء بهدف تقليص صلاحيات ابو عمار وتحجيم دوره، وتعيين محمود عباس رئيساً للحكومة، والمرة الثانية حينما فرضوا الحصار على الرئيس الراحل، ومنعوا الاتصال به من أي طرف عربي وانتهاء باغتياله ورحيله.
الاحتجاجات المتعددة من قبل شرائح فلسطينية ضد الاحتلال من طرف، وضد قيادة السلطة في رام الله من طرف آخر، لم تصل إلى مستوى انتفاضة شعبية، وكذلك حصار قطاع غزة من قبل الإسرائيليين من طرف، وتسلط حركة حماس منذ انقلاب حزيران 2007 من طرف آخر، لم تصل إلى انفجار احتجاجي جماهيري رغم حركة «بدنا نعيش» التي بدأها شباب تم قمعهم وتفتيت صفوفهم.
على خلفية الاخفاقات، توصل طرفا المعادلة الفلسطينية إلى تفاهم ومن ثم إلى اتفاق يتوسل تقاسم الوظيفة في الإدارة والسلطة والمؤسسة، عبر وسيلة الانتخابات التي تم اعتمادها من قبل الطرفين فتح وحماس، وهو خيار لا فرار منه فرضته الأطراف الإقليمية والدولية، وتأثيرها على الطرفين.
الأطراف الدولية عملت على دعم هذا المسار عبر سلسلة من الخطوات:
أولاً اجتماع رباعي في القاهرة بين وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا ومصر والأردن يوم 11/1/2021.
ثانياً اجتماع اللجنة الرباعية الدولية وهم الأمم المتحدة، روسيا، أوروبا، والولايات المتحدة، يوم 15/2/2021،على مستوى المندوبين.
ثالثاً اجتماع الدول المانحة AHLC، يوم 23/2/2021، برئاسة النرويج بمشاركة 30 دولة ومنظمة لدعم اقتصاد فلسطين وبناء مؤسساتها ودعم الانتخابات.
اجتماع المكتب السياسي لحركة حماس يومي 23 و24 شباط 2021، ناقش مختلف القضايا السياسية في ظل الاستعداد لإجراء الانتخابات وأبرز ما خلصت إليه حركة حماس:
1 - تمسك الحركة بمسار الشراكة، وتحقيق الوحدة، وإنهاء الانقسام، وبناء النظام السياسي الفلسطيني الجديد.
2 - تثمين للجهود المصرية، وللدور التركي والقطري والروسي في تذليل العقبات، للتوصل إلى ما تم في اسطنبول والدوحة والقاهرة.
وحصيلة ذلك أن المراجع الإقليمية والدولية، وافقت على هذا المسار وعملت على نجاحه، رغم وجود التباينات والخلافات والاجتهادات بين الأطراف الفاعلة الفلسطينية والإقليمية والدولية، ولكن القواسم المشتركة فرضت النتائج المرسومة، التي عبر عنها غير مرة جبريل الرجوب وصالح العاروري مفاوضي الطرفين.
الانتخابات التشريعية ستعزز الشراكة لدى مؤسستي المجلس التشريعي والمجلس الوطني وما ينبثق عنهما، والانتخابات الرئاسية ستعزز مكانة الرئيس محمود عباس المرشح المتفق عليه، فالصفقة الاتفاق بين فتح وحماس تستهدف:
1 - تجديد شرعية الرئيس وإعادة انتخابه.
2 - مشاركة حماس في مؤسسات الشرعية، والباقي تفاصيل ثانوية ليست ذات طابع استراتيجي جوهري.