رام الله: يوافق، اليوم السبت، ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، بعد أن أقرّه المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974، خلال دورته العادية، في السابع عشر من أبريل/ نيسان، يوما وطنيا لتوحيد الجهود والفعاليات لنصرتهم، ودعم حقّهم المشروع بالحرية.
واختير هذا التاريخ، للاحتفال بيوم الأسير، كونه شهد إطلاق سراح أول أسير فلسطيني محمود بكر حجازي، في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
وأقرت القمة العربية العشرين أواخر مارس/ آذار من العام 2008، في العاصمة السورية دمشق، اعتماد هذا اليوم من كل عام للاحتفاء به في الدول العربية كافة، تضامنًا مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في المعتقلات الإسرائيلية.
وتحل هذه الذكرى مع استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال قرابة 4500 أسير، بينهم 41 أسيرة، و140 طفلا، كما أن هناك 550 أسيرًا يعانون من أمراض بدرجات مختلفة، وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة، وعلى الأقل هناك عشرة أسرى مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (82 عاما)، وهو أكبر الأسرى سنّا.
ورغم ما يواجهه العالم من استمرار لانتشار الوباء، وبما يرافقه من تحديات، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي، صعّد من انتهاكاته وحوّل الوباء إلى أداة جديدة للتّنكيل بالأسرى الفلسطينيين.
شرف مقاومة المحتل
من جانبه قال المختص بشؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر عوني فروانة، إن الشعب الفلسطيني منذ زمن بعيد، أن مقاومة المُحتل، شرفٌ تعتز به الشعوب، وتتباهى به الأمم، وما من شعبٍ قاوم الاحتلال إلّا وانتصر.
مليون أسير
وأكد "فروانة" أنه في سياق مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال، قدم أرقاما خيالية من الأسرى والمعتقلين، ويُقدر عدد أولئك بنحو مليون فلسطيني، منهم 17 ألف من النساء، وأكثر من 50 ألف من الأطفال، هذا هو الإحصاء العام، مضيفا، "إلا أنّ ما يجب إدراكه أن خلف هذه الأرقام تكمن كثيرًا من الحكايات والقصص، وما يجب معرفته أيضاً أن تلك الاعتقالات لم تقتصر على المقاومين الفلسطينيين فقط، وانما شملت الكل الفلسطيني، حتى أضحت قضيتهم عنواناً بارزاً ومعلماً أساسياً من معالم القضية الفلسطينية، وجزءاً أساسياً من نضال حركة التحرير الوطني الفلسطيني".
وتابع، وفي حضرة يوم الأسير الفلسطيني وتسجيل هذه الأرقام الكبيرة، فمن الأهمية بمكان التأكيد على أنه إذا كان تحرير الأسرى والمعتقلين واجبا دينيا ووطنيا وانسانيا وضرورة جوهرية لتعزيز روح المقاومة، فان تثقيف المواطنين لمواجهة تداعيات الاعتقالات وآثارها يُعتبر واجباً ملحاً وضرورة حيوية لحماية المقاومة والتقليل من مخاطر الاعتقال. أما البحث عن كيفية مواجهة الاعتقالات التعسفية واليومية والعمل على وقفها أو الحد من تمددها وتصاعد أرقامها، بات ضرورة موضوعية لحماية المجتمع الفلسطيني من خرابها.
4500 أسير في سجون المحتل
وتحل ذكرى "يوم الاسير الفلسطيني" هذا العام وما يزال قرابة 4500 أسير يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينهم 140 طفلاً، و41 أسيرة، و440 معتقلا إداريا، دون تهمة أو محاكمة، و10 نواب سابقين، ومئات من الأكاديميين والكفاءات العلمية والرياضيين والقيادات السياسية والمجتمعة. وعشرات كبار السن وأكبرهم سناً الأسير "فؤاد الشوبكي" الذي يبلغ من العمر 81 عاما.
وتشير المعطيات الإحصائية الى وجود قرابة 550 أسير يعانون من أمراض مختلفة، منهم عشرات ظروفهم صعبة للغاية، حيث يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، كالسرطان والقلب والفشل الكلوي والشلل، وهؤلاء بحاجة الى رعاية طبية مناسبة وتدخل علاجي عاجل لإنقاذ حياتهم. كما وتشير إلى أن نحو 543 أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد "مدى الحياة" مرة واحدة أو عدة مرات، وأعلاهم حكما الأسير عبد الله البرغوثي، والذي صدر بحقه حكما بالسجن المؤبد 67 مرة.
كورونا والسجان الإسرائيلي
وأكد فروانة أن مناسبة "يوم الأسير" تحل هذا العام في ظروف استثنائية، حيث وحشية السجن وقسوة السجان وخطر "كورونا"، في ظل تردي الأوضاع الصحية داخل السجون وتصاعد عمليات القمع والتنكيل المنظمة من قبل السجان، والتخوف المشروع من خطر الاصابة بفيروس "كورونا"، والذي تفشى في المنطقة وتخطى جدران السجون وداهم الأقسام فأصاب نحو 368 أسيرا دون أن تتّخذ إدارة السّجون أيّ إجراءات لحماية الأسرى وضمان سلامتهم، ولم تقدّم لهم أدوات الوقاية والتّعقيم والتّنظيف اللازم، ودون تغيير يُذكر على كمية ونوعية الغذاء المقدم للأسرى، أو توفير احتياجات المرضى بما يساعدهم في تقوية المناعة ومواجهة "الوباء". كما ولم تُتخذ أي خطوة للأمام لمعالجة الاكتظاظ وتقليل الاحتكاك والمخالطة وضمان التباعد الجسدي، مما فاقم من معاناتهم ورفع درجة الخشية والقلق لديهم وعليهم في ظلّ استمرار الاستهتار الإسرائيليّ بحياتهم وصحّتهم، وتوقف زيارات الأهل والمحامين وانعدام آليات التواصل البديلة بين الأسرى وعوائلهم، مما شكّل عبئا إضافيا على الطرفين.
وتابع، إن أعداد المصابين المعلومة هي وفقا لرواية ادارة السجون الإسرائيلية التي نشكك بمصداقيتها ولا نثق بها، ولدينا الكثير من التجارب السابقة التي تؤكد على أنها أخفت من قبل الملفات الطبية للعديد من الأسرى، وكثيراً ما تكتمت ولم تفصح عن طبيعة الأمراض التي عانى منها بعض الأسرى المرضى، لذا فلربما تكون الأرقام أكبر من ذلك بكثير.
تحرك دولي
وأكد "فروانة" أن هذا يستدعي منظمة الصحة العالمية الى التحرك والضغط على سلطات الاحتلال وارسال وفد طبي دولي محايد لزيارة السجون الإسرائيلية والاطلاع عن كثب على حقيقة الأوضاع هناك وتقديم اللازم بما يضمن انقاذ الأسرى المرضى وحماية الآخرين من خطر الاصابة بالأمراض وبفايروس "كورونا".
كما ويتطلب منا جميعاً الارتقاء بمستوى أداءنا، وبذل كثير من الجهد الإضافي واللجوء إلى استخدام كافة الآليات الدولية وتوظيفها بما يكفل تفعيل أدوات المُساءلة والمحاسبة، من جانب، ويضمن إنقاذ الأسرى من قساوة السجن ووحشية السجان وخطر "كورونا" من جانب آخر.