اليوم الاثنين 11 نوفمبر 2024م
نتنياهو يعترف بمسؤولية "إسرائيل" عن تفجيرات "البيجر" بلبنانالكوفية نقل 19 مريضا من شمال غزةالكوفية مراسلنا: قصف جوي ومدفعي مكثف على حيي الزيتون والصبرة جنوبي مدينة غزةالكوفية تعذيب وأجساد منهكة.. كيف يتعامل الاحتلال مع أسرى قطاع غزة؟الكوفية أليات الاحتلال وقوات راجلة تقتحم نابلس من عدة محاور.. ماذا يحدث هناك؟الكوفية مدفعية الاحتلال تستهدف أرض أبو مهادي غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية بالفيديو// مثل كل شيء في غزة.. الحرب تدمر المستقبل الموعود لكرة القدمالكوفية بالفيديو// الطلبة العالقين في غزة يناشدون بتسهيل سفرهم للخارج لاستكمال مسيرتهم التعليميةالكوفية تطورات اليوم الـ401 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية مدفعية الاحتلال تجدد قصفها شمال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية إذاعة جيش الاحتلال: المجلس الوزاري المصغر سيناقش الليلة الملف الإنساني في قطاع غزةالكوفية تطورات اليوم الـ401 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية بالفيديو// الغالبية لا تستطيع الشراء.. غلاء فاحش وشح في البضائع يزيدان من معاناة سكان قطاع غزةالكوفية بالفيديو// إصابات واعتقالات خلال حملة عسكرية واسعة.. ماذا يحدث في محافظات الضفة؟الكوفية 8 شهداء وإصابات بهجوم إسرائيلي استهدف مبنى بالسيدة زينب بريف دمشقالكوفية حكومة نتنياهو تعمل على 38 مقترح قانون بينها "إصلاحات قضائية"الكوفية 3 إصابات برصاص الاحتلال في القدسالكوفية قصف مدفعي إسرائيلي متواصل على أرض أبو معلا غرب مخيم النصيرات وسط القطاعالكوفية 17 شهيدًا جثامينهم ملقاه في شوارع حي الجنينة شرقي مدينة رفحالكوفية إذاعة الاحتلال: إصابة عدة أشخاص بإطلاق صاروخ مضاد للدروع على بلدة المطلة في الجليل الأعلىالكوفية

غزة التي توزع دمها بين القبائل

10:10 - 14 يناير - 2022
أكرم عطا الله
الكوفية:

لن تتوقف دموع غزة التي تنهمر بلا حساب، فقد فاض القهر الممتد من اليابسة إلى البحر. لسنوات وهي تبكي ألمًا امتلأت به كل جرار الحزن ولسنوات وهي تبحث عن كسرة حياة يلقيها القدر من جدار سميك، كأنه يصدر عليها حكمًا بالإعدام البطيء وبلا استئناف، لكثرة ما ارتطم الحلم على أرصفتها حد الإدماء.
كأنها عقدت قرانها على العذاب الذي أصبح رفيق دربها وسيد رحلتها أينما يمّمت وجهها يأتيها الموت بحبل موجة حملت أبناءها للبعيد، أو قناص يجلس على أطرافها يصطاد أبناءها كأنه في رحله صيد، أو بطائرة مسحت ذاكرة نارها ولم تعد تعرف غير سماء هذه المنطقة البائسة وشوارعها وبيوتها ومخادع أطفالها، أو من بيروقراطية موظف تحويلات حالت دون الموت لطفل أو مستشفى يغلق بابه على الوجع أو فقر ينهش عظاماً باتت تبحث فقط عن خيارات موتها لأن خيار الحياة أصبح ترفاً يتباعد كلما أوغل الزمن حاملاً معه ما يكفي من الكوابيس.
أية بقعة تلك التي يمتد فيها الوجع كل هذه السنوات أو العقود وربما القرون كأنها منسية أو يتيمة بلا أب، أو كأن أسطورة العرافة التي جاءت تقرأ مستقبلها لحظة ميلادها وكانت الطفلة الشقية غزة تبكي وتحرك أيديها لتقتلع بحركة عفوية عين العرافة لتقول الأخيرة بغضب: «كوني معذبة للأبد».. وكانت...، ومن يتابع تاريخ هذه المنطقة الصغيرة يدرك أن ما يحدث فاق حدود المنطق في الصراعات والحروب والمآسي، كنت أظن أن أطول حصار كان على العراق والذي استمر اثني عشر عامًا، ولم أتخيل أن هناك منافساً للحزن لا يقبل أن يسبقه أحد، فكانت غزة تتربع على عرشه الدامي.
من يخلّص غزة من هذا البئر الذي لا قاع له وهي تهوي باستمرار، وكل عام يحمل من البؤس ما يجعل ما سبقه أقل وطأةً بما لا يقاس؟ من يرحم غزة التي تسير في درب الآلام بلا توقف، ويندلق فيها الحنين على الطرقات وفي البيوت وعلى صفحات «السوشيال ميديا» التي تطفح بوقائع وأحداث، كأن فيكتور هوغو يكتب الجزء المائة من روايته الشهيرة.
من يرحم غزة التي ظلمتها السياسة والتاريخ والجغرافيا، وكل واحدة من هذه كانت تصب غضباً على هذه البقعة الصغيرة التي باتت تحكمها «حماس» خارج أي اعتراف، وتمنى رابين أن يصحو فيجد البحر قد ابتلعها، وتتمنى السلطة أن غزة لو كانت خارج ولايتها، وتتمنى مصر ألا تكون غزة على حدودها. فقد تحولت إلى عبء ثقيل على كل هؤلاء وحتى إلى صداع على مائدة الرئيس الأمريكي.
غزة عبء على حركة حماس التي لا تستطيع حكمها وتحمل مسؤوليتها ومسؤولية أكثر من مليونين من البشر، عندما طردت السلطة دون أن تدرك تعقيدات السياسة، وبتجربة مريرة استمرت عقداً ونصف، وستستمر أكثر لأن الانقسام هدية اسرائيل، ولن تتركها «حماس» لأنها تعتبرها مستقبل الحركة بل ومستقبل جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها البقعة الأخيرة لأحد نماذجهم في الحكم، غزة عبءٌ على السلطة التي انطردت بالقوة وتتمنى أن تخلي مسؤوليتها بالكامل وتلقيها على أكتاف مالكها الجديد ليغرق أكثر، والمثير أن «حماس» تطالب السلطة بتحمل مسؤولياتها كأنها تطلب من خصمها اللدود إنقاذ التجربة، «حماس» فازت في الانتخابات، والسلطة تم طردها بالقوة المسلحة، وكلٌ معه الحق. وفقط هم أبناء غزة الذين تتجسد تجربة الصراع على جلودهم وأرواحهم، وحدهم من لا يملكون أي حق حتى حق الشكوى والأنين.
غزة عبء على مصر التي شاء قدر الجغرافيا أن تجاورها براً وبحراً، ومن العبث الاعتقاد أن مصر معنية بإنجاح تجربة الإسلاميين في هذه المنطقة وهم أبناء التنظيم اللدود للدولة المصرية. وهنا يتساءل الغزيون عن رحلة السفر وكل تلك المعاناة التي تستمر لأيام، عبءٌ على مصر ولكن في تخفيف هذا العبء ثمن سياسي فادح حين تجد القاهرة أن غزة أصبحت في حضنها، فتلك ذروة تحقق المشروع الإسرائيلي بإبعادها وإلقائها خارجاً، وما بين الحلم بتخفيف الإجراءات وبين خوف الساسة الغزيين أسرى قدر ثنائية الخسارات والعذاب.
غزة كابوس لإسرائيل، فهي التي انتجت الحركة الوطنية بشقيها العلماني والإسلامي «فتح» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»، ودفيئة الثورة وياسر عرفاتها، وتمعن يومياً في خنقها لتصفي معها حساب التاريخ الطويل في عملية أشبه بمسح دماغ الوعي أو كيّه، لأن تلك المنطقة تجرأت على المشاكسة، وهذا ذنبها الذي ظل يرافقها ويرافق أبناءها.
رحمةً بغزة، فقد بكى فيها الرجال وعشش الحزن في أزقتها، وأصبح الرثاء مهمتها اليومية من طلوع فجرها حتى المغيب، تتأهب لانتظار مأساة أو خبر مفجع لتفتح من جديد جرار حزنها التي لا تنغلق، فالبحر من أمامها والعدو من ورائها والحزن يحيط بها من كل الجهات، ولا مفر سوى الأنين بانتظار موت لديها فائض من أسبابه ما يكفي لتغطية مساحة تتجاوز فيها الجغرافيا الصغيرة والتاريخ الطويل. مَن المسؤول عن هذا؟ لا أحد، فقد توزع دمها بين القبائل.
من يرحم غزة من واقع شديد التعقيد وجد أبناؤها فيه أنفسهم أسرى صراعات أكبر من قدرتهم على التحمل، ولسنوات طويلة كانت تكفي لحرب عالمية وسلام عالمي، ولكنها لم تكن تكفي لحل أزمة غزة وإنهاء الانقسام، فأي عبث هذا؟ الأسوأ.. هناك بشر في غزة وآدمية تشبعت وحملت للمستقبل ما يكفي من الآلام، ولم تعد تحتمل أكثر، مَن ينقذ غزة من هذا الجحيم المركب والذي يتراكم كل يوم؟ لا أحد..! سوى أن تستمر في موتها الرحيم.. وبلا رحمة..!

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق