استقبلت "دولة الأبرتهايد" رئيسة مجلس النواب الأمريكي "العتيقة" نانسي بيلوسي استقبالًا نادرًا، وكأنها رئيس دولة وليست رئيسًا لمجلس تشريعي، حفاوة شخصية، لم يحض بها سابقيها يومًا.
بالتأكيد، لم يكن ذلك شكلًا مظهريًا، بل جاء رسالة شكر خاصة لما تقوم به تلك "الرئيسة" لحماية دولة العنصرية والتطهير العرقي، من موقعها لعرقلة كل ما يمكنه ملاحقة حكومات تل أبيب الإرهابية، على جرائم يحفظها السجل الوثائقي والإنساني، وتعتبر بيلوسي كـ "جدار واقي" للدولة المارقة على القانون، في أمريكا، وهي الأكثر تطرفا دعمها لتلك الدولة.
ولكن، ما لم يكن أبدًا، تخيله أو تقديره، أي كانت درجة التعصب الفكري، أو الغباء الفكري، فلا يهم كثيرًا، أن تذهب رئيسة مجلس نواب أمريكي تحت أي ظرف، لتعتبر أن "قيام إسرائيل" هو أهم حدث في القرن العشرين، رغم أن الأمم المتحدة لا تزال تحتفظ بكم جرائم الحرب التي ارتكبتها عصابات الصهيونية وصولًا لذلك.
وافتراضًا، أن "بيلوسي"، أو "بالوسي" لا يهم كثيرًا فهي فقدت أي قيمة لاحترام أو تقدير اسمًا ومسمى وموقعا، تجهل جرائم الحرب وسياسة التطهير العرقي والفصل العنصري، التي تمارسها دولة الاحتلال، وأنها لم تعد تجد وقتًا لقراءة تقارير منظمات أمريكية خاصة بحقوق الإنسان، أنشأتها أمريكا وجهازها المخابراتي في "القرن العشرين" كجزء من حربها ضد المنظومة الاشتراكية، وما كتبته عن إسرائيل، وما طالبت أن يكون عقابًا لدولة هي الوحيدة التي لا تعاقب لارتكابها جرائم وتطهير وعنصرية.
ولكن، بالتأكيد، وبحكم العمر المتقدم لـ "بيلوسي"، قرأت وعرفت دون أن نقول عايشت، عما يعرف في كتب التاريخ بالحرب العالمية الثانية، ولن نقول الاكتشافات الفضائية أو العلمية، وكل ما مثل اختراقًا لكل التوقعات، وبراءات اختراع أدوية حمت ملايين البشر من الموت، حرب وضعت حدا لنظام أودى بحياة ملايين البشر، ومنهم 6 مليون فقط فوق أراضي الاتحاد السوفيتي، ودمر مدنا وقرى وحضارة، بل أن الصهيونية لا تكف عن الصراخ حول ما تسميه بـ "المحرقة" ضد اليهود.
ولولا هزيمة الفاشية ونظامها في ألمانيا، وانتصار الإنسانية بعد الحرب العظمى، لما كانت دولة الكيان، ولا مناصريها ضمن الوجود، بما فيها "دولة نانسي" ذاتها، رغم أنها كانت الأكثر استفادة من نتائج الحرب، والأقل دفعًا كثمن للمشاركة بها.
الفضيحة السياسية التي أطلقتها "بيلوسي"، تستحق مساءلة سياسية – قانونية في داخل أمريكا قبل غيرها، بما قالته حول قيام دولة على حساب شعب آخر بأنه الحدث الأهم في القرن العشرين، وتجاهلها للحدث الأبرز الذي حمى الإنسانية من دمار شامل.
ولأن سقوطها السياسي، كان فكريا وثقافيا وقبلهما إنسانيا، ذهبت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، بمناشدة "دولة الفصل العنصري" لتوافق على مبدأ "حل الدولتين" كونه يمثل حماية لها من أي خطر "فلسطيني عربي" على ديمقراطيتها...أي أنها دعوة جوهرها عنصري كون الوجود الفلسطيني هو الخطر الذي يهدد دولة الكيان والجريمة، وليس لأن ذلك حق قانوني وإنساني، وقبله هو جزء من "الشرعية الدولية"، وليس هبة أو منحة من دولة لشعب يعلم أنه صاحب الأرض وهو دون غيره من يمنح "شرعية" وليس غيره.
ولأن "عنصرية نانسي" تجاوزت المنطق، يبدو أنها لا تعلم من هو صاحب شعار "حل الدولتين"، ولما جاء به أصلا، وأيضا على طريقتها ولكن بشكل أكثر "أناقة"، فجورج بوش "جونيور" عندما كان رئيسا لـ "دولة نانسي" تقدم بذلك يونيو 2002 ليس حلا للصراع، ولكن حلا للخلاص من ياسر عرفات، والتحضير لمرحلة جديدة تنهي جوهر المشروع الوطني، الذي بدأ يترسخ فوق أرض فلسطين، بعد قيام السلطة الوطنية، ما بدأ يمثل تهديدا للمشروع التوراتي – التهويدي.
تصريحات "نانسي" الأمريكية وقاحتها لم يسبق لأي أمريكي، بما فيهم الصهاينة جدا التجرؤ على قولها، ولكنها تعرف أن رد الفعل لن يكون حاضرا، لا رسميا عربيا، من المحيط الذي كان هادرا يوما ضد المستعمرين الغزاة، الى الخليج الذي كان ثائرا وأيضا ضد الغزاة والمتسلطين، ولا سلطة مصابة بوهن عام، انتماءً وقدرة وحضورًا، وقبل كل ذلك احتراما لدى شعبها، بعدما صمتت على إهانة تاريخ وقضية وطن.
تصريحات "نانسي" الأمريكية، ليتها تمثل حافزا لـ "بقايا الحس الوطني" لفصائل تصرخ بمناسبة وغيرها ضد شيء أو لا شيء، وتعلن حربا شعبية وسياسية واعتبارها شخصية "منبوذة" بشكل شمولي.
ليت أهل الضفة، وخاصة رام الله والبيرة وضواحي القدس، يخرجون في مظاهرة استقبالها بالأحذية قبل أن تستقبل بـ "حرس شرف" و"حفاوة رسمية" بمقر المقاطعة، كمحاولة للتذكير أن "الحذاء" وحده ما يجب أن تجده.
كان بالإمكان، مطالبة الرئاسة الفلسطينية بعدم استقبالها بعدما قالت ما قالت.. ولكن الطلب كان على قدر الممكن لأنهم لا يملكون ذلك.
ملاحظة: تصريحات رئيس وزراء قطر حول من اغتال الخالد ياسر عرفات، كان لها أن تصبح وثيقة إدانة رسمية لدور قطر الرسمي ليس في الانفصال فحسب، بل في ترتيب اغتيال المؤسس الشهيد أبو عمار...ولكن مين يحاسب مين...وسلاما لك يا خالد الشعب!
تنويه خاص: غضب د.اشتيه من قيام قوات الاحتلال بإطلاق كلاب لنهش جسم الفتى "مالك معلا" في البيرة، غضب مشروع جدا.. بس الأكثر مشروعية يا دوك ترد بشي أقله عشان "تفش غل" الناس.. غير هيك بيكون حكي نرفزة مش أكتر!