الحرب الروسية الأوكرانية تحمل فرص تغيرات دولية سياسية واقتصادية وجيوسياسية ضمن المشهد السياسي الدولي قد تنعكس على القضية الفلسطينية حيث باتت تلك الحروب تفضح تخاذل العالم مع حقوق الشعب الفلسطيني في الوقت الذي تقف فيه دول العالم بين وسيط وداعم بشكل واضح لأطراف الصراع بينما وقفت مكتوفة الايدي ولم تفعل أي شيء امام استمرار الصراع العربي الاسرائيلي منذ اكثر من ثمانين عاما وما شهدته المنطقة من ممارسات اجرامية وسياسات قمعية منافية للقانون الدولي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي .
ومن الواضح ان السياسة الإسرائيلية في التعاطي مع هذه الحرب والاستفادة منها لتعزيز الهجرة الى دولة الاحتلال وفتح الابواب على مسرعيها لدخول المهاجرين الجدد الى المستوطنات حيث عملت سلطات الاحتلال على استغلال الظروف القائمة من خلال استقطاب يهود أوكرانيا، وتشجيعهم على الهجرة والعمل على توطينهم من خلال إنشاء مستعمرات لهم في منطقة النقب وفي قلب مدن الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة .
وتحاول حكومة الاحتلال أن تلعب دور الوساطة بين طرفي النزاع وذلك لاعتبارات عدة منها وجود نحو مليون يهودي إسرائيلي من أصول روسي وكذلك وجود نحو 600 ألف يهودي يعيشون في كل من روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى طبيعة العلاقة مع الجانب الروسي فيما يتعلق بالتفاهمات المرتبطة بالصراعات الاقليمية وبات من الواضح بان الحرب في أوكرانيا ربما سينتج عنها تحولات تاريخية، سواء فيما يتعلق بالعلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة من جهة وفيما يتعلق بالعلاقة بين أوروبا وروسيا من جهة أخرى .
وتستمر تلك المواقف المتشابكة حيث ظهرت بشكل واضح المواقف والعلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة، فقد تشكلت الخارطة السياسية وكانت اشد وضوحا في التبعية الأوروبية لأمريكا، خصوصاً من خلال المظلّة الأمنية العسكرية التي تؤمنها واشنطن لأوروبا من خلال حلف الناتو، ولا يمكن أن نغفل النفوذ الأمريكي المتعمق والمتجذِّر داخل دول شرق ووسط أوروبا وهذا يكرس هيمنة الوجود الاسرائيلي في المنطقة الأوروبية بينما نرى على الصعيد نفسه وفيما يخص العلاقة الأوروبية الروسية، فقد أدت الحرب إلى فشل الرهان الأوروبي القائم على إدماج واستيعاب روسيا في المنظومة الأوروبية والذي لا يحظى بالرضى الأمريكي .
كما تحاول سلطات الاحتلال التعامل بالمقابل ضمن الموقف والسلوك الأمريكي الحذر والمتردد في تقديم الدعم العسكري للحكومة الأوكرانية، وهنا تتماشي حكومة الاحتلال مع طبيعة العمل في منطقة الشرق الاوسط لترتبط في تحالفات امنية وعسكرية تمثل دافعاً مهماً لتشكيل منظومة أمنية إقليمية تعكس رغبتها الاستراتيجية.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية بات واضحا بأن التعاطي الغربي مع تداعيات الحرب والخطابات الغربية أعطى صورة واضحة ليس فقط عن ازدواجية المعايير، بل عن حقيقة من يقرر المعايير ويصادرها حيث أصبح التعاطي مع مقاومة الاحتلال الروسي مختلفاً تماماً مع طريقة التعاطي مع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي مما يدلل على انحياز العالم لدولة الاحتلال .
وتبقي مساحة العمل الوطني المناهض للاحتلال هي الأساس وأن الشعب الفلسطيني المناضل يدرك هدفه نحو التحرير ويمضي على طريق النضال والكفاح نحو القدس وإمام مواجهة سياسة الاحتلال الرافضة للسلام وتلك المخاطر والصعاب الرهيبة، يستمر نضال الشعب الفلسطيني ويكون الاصطفاف الوطني امام الاحتلال لمواجهة اقتلاعه وتشريده عن ارضه فالمعركة مع المحتل مفتوحة والشعب الفلسطيني يدرك بان الانتصار حليفه لا محالة مهما تعالت ممارسات الاحتلال الغاصب.