بداخل مصنع متواضع، يصطف عدداً من العاملين لصناعة سمك الرنجة، استعداداً لبيعه في الأسواق المحلية قبيل عيد الفطر المبارك، في المغازي وسط القطاع.
يقول علاء الرحال، صاحب مصنع الرنجة، إن عيد الفطر يعتبر من أهم مواسم الرزق التي ننتظرها من العام للآخر، نظراً لإقبال الزبائن على شراء السمك المملح لتناوله في بعد شهر الصيام.
فعلى حوامل معدنية مصفوفة، يعلّق الرحال أسماك "الرِّنجة" بعد تمليحها عدة أيام، تمهيداً لإنضاجها في أفران خاصة لتكتسب لونها الذهبي الجذاب، وتتزين بها موائد الفلسطينيين في العيد.
وأضاف الرحال أن الفلسطينيون اعتادوا على تناول الأسماك المملحة في عيد الفطر المبارك كنوع من العادات والتقاليد القديمة التي بدأ بها الأجداد لأسباب متعلقة بتجديد نشاط الجسم بعد الصيام.
وتابع أن مصنعه ينتج الرنجة بشكل أساسي، إلى جانب الفسيخ بأنواعه المتعددة، ولكن الطلب يكون متواضعاً طيلة أيام العام باستثناء الموسم.
واستدرك الرحال "يعتبر تناول الأسماك المملحة صباح أول يوم في عيد الفطر من الطقوس الأساسية التي ينتظرها الصغار والكبار في جميع أنحاء فلسطين".
ولفت إلى أهمية تناول الأكلات المالحة بعد شهر من الصيام، وفقاً لدراسات علمية مثبتة في ذات الخصوص.
وبين أن الاقبال على شراء الرنجة والفسيخ هذا العام في ازدياد، مقارنة بالمواسم السابقة، ما تطلب من المصنع أن يضاعف الأيدي العاملة، والعمل ليلاً ونهاراً لتجهيز الطلبات.
وتحدث الرحال عن آلية صناعة الرنجة "نستورد الأسماك المجمدة من النرويج، ويتم تسييحها بالطريقة المناسبة ثم تنظيفها، وإدخالها إلى الثلاجات، وتليها خطوة التنشيف، استعداداً للتدخين، لترجع الأسماك إلى الثلاجات لانتظار التبكيت".
وأكمل أن الرنجة أقل ضرراً من الفسيخ، ومع ذلك يجب على الحوامل وكبار السن والرياضيين توخي الحذر عند تناولها والانتباه إلى الكميات، لكونها تسبب ارتفاع في ضغط الدم واحتباس السوائل في الجسم.
وذكر أنه لم يكن يوجد مصانع للرنجة في قطاع غزة قبل سنوات عديدة، فكان الأشخاص يعتمدون على شراء المستورد منها بسعر مرتفع جداً، وبالتالي لم تصل هذه الأسماك لأعداد كبيرة من الشعب إلا بعد وجود المصانع المحلية التي وفرت المنتج بجودة تضاهي المستورد.
ونوه الرحال إلى اهتمام المصنع بالحملات التي تراعي الأوضاع الاقتصادية في غزة، وأهمها "لباب البيت"، حيث يستقبل الطلبات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من كافة مناطق القطاع، ويوصل الطلب إلى المنازل بشكل مجاني.
وأشار إلى التحديات التي تواجه صناعة الرنجة في غزة، وأهمها الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي واستخدام بدائل مكلفة، وبالرغم من ذلك يحافظ على بيع كيلو الرنجة بـ 28 شيكل.
ويتمنى الرحال أن يأتي عيد الفطر بسلام، بعيداً عن تنغيص العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو القدس، وقطاع غزة.
الجدير بالذكر أن سمك الرنجة عبارة عن سمكة صغيرة زيتية تم تقسيمها على شكل فراشة من الذيل إلى الرأس على طول الحافة الظهرية، يتم تمليحها وتخليلها، ووضعها على ألواح الخشب المدخنة والباردة.
وتُصنّع الرنجة من سمك "ماكاريل"، ذي القيمة الغذائية العالية واللحم الزيتي غامق اللون، والتي تُستورد مُجمّدة من الدول الأوروبية، بثمنٍ لا يتخطى 10 شيكل إسرائيلي للكيلو الواحد "يعادل 3 دولارات".