مر الزمان وسوط انقسام الفلسطينيين يلسع ظهورهم، وبقيت حقيقة كارثة الكوارث لا تغيب عن بصيرة كل عاقل مهما هرب منها أو حاول إسقاط أفكار أو متطلبات يقدمها كأولوية لتجاوز وحدة الوطن وجعلها موضوعا ثانويا، فالحقيقة الأقوى، أن لا تحرير ولا استقلال ولا تخفيف المعاناة ولا الحفاظ على مستقبل الأجيال ولا حتى الاحترام من قبل الآخرين في غياب وحدة الوطن وبقاء الانقسام.
ولأننا وصلنا لأفق مغلق بالمعنى السياسي للحفاظ على أوراق قوتنا التي أساسها وحدة الوطن المقدم على الحزب والشخص وحتى إنه مقدم على وحدة النظام السياسي الذي ينادي به الكثيرون والذي وقعنا في حفره فتعثرنا وأضعنا الطريق بعد أن أضعنا وحدة الوطن، وهل هناك وحدة نظام دون وحدة كتلة الوطن التي تجزأت.
لا أفق مفتوح لإقامة الدولة الفلسطينية ولا أفق مفتوح للخلاص من الاحتلال ولا أفق مفتوح للنهوض بشعبنا وأجيالنا بالمعنى الحياتي والإنساني ولا أفق مفتوح لمقاومة تنتج استقلالا وتحررا، ولا لمفاوضات تنتج سلاما، والسؤال الذي يطرح نفسه هو، ما هذا الذي نعيشه؟ هل به كرامة وحياة وأمل ينتج مستقبلا، أم، هو عبث، واستزلام، وأنا عليا منتفخة بالهواء، مفرغة من محتواها الرجولي والوطني الأصيل الموازي لحجم قصيتنا تتحول لأنانية المناصب والمال السياسي والنكاية والخوف من المحاسبة على أخطائنا وخطايانا في لحظات الصحو والحقيقة بما فعلنا.
ليتوقف كل ثوري فلسطيني يفهم أن لا أفق لمسيرتنا الآنية ومعضلاتها التي لا تحرر ارضا ولا تنتج استقلالا ولكنها سكرة تعبث بمعيشة المواطن ومستقبل أجيالنا وتتسرب من بين أخطائنا وأنانيتنا وفئويتنا كل مشاريع التصفية لقضيتنا، ولذلك، ليتكتل كل من يهمه مستقبل شعبنا وقضيتنا للعمل في حركة او حزب واحد برنامجه وحدة الوطن لان الانقسام الحادث منذ ما يقارب العقدين هو أساس ضياع مستقبل قضيتنا وشعبنا وعندما نتوحد يمكن ان نفرض على المحتل والمجتمع الدولي مطالبنا وحقوقنا لأننا حينها سنعود أقوياء سياسيا ومقاومة ومجتمعا، فلتعد وحدة الوطن ما دمنا لم ننتج شيئا بالمفاوضات وبالمقاومة وعلى من يقول أو يفعل غير ذلك فهو يريد ضياع القضية أو أنه جاهل سياسي ويبني أوهاما في الهواء ويضلل شعبنا ويضيع أجيالنا ومستقبلنا ويشغلنا في مشاريع ليست أهم من "الوحدة" حتى لو كانت المقاومة أو السلام فمستقبل المقاومة ومستقبل النظام السياسي ومستقبل منظمة التحرير ومستقبل السلام لا يبنى إلا على وحدة الوطن، وعلى السواد الأعظم من شعبنا أن ينفض العبث، وأن ينخرط في تكتل أكبر من الانقسام والمنقسمين لاستعادة وحدة الوطن بعد طول عناء من العبث في محاولات استعادة الوحدة الوطنية .. وبالمناسبة هذا العبث خدم المشروع الصهيوني ولم يكن في لحظة من اللحظات في خدمة مشروعنا الوطني.
استمرار انقسام الوطن يعني مقايضة أو بيع الوطن بالراتب والوظيفة وبالمال السياسي وبالسلطة وبالموقع لكل فرد أو حزب أو من والأهم في معادلة غير وطنية وغير مشرفة وأقرب لخيانة القضية والشعب.