غزة: في الساعة الواحدة من فجر يوم 8 يوليو 2014، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوان عسكري على قطاع غزة، حين استهدف منزلا في بلدة القرارة جنوبي قطاع غزة، وأعلن الاحتلال على إثره بدء عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد".
العدوان جاء في ظاهره وكأنه رد فعل على قصف متبادل مع المقاومة في غزة إثر تفجر الأوضاع في الضفة الفلسطينية بعد خطف مستوطنين الطفل محمد أبو خضير في مدينة القدس المحتلة يوم 2 يوليو من نفس العام وتعذيبه وحرقه.
لكن إعادة اعتقال قوات الاحتلال لعشرات من محرري صفقة "شاليط"، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، كشف أن قرار إسرائيل العدوان على غزة للمرة الثالثة يهدف إلى تدمير قدرات فصائل المقاومة وبنية القطاع التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم لتحريضهم ضد تلك الفصائل، خاصة بعد اندلاع احتجاجات في القدس والأراضي المحتلة وأراضي عام 1948، بعد دهس مستوطن لعاملين فلسطينيين قرب حيفا.
في اليوم الأول من الحرب استدعى الجيش الإسرائيلي أربعين ألفا من قوات الاحتياط، وارتكب مجزرة في مدينة خان يونس بالقطاع راح ضحيتها 11 شهيدا و28 جريحا، ثم توالت المجازر، وقصفت المباني والمساجد والبنية التحتية في غارات جوية مكثفة.
الفصائل أبدت مقاومة شرسة على مدى أيام العدوان الذي استمر 51 يوما، وردت بقصف مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، قبل أن يتوسع قصفها ليطال عشرات المدن الرئيسية والقرى ومستوطنات الداخل المحتل، مثل القدس وتل أبيب ومطار بن غوريون واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود وحيفا، وصولا إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.
آنذاك.. أظهرت المقاومة قدرة قتالية وتطوير لآلياتها وأدواتها بشكل لم يتوقعه الاحتلال الذي لجأ إلى "القبة الحديدية" في التصدي لصواريخها.
العدوان على غزة خلف خسائر كبيرة في قطاع غزة وعند الاحتلال الإسرائيلي، فاستشهد 2147 مواطنا بينهم 530 طفلا و302 امرأة و64 لم يتم التعرف على جثامينهم لما أصابها من حرق وتشويه، فضلا عن آلاف الجرحى من مواطني القطاع
ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدا بالكامل و109 مساجد جزئيا، وكنيسة واحدة جزئيا، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلا، وأصبحوا بلا مأوى.
على صعيد خسائر الاحتلال، قُتل 64 جنديا إسرائيليا وستة مستوطنين بينهم امرأة. ومن بين الجنود القتلى من يحملون أيضا جنسيات أخرى كالأمريكية والبلجيكية والفرنسية وغيرها، أما الجرحى فقد بلغ عددهم 720 جريحا إسرائيليا فضلا عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي وصلت إلى 560 مليون دولار في قطاع السياحة، و370 مليون دولار وغيرها.
بمبادرة مصرية.. توقف العدوان الإسرائيلي على غزة في 12 أكتوبر 2014 بعد مفاوضات مع المقاومة، وإدانة دول عديدة ومنظمات إنسانية وحقوقية لجرائم الاحتلال ضد القطاع.
وبعد وقف العدوان الإسرائيلي، عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومشاركة خمسين منظمة وحكومة، حيث تعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليارات دولار للفلسطينيين، نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار واسع.
تقرير للجنة تقصي الحقائق نشر قبيل حلول الذكرى الأولى للعدوان، عرف بـتقرير ديفيس، خلص إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة "يرقى إلى جرائم الحرب"، وأن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في الهجوم على المباني السكنية أثناء الحرب حيث شن الاحتلال الإسرائيلي أكثر من ستة آلاف غارة جوية، وأطلقت نحو خمسين ألف قذيفة مدفعية على مدى 51 يوما.