اليوم الجمعة 29 نوفمبر 2024م
عاجل
  • شهداء ومصابون جراء قصف طائرات الاحتلال منزلاً وسط مدينة غزة
  • مصابون ومفقودن جراء قصف الاحتلال منزلا بشارع الوحدة غرب مدينة غزة
شهداء ومصابون جراء قصف طائرات الاحتلال منزلاً وسط مدينة غزةالكوفية بث مباشر | تطورات اليوم الـ 420 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية مصابون ومفقودن جراء قصف الاحتلال منزلا بشارع الوحدة غرب مدينة غزةالكوفية شهيدة ومصابون جراء قصف الاحتلال منزلا في حي الزيتون جنوبي مدينة غزةالكوفية دورتموند يتطلع لمباراة بايرن بعد الفوز في «الأبطال»الكوفية تصنيف «فيفا»: الأرجنتين في الصدارة... والأخضر في المركز 59 عالمياًالكوفية «تحرير الشام» تتقدم في حلب وإدلب والجيش السوري يحاول وقفها بمساعدة روسيةالكوفية العراق: أحكام غيابية بالسجن لمتهمين في «سرقة القرن»الكوفية حينما يعلو صوت الأسير الفلسطينيالكوفية غانتس يوجه رسالة لنتنياهو بشأن غزة وإعادة الأسرىالكوفية مرسوم الرئيس عباس..تدليس قانوني ناطقالكوفية أميركا مرجعية قرار الحرب والتسويةالكوفية العدالة الدولية الغائبة: اعتقال نتنياهو هو الاختبارالكوفية انتصروا علينا بالقتل، وانتصرنا عليهم بالقتالالكوفية بث مباشر | تطورات اليوم الـ 419 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية شهداء وجرحى باستهداف الاحتلال تجمعا للمواطنين في النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية دولة الاحتلال تستأنف قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانتالكوفية مراسلنا: مدفعية الاحتلال تقصف منازل المواطنين شمال غربي النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية الدفاع المدني: أكثر من 80% من معداتنا خرجت عن الخدمة جراء استهدافات الاحتلال المتواصلةالكوفية يونيسيف: 30% من الأطفال في قطاع غزة يعانون سوء التغذية الحادالكوفية

لماذا تُصاحبنا ذكريات السجن المؤلمة؟

19:19 - 25 سبتمبر - 2023
عبد الناصر فروانة
الكوفية:

أنا الأسير المحرر الذي كلما مرّت الذكرى، تذكرت ذاك اليوم وكأنه البارحة، فيزداد ألمي ووجعي وقهري. وكيف يمكن أن تُمحى تلك الأحداث المؤلمة والمزعجة من ذاكرتي، وآثار التعذيب تلاحقني والمُعَذِبين طُلقاء ؟.

وأظن وأكاد أن أجزم أن كل من كان منكم معتقلا في سجون الاحتلال، هو مثلي لا زال يحتفظ في ذاكرته تفاصيل ما تعرض له من تعذيب على أيدى أولئك "المحققين" وكأنه البارحة. مما يؤكد حقيقة أننا نحن الأسرى المحررين ليس باستطاعتنا نسيان الألم. فالألم باق ولا ينتهي بفعل الزمن.

أربعة وثلاثون عاماً مرّت على اعتقالي للمرة الرابعة، لكنني ما زلت اتذكر تلك الليلة بتفاصيلها، وكيف يمكن لي أن أنساها والذاكرة تحتفظ بتفاصيل أحداثها. مازلت أذكر جيداً أنه في ليلة الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر1989، داهمت قوات الاحتلال المدججة بالسلاح ورجال المخابرات الإسرائيلية، بيتنا الصغير الكائن في حارة "بني عامر" القديمة في حي "الدرج" العتيد وسط مدينة غزة، وقاموا بتفتيشه والعبث بمحتوياته، وقالوا لوالداي: خمس دقائق وسيعود.!

أخذوني الى خارج البيت، كبّلوا يداي ووضعوا عصبة على عيناي وألقوا بي في جيب عسكري واقتادوني بعيدا الى جهة مجهولة، الى أن وصلت الى سجن غزة المركزي "السرايا"، وبعدها زج بي في زنازين ضيقة وقذرة لا تدخلها أشعة الشمس، بقسم التحقيق هناك، الذي كان يُعرف بـ"المسلخ"، لما عُرف عن قسوته وشدة التحقيق والتعذيب فيه. وأمي ومعها والدي ينتظران عودتي بعد انقضاء الخمس دقائق، وقد عُدت إليهما بالفعل ولكن بعد خمس سنوات.!

تجربة اعتقالية كانت هي الأقسى من بين تجارب الاعتقال التي مررت بها في حياتي، حيث مكثت مائة يوم متواصلة، بين المسلخ القاتل والزنازين الضيقة المعتمة، تعرضت خلالها لصنوف مختلفة وبشعة من التعذيب الجسدي والنفسي، ومكثت فيما يُطلق عليه الأسرى "الثلاجة" أياماً وليالي طوالاً. وما تزال ماثلة في عمق وعيي صورة المحقق المستمتع بتعذيبنا، وكذلك موت الأسيرين خالد الشيخ علي وجمال أبو شرخ اللذان استشهدا على يدي ذات المحقق، في تلك الأيام العصيبة.

تلك التجربة التي امتدت إلى مئة يوم من التعذيب المتواصل داخل أقبية التحقيق، كانت فترة مؤلمة ومعاناتها قاسية، وكل من عايشها يُدرك ما أقول، فلطالما تمنيت خلالها الموت مرة واحدة، كي لا أموت ببطء مرات ومرات عدة، وهي تجربة شخصية تتشابك بالتأكيد مع التجربة الجماعية لكل الأسرى الفلسطينيين؛ وهناك من التجارب أكثر قسوة، إذ أن الوقائع تؤكد بأن ما من فلسطيني مرّ على سجون الاحتلال ودخل زنازينها، إلا وتعرض للتعذيب. وما من معتقل عُذب إلا وقد بقيت صورة المُعذِب عالقة في وجدانه، محفورة في ذاكرته.

لقد عشت وعاش الآخرون تجارب لا يمكن تصورها، بل ويصعب على الإنسان تخيلها ووصفها، واستمعت لشهادات عديدة روت فظائع الموت، التي تملأ السجون الإسرائيلية، من أناس قُدر لهم أن يخرجوا من السجن أحياء، وكان حديثهم يفيض بالألم والمرارة.

فلقد أفاد هؤلاء الناجون من الموت بأن أشكال التعذيب في السجون قد تطورت أساليبها، وتنوعت أشكالها الجسدية والنفسية والتي لا يمكن الفصل بينهما، وأن آثارها تغولت في الروح والجسد لتمتد إلى ما بعد فترة الاعتقال، لتلحق أضرارا بعيدة المدى بالصحة الروحية والنفسية والجسدية، وقد يصعب استئصال موطن الألم الجسدي أو النفسي، وهنا يكمن جوهر فظاعة التعذيب.

إن التعذيب بشقيه الجسدي والنفسي، لم يكن يوما حادثة عفوية أو فردية، وإنما شّكَل نهجاً أساسياً وممارسةً مؤسسيةً، وجزءً لا يتجزأ من معاملة المعتقلين الفلسطينيين اليومية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويشارك فيه كل من يعمل في المؤسسة الأمنية، وبشكل مباشر أو غير مباشر ينضم إليهم العاملون في مهنة الطب، بما يتنافى وأخلاقيات ومبادئ مهنتهم (الإنسانية).

إن تأملا متمعنا في ممارسات محققي جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، يجعلك توشك أن تظن بأنهم ليسوا بشراً، لأن هذا الحجم الهائل من القسوة، التي تظهر على وجوههم، حين يرون ضحيتهم يتألم، يجعلك تعتقد ذلك. وحين ترى كم هم عصبيون في تصرفاتهم، وكم هي قاسية تعبيرات وجوههم، تبدأ في مساءلة نفسك: هل هؤلاء اللذين يتضاحكون لسماعهم صرخات الألم، ويتباهون بذلك فيما بينهم، ويبتسمون وهم يراقبون عذابات ضحاياهم، يمكن أن يكونوا بشراً ؟

 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق