بدأ الاتصال الفلسطيني الأمريكي قبل أربعين سنة. في مثل هذه الظروف وخلال حصار بيروت وكان المبعوث الأمريكي فيليب حبيب يقوم بنفس الدور الذي يقوم به وزير الخارجية بلينكن الآن، ينثر الوعود والكلام المفرغ من مضمونه على العرب. ويمنح إسرائيل كل شيء، وأقصد كل شيء عسكريا وماليا وتقنيا واقتصاديا وإعلاميا.
وحين رغب الإسرائيليون لوهلة في انهاء الصراع بداية التسعينيات كان الامريكيون منزعجون جدا من اسحق رابين الذي قتله اليمين الإسرائيلي بزعامة نتانياهو لاحقا. لدرجة ان شمعون بيريس نقل رسالة من اسحق رابين لياسر عرفات أنه إذا أرد لاتفاقيات أوسلو ان تنجح فان عليه إخفاء الامر عن الأمريكيين لأنهم لن يقبلوا بذلك.
وبالفعل غضب الامريكيون من اتفاقيات أوسلو، فاضطر الجميع للذهاب وتوقيع الاتفاقيات في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض مرة أخرى رغن انها كانت موقعة من قبل في أوسلو.
وحين شارف ايهود أولمرت على الاتفاق مع أبو مازن على كل شيء عام 2006، تدخل على الفور المبعوث الأمريكي واقنع المرحوم صائب عريقات والقيادة الفلسطينية ان لا يوقعوا مع أولمرت وان ينتظروا قدوم تسفي ليفني. وكان هذا فخا شيطانيا من الأمريكيين، لان تسفي ليفني لم تتمكن من تشكيل الحكومة رغم فوزها بالانتخابات وبدلا عنها قام اليميني بنيامين نتانياهو بتشكيل حكومة متطرفة وطار كل شيء وانتهى كل شيء بسبب التدخل الأمريكي.
أمريكا تحديدا لن تسمح بأي صلح بين العرب واليهود، وهذا أساسي بالنسبة لجميع حكوماتها. ولن تسمح باي سلام حقيقي بين الفلسطينيين وبين الإسرائيليين ولو اضطرت إلى تغيير الحكم في تل أبيب.
أمريكا تريد صراعا دائما وابديا بين اليهود وغير اليهود لتبقى هذه المنطقة مشتعلة بالحروب وبيع الأسلحة. حتى صكوك التطبيع نفسها تدخلت أمريكا لجعلها واهنة وفاشلة ودائمة السقوط. لان أي سلام عربي إسرائيلي سوف ينهي السيطرة الامريكية على النفط وعلى الجغرافيا وعلى ثروات المنطقة.
كل قائد فلسطيني في رام الله تحدثت معه بعيدا عن الكاميرات قال لي حرفيا: أمريكا افسدت كل محاولات الفلسطينيين لإقامة سلطة قوية وفاعلة، وافشلت أي تواصل بين غزة والضفة. وإن دور الوساطة الذي تلعبه الإدارات الامريكية عبارة عن وهم لتحويل الوضع الراهن إلى مؤبد.
جميع الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية والسياسية والهيكلية التي كانت بين الفلسطينيين وبين الإسرائيليين كانت بوساطة أمريكية. ولم تنجح اية اتفاقية برعاية أمريكية مهما قل شانها ودائما هناك مشكلة فيها يتم بعدها تشكيل خلية ازمة لإدارة الازمة التي خلقتها أمريكا نفسها.
ان الخلافات بين الأحزاب الإسرائيلية ذاتها اهم وأعمق من الخلافات الأمريكية – الإسرائيلية. وان استمرار الرهان على ان أمريكا تلعب دور الوسيط هو جريمة سياسية يرتكبها السياسيون والمثقفون بحق بلدانهم.
واعيد مرة أخرى نشر قصة الصلاة في كامب ديفيد عام 2000. أراد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أن يصلي يوم الأحد في الكنيسة، ولكن ظهرت مشكلة بسيطة وهي أن جميع مستشاريه واعوانه كانوا يهودا وليسوا مسيحيين. فجاء مدير البروتوكول بالبيت الأبيض وطلب من نبيل أبو ردينة أن يصلي مع الرئيس كلينتون في الكنيسة لأن جميع مساعديه ومستشاريه كانوا غير مسيحيين.