- استشهاد الشاب زكريا أحمد حسان في قصف الاحتلال المستمر على مخيم جباليا شمال غزة
- قوات الاحتلال تقتحم بلدة إذنا غرب الخليل
- مراسلنا: طائرات الاحتلال تجدد غاراتها العنيفة على ارض المفتي شمال مخيم النصيرات
مكانها تراوح المفاوضات من أجل صفقة تفضّلها إسرائيل هدنة محدودة في الوقت الذي تريد فيه المقاومة أن تؤدّي إلى الإفراج عن أسراها بثمن يسجّل إنجازاً لها، ويفضّلها الوسطاء صفقة أوسع وأشمل تجيب عن أسئلة كثيرة.
كثيرة اللاءات التي يرفعها بنيامين نتنياهو في وجه الجميع بمن في ذلك شركاؤه الدوليون في الحرب، ونعم تصطدم بلاءات نتنياهو: (لا لدولة فلسطينية، ولا لوقف الحرب، وأخرى لإدخال مساعدات كافية لسكّان قطاع غزّة، ولا لعودة أهل غزّة لشمالها، ولا لأيّ دور لـ حركتي "حماس" أو "فتح"، ولا لسلطة وطنية فلسطينية قادرة ومستعدة لإدارة الوضع في القطاع والضفة الغربية، ولا لحرّية العبادة والوصول إلى المسجد الأقصى لكلّ الأعمار في شهر رمضان المقبل.
نعم واحدة يردّدها نتنياهو في السرّ والعلن، وفي الليل والنهار هي: نعم لاستمرار الحرب وتوسيعها، حتى تحقيق الانتصار الكامل، انتصار غير معروفة ملامحه وحدوده، ولا يتوقّف فقط عند أحلامه بسحق المقاومة والقضاء على "حماس" مقاتلين ومدنيين.
هذه النعم النتنياهوية، تسحب نفسها على أسلوب تحقيق كل ذلك لو كان من خلال حرب إبادة شاملة بالقتل المباشر والتدمير وبالتجويع والتعطيش والأوبئة.
يرفض نتنياهو وفريقه الإذعان لأيّ قرارات دولية سواء من محكمتي العدل الدولية، أو الجنائية الدولية، أو محاكم حقوق الإنسان، أو أيّ قرارات من مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن أيّ محاكم وقرارات من مؤسّسات وطنية "غربية".
نتنياهو لا يرى اختصاصاً للعدل الدولية، سوى دورها إزاء ما جرى لليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
زملاء نتنياهو يقولونها صراحة، إنّ الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ليس أولوية بالنسبة للحكومة، ويصرّون على أنّ الجيش الإسرائيلي قادر على الإفراج عنهم بالقوّة العسكرية.
حين يدرك نتنياهو وفريقه، أنّ جيشه قد فشل خلال أكثر من أربعة أشهر في إنقاذ أسراه، ولم ينجح سوى في قتل العشرات منهم، فإنّ ذلك يعني على نحوٍ مباشر أنّه لا يهتمّ بهم، وأنّه مضطرّ كلّ الوقت للكذب على أسرهم.
أكثر من أربعة أشهر على الحرب الوحشية، ولا يكاد قادة جيش الاحتلال يعلنون عن سيطرتهم على منطقةٍ ما في القطاع حتى يتفاجأ هؤلاء بأنّ المقاومة مستمرّة، وقويّة، وتلحق بجيشهم ودبّاباتهم وآلياتهم المزيد من الخسائر.
صدق شركاء نتنياهو الدوليون، الكذبة بعد الأخرى، إلى أن ملّ أكثريّتهم الكذب.
فتّشت قوّات الجيش كلّ الأماكن، أماكن العبادة، والمدارس، ومؤسّسات الأمم المتحدة، والمستشفيات كلّها في القطاع، بحثاً عن أماكن وجود قادة المقاومة والنتيجة صفر مكعّب.
قالوا إنّهم دمّروا معظم الأنفاق، وضخّوا فيها مياه البحر، وبالتأكيد استخدموا أسلحة وغازات محرّمة دولياً، وأنّهم فكّكوا البنية التنظيمية للمقاومة ولم يبقَ منها سوى جيوبٍ تعمل وحدها، ثم يصفعهم الميدان، وتصفعهم الحقائق التي تقدمها بعض التقارير الدولية وحتى الإسرائيلية.
تغيّرت مواقف الكثير من دول العالم بما في ذلك "الغربية" ومن بينها شركاء دولة الاحتلال في حرب الإبادة، ويعلن جوزيب بوريل المسؤول عن السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي أنّ أربعاً وعشرين دولة من بين سبع وعشرين ترفض اجتياح رفح، وتطالب بهدنة إنسانية تؤدّي إلى وقف القتال، ولكن من دون فعل أو ممارسة.
قبلهم كان الأميركيون، وما زالوا يطالبون إسرائيل بإدخال المساعدات، والتخفيف من استهداف المدنيين، ووضع خطّة مُحكمة تتجنب ارتكاب مجازر في رفح، ولكنهم يرفضون وقف الحرب، لا تخجل الولايات المتحدة من رفع "الفيتو" في مجلس الأمن، وتمنع قراراً تقدّمت به الجزائر، يطالب بوقف الحرب ويكون المبرّر أنّ ذلك سيؤثّر سلباً على مساعي الوساطة من أجل هدنة إنسانية والإفراج عن "الرهائن".
هكذا فإنّ الإدارة الأميركية لا تزال توفّر الغطاء السياسي والدبلوماسي والمعنوي، وتقدّم المزيد من الأسلحة والذخائر لإسرائيل رغم كثرة الحديث عن جفاء في العلاقة بين جو بايدن ونتنياهو.
هذا يعني أنّ الإدارة الأميركية مهتمّة بالإفراج عن "الرهائن"، وتقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين كأولوية، لكنها تشجّع إسرائيل على مواصلة الحرب، حتى القضاء الكامل على المقاومة، وإبعاد "حماس" نهائياً عن ساحة الفعل السياسي.
إذا كان الأمر ينطوي على خديعة من طرف الإدارة الأميركية، فإنّ الثقة بأيّ ضمانات نظرية يمكن أن يقدّمها لأي صفقة إنّما هو وقوع في فخّ كبير.
لا يمكن الوثوق بأيّ ضمانات عربية أو دولية أو أميركية، الأمر الذي تدركه المقاومة حتى الآن.
إذا كانت إسرائيل، لم تستمع إلى أيّ من الطلبات التي ألحّت عليها الإدارة الأميركية ومبعوثوها، فهل يُعقل أن تلتزم بأيّ ضمانات حتى لو كانت من أقرب شركائها وحلفائها؟
في الواقع فإنّ نتنياهو بهذه اللاءات الكثيرة والشاملة والجذرية، إنّما يصغّر عملية الصراع، على اعتبار أنّه يتعلّق بوجود دولة الاحتلال وليس باحتلالها أراضي فلسطينية.
في سبيل تحقيق النصر، لم يعد نتنياهو يهتمّ لا بـ"الرهائن" ولا بأعداد القتلى والجرحى، ولا بالخسائر الباهظة التي تتكبّدها دولته، ولا بحجم الهجرة الداخلية والخارجية، وإذا كان نتنياهو لا يهتمّ بكلّ ذلك فإنّه بالتأكيد لا يهتمّ بما يلحق بمصالح الولايات المتحدة، ومصالح حلفائه الأوروبيين.
بل إنّ نتنياهو يسعى لدحرجة كرة الثلج باتجاه لبنان، حيث بدأ جيش الاحتلال يوسّع دائرة الاستهدافات حتى وصلت إلى صيدا.
قد تتأجّل معركة رفح، ولكنّها إن وقعت فلن تكون نهاية الحرب، والاضطراب في الإقليم كلّه.
هكذا يدير نتنياهو الحرب على أنّها حرب وجود له ولشركائه في الحكومة و"مجلس الحرب"، وحرب وجود لدولته التي أخذت تترنّح رغم كلّ ما تملك من أسلحة دمار لا تقرّر وحدها النتائج.