الكوفية:أمريكا صاحبة فكرة الحرب على شعبنا الفلسطيني، وهي من تقود هذه الحرب مباشرة على شعبنا في قطاع غزة عسكرياً وامنياً، فبعد اندلاع معركة 7 اكتوبر الإستباقية مباشرة، وصل قادة اركان الإدارة الأمريكية وجنرالاتها الى تل ابيب، واعلنوا توليهم مقود قيادة هذه الحرب، وصادروا قرار مجلس الحرب المصغر الإسرائيلي، تحت شعار "الأمن القومي الأمريكي"، وعملوا على تسيير جسر جوي وبحري كبيرين لنقل السلاح الى اسرائيل، ودعم مالي غير مسبوق، وشبكة امان قانونية وسياسية في المؤسسات الدولية، تمنع حتى بالتلميح او التصريح بتوجيه اي انتقاد او لوم الى اسرائيل بسبب حربها الوحشية على قطاع غزة، ومنعت تمرير اي قرارات تطالب حتى بوقف إطلاق النار لدواع إنسانية في القطاع اكثر من مرة، حتى البيانات الرئاسية لمجلس الأمن على خلفية المجازر التي ارتكبتها اسرائيل في القطاع غير الملزمة عطلتها. وابعد من ذلك وتحت الضغوط الدولية وتغيرات اتجاهات الرأي العام العالمي ومنه الأمريكي، وتزايد عزلة اسرائيل دولياً على الصعد السياسية والإقتصادية، والتي وصلت الى حد المطالبة بفرض عقوبات على تصدير السلاح اليها، على خلفية حربها "المتغولة و"المتوحشة"، والتي اتهمت فيها من قبل دولة جنوب افريقيا والعديد من دول العالم بإرتكاب إبادة جماعية واستخدام التجويع كسلاح، وظلت أمريكا تبيع الوهم والكذب والخداع لقيادة فلسطينية غارقة في الوهم ومنفصلة عن الواقع، وفي غيبوبة سياسية، يبدو بأنها لن تستفيق منها بدون هزات كبيرة، عن اسطوانة ما يعرف بحل الدولتين المشروخة، وفي الأمم المتحدة رفضت اي تصويت يعترف بالدولة الفلسطينية، وقالت بأن هذه الدولة الفلسطينية يجب ان تكون بموافقة اسرائيل ومفصلة على مقاساتها، وفي حالة التصويت والموافقة على ذلك، فإنها ستوقف تمويلها للأمم المتحدة، وهذا يؤكد لكل الواهمين في الساحة الفلسطينية والعربية المنفصلين عن الواقع والغارقين في الوهم عن مصداقية "أمهم" أمريكا، وعمي البصر والبصيرة، وخاصة ما يعرف بالسداسية العربية ومعهم تركيا، والذين طلب منهم بلينكن في جولاته المتكررة الى المنطقة بعد معركة 7 اكتوبر الإنضباط الى الإستراتيجية الأمريكية، وتشكيل شبكة امان لدولة الإحتلال .
وحتى في صفقة تبادل الأسرى وشروط وقف إطلاق النار المفخخة التي تطرحها امريكا منسجمة ومتماهية تماماً مع الموقف والمطالب الإسرائيلية، ما تريده فقط هو ما ورد في اتفاقيتي باريس الرباعيتين الأمنيتين، "مقايضة ورقة الأٍسرى بتوسيع إدخال المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية"، وتجاهل بقية المطالب الأخرى من وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب اسرائيلي شامل، وعودة النازحين الى الشمال، واجراء صفقة تبادل أسرى حقيقية تلبي مواقف المقاومة الفلسطينية.
وبعد قيام اسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، وفي المقدمة منهم الجنرال محمد رضا زاهدي، القائد الكبير في الحرس الثوري الإيراني، تلك القنصلية التي يفترض بأنها ارض سيادية ايرانية، وهي محمية وفق اتفاقية فيينا الدولية، فأمريكا المشاركة في هذه العملية والتي حاولت التنصل منها، لم تقم بإدانة لها، فالقانون الدولي والدولي الإنساني، يجب ان لا يشمل اسرائيل، ومقياس القانون الدولي بالعرف الأمريكي هو اسرائيل.
ايران قالت على لسان قادتها بمختلف توصيفاتهم ورتبهم عسكريين وسياسيين وأمنيين، وعلى لسان مرجعها الديني والعسكري الأعلى الإمام علي خامنئي، بأن ايران سترد على هذه العملية، وأن اسرائيل ستندم على فعلتها، وأمريكا طلبت من ايران عدم الرد وان لا تعمل على توسيع الصراع في المنطقة، وعليها ان تمتص الضربة الإسرائيلية، وان أمريكا ستقف الى جانب اسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهب جنرالاتها بالحجيج الى اسرائيل، وفي المقدمة منهم وزير دفاعها لويد اوسن وقائد جيوشها المركزية مايكل غوريلا، ليعلنا أن أمريكا ستشارك في الدفاع عن اسرائيل، ونشروا سفينة حربية على سواحل فلسطين الشمالية مزودة بأحدث الصواريخ الإعتراضية وفائقة التقنية، وان قضية الرد عند ايران حسمت واقتربت، ويبقى السؤال الان، هل سيجري الرد مباشرة من ايران او عبر رد منسق بين طهران وحلفائها في المنطقة، او سيتم الرد في الخارج على أهداف اسرائيلية، والرد الإيراني مرتبط بالكرامة الوطنية والسيادة والردع، وإن تأخر هذا الرد، فهو كان متعلقا وسابقا (زمنيا) مع ما تقوم به أمريكا من إدارة واشراف مباشر على مفاوضات القاهرة حول إنجاز صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار وانسحاب اسرائيلي شامل من القطاع، ولذلك كانت تعمل على تأخير ردها وتأجيلة او حتى الغائه، اذا ما جرى اتفاق على وقف العدوان " الإسرائيلي"، والإستجابة الى اغلب شروط المقاومة الفلسطينية، ولكن عندما شعرت طهران بأن واشنطن فقط ما يعنيها، المطالب الإسرائيلية، وكبند وحيد، استعادة الأسرى، فيبدو بأن ردها بات قريبا جداً، فهناك مناورات عسكرية ايرانية واسعة، والغاء شركات طيران عالمية لرحلاتها الى طهران، ورغم حذف وكالة "مير" الإيرانية للمنشور على صفحتها الرسمية، ونفيها لنشر هذا الخبر، بإغلاق شامل للمجال الجوي الإيراني، الا ان كل المعطيات والدلائل، تؤشر الى ان الرد الإيراني واقع، وهو سيستهدف اهدافا عسكرية واستراتيجية اسرائيلية مباشرة من ايران بصواريخ باليستية بعيدة المدى وعالية الدقة وطائرات مسيرة إنقضاضية من طراز "شاهد 149"، والتي وجهت ضربات قاصمة للدبابات والآليات والقوات الأوكرانية من خلال بيعها لروسيا واستخدامها من قبلها.
الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والقيادتان العسكرية والأمنية الإسرائيلية في حالة ترقب وقلق وإرباك وإستنفار، حيث التعليمات صدرت بوقف الإجازات للجيش، وجرى نصب ونقل المزيد من منصات وبطاريات الدفاع الجوي والصواريخ الإعتراضية الى المنطقتين الشرقية والشمالية، وشهدت اسرائيل حالة تهافت غير مسبوقة لسحب النقود من ماكنات الصرف الآلي البنكية، حيث نفذت من تلك الماكنات، وكذلك عمليات شراء المواد التموينية والمياه وتخزينها، أدت الى نفاذ تلك المواد من رفوف المحلات والمولات التجارية ، وأيضاً نفذت المولدات الكهربائية من نقاط البيع، والخوف من انهيار شبكة الإتصالات، دفع السكان الى شراء هواتف نقالة تعمل عبر الأقمار الصناعية. وحالة الهلع والخوف، دفعت بالناطق العسكري الإسرائيلي لمخاطبة الجمهور مباشرة، والطلب منهم بعدم الإسراف في سحب النقود من الصرافات الآلية وتقنين عملية تخزين المواد الغذائية، وعدم إثارة حالة من الهلع والخوف .
حسب ما تقول المواقع العبرية، ووسائل الإعلام الأمريكية، فإن الرد الإيراني سيكون مباشرة من طهران وبقصف صاروخي كبير، وبمسيرات انقضاضية بأعداد كبيرة، وعلى خلفية ذلك زار قائد الجيوش المركزية الأمريكية اريك كوريلا، ووزير دفاعها لويد اوستن تل أبيب، والتقيا قادتها العسكريين والسياسيين، للتنسيق في الرد المشترك على التهديدات الإيرانية والرد المتوقع من قبل طهران، حيث تقول أمريكا بأنها ستشارك في التصدي للرد الإيراني، إما بالهجوم مباشرة على منشأت ومواقع وبنية نووية ايرانية، أو قواعد ومنصات إطلاق الصواريخ، أو القيام بإعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية من خلال القواعد الأمريكية الموجدة في دول الخليج والعراق وتركيا والأردن، وكذلك غير مستبعد مشاركة بريطانيا وفرنسا والمانيا عبر عمليات لوجستية وإستخبارية .
المنطقة والإقليم ستقف أمام تطورات كبرى، فيبدو أن التفاوض على صفيح ساخن بين ايران وامريكا قد نفد وقته، وكذلك سياسة اللعب على حافة الهاوية، يبدو بأنها ستصل الى حد الهاوية والمواجهة الكبرى، اذا ما خرج الرد على الرد الإيراني عن السيطرة، وفتح الأفاق نحو تدحرج الأمور الى حرب إقليمية شاملة، والأيام القريبة القادمة ستحدد الوجهة والإتجاه، بحرب محدودة او حرب شاملة، تأكل الأخضر واليابس.