متابعات: أظهرت صور حديثة نشرها الموقع الرسمي للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم دماراً شاملاً لحق بمقر نادي اتحاد الشجاعية الفلسطيني أحد أبرز أندية الدرجة الممتازة، إثر استهدافه المباشر من الاحتلال الإسرائيلي.
وأسفر قصف الاحتلال الإسرائيلي لمقر النادي الفلسطيني عن 15 شهيداً مع نهاية شهر آذار الماضي، فتحوّل إلى قطعٍ من الحجارة المختلطة بالدماء، وبقايا من عشرات الكؤوس المعدنيّة، التي تحصّل عليها الفريق، الذي تأسس العام 1976، في حيّ الشجاعيّة، شرق مدينة غزّة.
اتحاد الشجاعيّة .. حالة خاصّة وبطولات خالدة
جاء تأسيس نادي اتحاد الشجاعيّة في منتصف سبعينيات القرن الماضي، كنتيجة واضحة لاهتمام منظمة التحرير الفلسطينية بمختلف القطاعات المساندة لعملها النضّالي، وتزامن تأسيسه كذلك مع تأسيس أندية مختلفة في قطاع غزّة والضفة الغربيّة، مثل أندية الصداقة، وجبل المكبر، وشباب السموع، والتي تأسست كلها في العام ذاته (1976).
وشهد نادي الشجاعيّة لحظات تقدّم وتراجع في مسيرته، تأثر معظمها بحالته الخاصة، إذ يقع مقرّه في حيّ الشجاعيّة، الذي يوُصف باعتباره البوابة الشرقيّة لقطاع غزّة، والذي شكّل مسرحاً لهجمات متكرّرة شنّها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، لا سيّما في عدوان عاميّ 2008- 2009، وعدوان العام 2014، ثم حديثاً بعد السابع من شهر تشرين الأول لعام 2023.
وتمكّن نادي اتحاد الشجاعيّة من إحراز عددٍ من البطولات في الرياضات المختلفة، على الرغم من ظروفه الاستثنائية، منها ستّ بطولات على مستوى كرة القدم؛ فتُّوج بدوري الدرجة الممتازة في قطاع غزّة موسم 2014-2015، وبطولة كأس فلسطين في قطاع غزّة خلال موسميّ 1998-1999، و2014-2015، إلى جانب تتويجه ببطولة كأس السوبر الفلسطيني في قطاع غزّة، أعوام: 2000، و2015، و2019.
أفضل اللحظات وأصعبها
سجّل الشجّاعية اسمه بحروف من ذهب في تاريخ الكرة الفلسطينية، حيث كان أول نادٍ فلسطيني يُحرز انتصاراً رسمياً في بطولة قاريّة، بعد فوزه في ذهاب دور الـ32 من بطولة الأندية الآسيوية أبطال الكأس على نادي الوحدات الأردني، بهدفين لهدف، في مباراة احتضنها إستاد فلسطين الدولي في قطاع غزّة، العام 2000، وزار فيها لاعبا الفريق الفلسطيني، فادي بكرون، ومحمد أبو حليمة، مرمى الضيوف.
وعاش النادي، في العام 2015، إحدى أبرز لحظاته تاريخياً، حيث سافر فريق كرة القدم إلى الضفّة الغربية، بصفته بطلاً لكأس قطاع غزّة، مواجهاً بطل كأس الضفة الغربيّة، أهلي الخليل، على لقب كأس السوبر الفلسطيني، وذلك بعد خمسة عشر عاماً من آخر زيارة متبادلة بين أندية القطاع والضفة الغربيّة، فاستُقبل الفريق استقبال الأبطال، تقديراً لبطولات وتضحيات أبناء "حيّ الشجاعيّة" أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة حينها، وتقديراً للموسم الملحمّي الذي قدمه الفريق بعدها، وتمكّن خلاله من إحراز الألقاب الثلاثة المحليّة، حتى وصل الحال بأهل محافظة الخليل إلى مؤازرة "الشجّعان"، أمام فريق المدينة المحليّ، في إياب نهائي البطولة، الذي أقيم على إستاد الحسين بن علي.
وفي الوقت الذي اختلطت فيه كؤوس النادي مع دماء الشهداء، وحجارة المبنى المُهدّم، تُشير ذاكرة الكرة الفلسطينية إلى دور الأسطورة إسماعيل المصري (أبو السبّاع) في تقديم فريق الشجّاعية للجمهور الفلسطيني، مع نهاية سبعينيات القرن الماضي، ثم إلى إنجازات المدرب التاريخي، نعيم السويركي، وتُشير الذاكرة كذلك إلى أسماء كثيرة مرّت على النادي وتركت أثراً واضحاً، ومن بينها أبطال برونزيّة الدورة العربيّة مع منتخب فلسطين العام 1999، الثلاثي: صائب جنديّة، ومحمد السويركي، وهيثم حجّاج.
حجّاج: يهدفون لمسح الذاكرة
وأكد اللاعب السابق لنادي اتحاد الشجاعيّة، المدرب هيثم حجّاج أن الدمّار الذي حلّ بمقرّ نادي اتحاد الشجّاعية ترك في قلبه حسرة بالغة، لا سيّما أن هذه المشاهد تأتي في لحظات استهداف ممنهج لمختلف المنشآت الرياضية الفلسطينية.
وأضاف حجّاج: "يهدف الاحتلال الإسرائيلي إلى مسح ذاكرة الرياضيين الفلسطينيين، ولا سيّما الذاكرة المتعلقة بلحظات الإنجاز، والحياة، ولذلك استهدف مبنى النادي ودمّره بالكامل، ولكنّنا نحتسب ذلك نوعاً من التضحية، التي تتزامن مع تضحيات أكبر يقدّمها شعبنا في مختلف القطاعات، وفي هذا الظرف الاستثنائي".
وكان فريق كرة القدم في نادي اتحاد الشجاعيّة قد تصدّر قائمة ترتيب دوري الدرجة الممتازة، في قطاع غزّة، للموسم الرياضي الحالي، الذي توقّف بعد السابع من شهر أكتوبر 2023، وكان يسير في طريق واضحٍ للمنافسة على لقب الدوري الثاني في مسيرته، لكن ذلك انتهى الآن، وإن عاد: فمن يعيد إلى اتحاد الشجاعيّة مقرّه؟ وإرث السنين؟