ربما لم يقدم مسؤول من دولة الكيان العنصري، "هدايا سياسية" للرسمية الفلسطينية، وكذا العربية، وبالتأكيد لأنصار الحرية وكارهي الظلام، ما قدمه رئيس الحكومة الفاشية نتنياهو خلال جولته في الولايات المتحدة، من خطاب كشف حقده على "الآخر" أي "آخر" ليس فاشيا ولا عنصريا، إلى ما حدث بعد لقاء نائب الرئيس الأمريكي والمرشحة عن الحزب الديمقراطي لمنصب الرئيس كاملا هاريس حتى لقاء ترامب.
نتنياهو، وتحالفه متعدد الرؤوس، وضع كل ما يفكر به بلا رتوش وبلا أي خداع فوق طاولة البحث والرؤية السياسية، بأنه لا مكان لأي تسوية وسلام أو نهاية حرب لا تؤدي إلى انهاء الكيانية الفلسطينية.. وشطب التعبير من "الجغرافيا السياسية"، وما يريده "عبيدا" يعملون في "مزرعته التوراتية" وفق شروط خاصة، بما يمليه بن غفير وسموتريتش.
بعد خطاب نتنياهو في الكونغرس، الذي اعتبر كل يهودي أو أمريكي معارض له ليس سوى "عميل" أو "معادي للنتنياهوية"- وجه آخر لمعاداة "السامية الفاشية" التي يروج لها -، فتح النار وفريقه على كاملا هاريس، بعدما تحدثت عن المأساة الإنسانية التي يعيشها أهل قطاع غزة جراء الكارثة الكبرى فأنجبت "إبادة جماعية، وطالبت بانتهاء تلك الحرب.
رغم أن جوهر موقف هاريس لم يفترق كثيرا عما تعلنه الإدارات الأمريكية، دون إدارة ترامب السابقة، لكنها وضعتها في سياق مكثف وبلغة مباشرة صريحة وحادة، وهو ما غاب كثيرا عن سماع حكام دولة الاحتلال، ربما بعد مرحلة كلينتون، لغة إنسانية، مترافقة مع إعادة الاعتبار لمواقف سياسية، تجاهلتها لغة "الخارجية الأمريكية ووزيرها اليهودي" بلينكن، ما يتعلق بحق الشعب الفلسطيني أن يعيش بحرية وكرامة وتقرير مصير بالذهاب لحل الدولتين، ومعها أعلنت التهديد المباشر، بأنها "لن تصمت".
ربما هي المرة الأولى، التي يستخدم نائب رئيس أمريكي مرشح للرئاسة، بل مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية، تعبيرا تهديديا مباشرا لحكومة في دولة الكيان، بأنه لن يقف متفرجا على استمرار ارتكاب الإبادة الجماعية مع جرائم حرب وعدم الذهاب إلى حل سياسي يؤدي إلى قيام دولة فلسطين بجوار دولة إسرائيل، باعتبار ذلك يعزز وجودها وأمنها واستقرارها.
وسريعا، انطلقت الحملات المضادة ضد هاريس، من داخل الكيان بأنها تجاوزت كل المسموح في الكلام، بل أن كلامها يهدد "صفقة التبادل" و"وقف إطلاق النار في غزة"، وصولا لأنها تعمل على ضرب المشروع اليهودي، فجاء ترامب ليكمل ما لم يقله فريق نتنياهو، بأنها لم تحترم إسرائيل، وبأنها تكره اليهودي وكيف لهم أن ينتخبوها..(رغم المفارقة الفريدة، أن زوجها يهودي).
الحرب على هاريس، والتي أكدت في تصريحاتها دعهما المطلق لدولة الكيان وأمنها واستقرارها، وفق حدودها الخاصة، لكنها رفضت إبادة شعب كبشر وككيان، حرب تشير أن حكومة التحالف الفاشي لن تذهب لما يمكن أن يكون حضورا خال من العدائية المطلقة لغير "نموذجهم الفاشي الجديد".
حرب نتنياهو وفريقه ضد هاريس، هي رسالة إلى البعض الذي يحاول خداع البعض، بأن نتنياهو وبن غفير وسموتريتش يمكنهم أن يكونوا شركاء في "صفقة" أي "صفقة" تمنح الفلسطيني، داخل بقايا الوطن، مجالا للحياة الإنسانية، فكل ما يفعلون محاولة قبر "الفلسطينية كيانا وشعبا"، لا يحتاج لبحث ودراسة وتحليل.
لماذا لا تذهب "الرسمية العربية" بالعمل على معاقبة دولة الفاشية اليهودية.. هل هناك "مصالح بينية" تمنعها من تحدي من تحداهم.. أم أنه انتظار للخلاص من "جرس الازعاج" الفلسطيني الذي بات وجوده "تشويشا" على مصالح خارج السماء العروبي..
ماذا تنتظر الرسمية الفلسطينية، وهي ترى المؤامرة بدأت تحرق كثيرا من "أركان وجودها"، لتخطو خطوة تؤكد "فلسطينيتها"، قبل أن تصبح "أثرا من رماد حريق الحلم الوطني"..سؤال بات مملا وجدا ولكن لا بد منه.
ليس هناك سذاجة سياسية تفوق سذاجة تهديدات اللغة النظامية الرسمية بـ "لن نسمح ولن نقبل وسيكون لها أثرا".. فتصبح كل تهديداتهم "أثرا أثرية على تراب شوارع أرض العروبة".