كلما أشعل نتنياهو ناراً إضافية فوق النيران المشتعلة في الشرق الأوسط، يتدخل وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، إما باتصالات هاتفية مع المؤثرين في مسار الحرب قتالاً أو وساطات، أو بزيارة شخصية لمنطقة الاشتعال. والآن وبعد التصعيد الأخطر منذ بداية الحرب، يطل برأسه من جديد يطالب ببذل جهد لاحتواء الموقف، وكأن الذي حدث هو مجرد أمر عابر تطوقه التصريحات والاستعراضات والوساطات.
بلينكن يعرف أن الإمساك بالنقيضين في قبضة واحدة
كما يفعل، لن يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة، وهي زيادة الاشتعال واتساع مساحات امتداداته، مع ظهور متزايد لعجز أمريكا عن إنجاز ولو تقدم طفيف نحو التهدئة المؤقتة، بحيث لا نستطيع المجازفة بالقول إنهاء الحرب.
السيد بلينكن إذا كان حقاً يرغب بنجاح يسجل له ولدولته العظمى فعليه أولاً أن يدرس ويقّوم حركته المبالغ فيها على ساحة الحرب، وأن يجد هو الإجابة عن سؤال... لماذا كلما وصل إلى المنطقة أو وصل قبله وبعده مبعوثون أمريكيون بمستواه تزداد الأمور اشتعالاً وتزداد الآفاق السياسية تعقيداً وابتعاداً.
الأمر لا يحتاج إلى مؤسسات بحثية تساعده في الدراسة وإيجاد الجواب فهو يعرفه جيداً ولكنه يتجاهله كي تظل دوامة الحرب تغرق المنطقة بالنار ودوامة الوساطة تغرق في فشل إثر فشل.
بلينكن يعرف ويتجاهل. أن التشجيع الذي يتلقاه نتنياهو من العبارة الأمريكية المتكررة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" والمدعومة بفتح مخازن المال والسلاح والذخيرة بلا ضوابط لتزويد آلة الحرب الإسرائيلية وإلهاء العالم بأحجية اليوم التالي وما يجب عمله، كل ذلك هو مجرد صب الزيت على النار، ووقائع الأشهر العشرة الماضية تبرهن على ذلك، أمّا عربة الإطفاء التي يقودها بلينكن فهي إما أن تصل بعد الحريق وإن وصلت أثناءه فهي بلا ماء.