ليس صدفةً ما قاله الشيخ حسن نصر الله مخاطباً المستعمرة بقوله: "بيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان، وإن الرد بات موجباً"، عقب اغتيال فؤاد شكر القائد العسكري في حزب الله.
الاشتباكات ما زالت متواصلة بحدها الأدنى، لم تتوقف ولن تتوقف، ولكن الاستعداد الإسرائيلي للمواجهة، أو للدفاع، أو للرد على أيّ مبادرةٍ هجوميةٍ من حزب الله أو من إيران أو من أي طرف آخر، تدفع هذه الأطراف للتأني، وهذا شكل من أشكال المواجهة، كي تكون الضربة العربية الإيرانية، إن تمت، مؤثرة وفاعلة، وتكون قد حققت مرادها.
كما أن الاستعدادات الجارية لدى الأطراف العربية والإيرانية تتطلب التأني، تمهيداً لاتخاذ كل الاحتياطات اللازمة المرافقة لعملية الهجوم، واستيعاب ردة فعل قوات المستعمرة، حينما تقوم بعملية الرد الدفاعية على الضربات الهجومية الإيرانية العربية.
لم تعد الأطراف العربية والإيرانية مجرد داعم للمقاومة الفلسطينية، بل ورطها نتنياهو كي تكون شريكة من خلال توسيع شكل المواجهة لتكون خارج فلسطين، وتمكن من دفع الولايات المتحدة كي تكون شريكة مباشرة بقواتها مع قوات المستعمرة، وأن لا يقتصر عملها كي تكون كما كانت منذ عملية 7 أكتوبر وما تلاها معالجة تداعياتها، بتقديم الإسناد والمظلة السياسية والعسكرية والاستخبارية والتكنولوجية والمالية، بل ستتحول، كما ترغب المستعمرة، لأن تكون الولايات المتحدة شريكاَ قتالياً مباشراً في مواجهة إيران.
لا شك أن لدى المستعمرة قوة نيران مضاعفة مقارنةً بقدرات المقاومة، ويتبين ذلك من خلال حجم جرائم القتل والتدمير التي ارتكبتها في قطاع غزة وما تفعله في الضفة الفلسطينية، وهو ما تحاول تمريره إلى لبنان واليمن وسوريا، ولكن قوة الردع لدى حزب الله منتظرة، كما وعد وأكد السيد نصر الله.
الصراع بالنسبة للمستعمرة هو مسألة حياة أو موت، وليس صراعاً على حدود، أو إجراءات، أو أي شكل من أشكال التباين أو الخلاف، بل الصراع بالنسبة لهم هو صراع من أجل بقاء المستعمرة، كقوة تدميرية، وسياسية متنفذة، واحتلال مستديم، ولذلك يعملون على توظيف كل ما يملكون من قوة نيران تدميرية لجعل "عدوهم" الفلسطيني أولاً والعربي ثانياً والإيراني ثالثاً، في حالة تراجع وانحسار وضعف، لا ترتقي لمستوى قدرات المستعمرة وإمكانياتها المفتوحة.
التطرف الإسرائيلي على همجيته، يُسبب أقسى أنواع الوجع والخسارة للشعب الفلسطيني، ولكن هذا التطرف يجد المقت والرفض والاشمئزاز من قبل شعوب العالم، بما فيها قطاعات واسعة من الشعب الأميركي والشعوب الأوروبية، وهو تحول مهما بدا ضعيفاً أو متواضعاً، أو لم يترك نفسه بقوة على سياسات الولايات المتحدة وأوروبا، لكنه مقدمات ضرورية ستتحول تدريجياً وتراكمياً لصالح عدالة القضية وشرعية مطالبها، وتؤدي بالضرورة لعزل المستعمرة أُسوةً بما حصل مع جنوب أفريقيا، وكافة الدول الاستعمارية التي مُنيت بالهزيمة والخذلان، بسبب تطرفها وعنصريتها وفاشيتها، وهو ما ينطبق على سلوك المستعمرة وأفعالها وجرائمها.
لم تعد الأطراف العربية والإيرانية مجرد داعم للمقاومة الفلسطينية، بل ورطها نتنياهو كي تكون شريكة من خلال توسيع شكل المواجهة لتكون خارج فلسطين، وتمكّنَ من دفع الولايات المتحدة كي تكون شريكةً مباشرةً بقواتها مع قوات المستعمرة.