- قصف مدفعي على مناطق شمال غرب قطاع غزة محيط منطقة الصفطاوي
جاء اختيار يحيى السنوار رئيسا لحركة حماس يوم 6 أغسطس 2024، خلفا للراحل إسماعيل هنية الذي تم اغتياله في العاصمة الإيرانية بمقر خاص للحرس الثوري يوم 31 يوليو 2024، خبرا أشبه بالمفاجأة الكبيرة، لم تكن ضمن "خيارات التفضيلات الإعلامية" لمن يسمون "الخبراء الاستراتيجيين او التكتيكين"، بعيدا عما سيكون لاحقا من "وقاحة البعض" في الادعاء بالحديث عن "ألم نقل لكم".
اختيار السنوار رئيسا لحركة حماس، لم يكن ضمن مسار تنظيم سليم، وهو الذي فاز بمنصبه الراهن بصعوبة بالغة وبدورة ثانية من الانتخابات مارس 2021، (لا زال بعض ما حدث بها متداولا)، وتلك مسألة لا يجب أن تغيب عن كيفية التعامل مع الانتخاب الجديد، والمسببات التي حكمت القرار.
من حيث المبدأ، يمكن اعتبار اختيار يحيى السنوار رئيسا لحركة حماس، يحمل مؤشرا بـ "الذكاء السياسي" لقيادتها، من حيث أنها تمكنت مبكرا من حصار ما يمكن أن يكون لو كان خيارا آخر، في ظل "الصراع المعلوم جدا" بين أجنحة الحركة الداخلية، والمتحورة بين مسميات "تيار الجماعة الإخوانية" يقوده خالد مشعل، و"التيار الفارسي" ورمزه الحي يحيى السنوار، بما بات له رمزية خاصة خارج قطاع غزة،
اختيار السنوار رئيسا لحماس، منع حالة "انفجار داخلي"، أو ربما أجلها إلى حين "ترتيبات اليوم التالي" لحرب قطاع غزة، والتي ستكون نهايتها عامل الحسم المركزي في اختيار الرئيس القادم للحركة، وستترك آثارها على مسارها تنظيميا وسياسيا وستحدد مستقبلها العام، وليس فقط مسألة رئيسها المراد أن يكون.
اختيار السنوار رئيسا لحماس، منح عمليا وبلا بيانات معلنة، خالد مشعل بمكانته في الحركة رئيسا لها بالخارج المسؤولية التمثيلية الأولى، ما يمكن اعتباره "جائزة ترضية" و"تقاسم وظيفي" مقبول داخل الحركة.
اعتبار البعض اختيار السنوار رئيسا لحماس، ردا على عملية اغتيال إسماعيل هنية، يمثل مظهرا من مظاهر "الغباء السياسي"، وإشارة غير "ذكية" لوجود صراع داخل الحركة حول الحرب في قطاع غزة، مسارا وأهدافا، وإشارة ساذجة بأن غالبية قيادة الخارج متهمة من حيث المبدأ ليست مع "خيار السنوار"، فكان اختياره "ردا انتقاميا" بنصرة "متشدد" على "معتدل" رحل.
اختيار السنوار رئيس لحماس، بما له من عملية "إنقاذ مؤقت" لمنع "انفجار داخلي" ليس زمانه ولا يخدمها إقليميا ودوليا، لكنه بالمقابل يحمل ملاحظات لا يمكن أبدا تجاهلها عند تناول الاختيار بعيدا عن "عواطف اللحظة".
في شهر يوليو 2024، تحدث مدير المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيريز في لقاء "مغلق"، حول تعرض يحيى السنوار لضغوطات كبيرة من قيادة حماس بالخارج حول ما يحدث، وأن "الضغط الداخلي الذي يواجهه هو ضغط جديد، بما في ذلك مكالمات كبار قادته الذين سئموا القتال".
بعيدا عن صوابية القول من عدمه، فرسالة بيرنز تحمل إشارة واضحة، بأنهم يراقبون السنوار هاتفيا بشكل دقيق جدا، وبأنهم يستخدمون "الخلاف الداخلي" لحسابات سياسية لاحقة، وهو ما دفع وزير خارجية الولايات المتحدة بلينكن إلى وصف إعلان يحيى السنوار رئيسا لحماس، بأنه اختيار "الرجل الذي يملك قرار وقف إطلاق النار واتمام "صفقة التبادل".
اعتبار السنوار بعد اختياره رئيسا لحماس، بأنه "المسؤول الأول" عن الوصول إلى "صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في قطاع غزة"، يحمل في طياته عملية تضليل سياسي كبير، وهروبا أمريكيا واضحا من حقيقة الطرف الذي عرقل، ولا زال" تطبيق قرار مجلس الأمن 2735 منذ يونيو 2024، وهو القرار الأممي المشتق من مقترح الرئيس الأمريكي بايدن.
الحقيقة "المطلقة" الوحيدة التي يمكن الحديث عنها، هو أن رئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية نتنياهو، هو الذي لا يريد لا حلا ولا صفقة ولا وقفا للحرب، وذلك ما قاله بايدن له في أخر مكالمة هاتفية بينهما، إلى جانب قادة المؤسسة الأمنية وفريق التفاوض لدولة الكان، مع قادة المعارضة وعائلات الرهائن، الذي اعتبروا نتنياهو هو من لا يريد حلا.
اختيار السنوار رئيسا لحركة حماس، قد يكون "نفق هروب" أمريكي من الضغط على "المارق" نتنياهو، كما وصفته صحيفة نيويورك تايمز، والرافض لكل حل بعدما قبلت حماس، بدون أي تحفظ، "قرار مجلس الأمن – مقترح بايدن" وبما حمل من تنازل جوهري حول التخلي عن "التنفيذ المتوازي" لصالح "التنفيذ المتتالي"، والذي يخلو من ضمانة التنفيذ في عناصر الصفقة، بشهادة "أمريكية" سابقة.
بلا شك، سيجد نتنياهو في اختيار السنوار رئيسا لحماس، بعدما وصفه البعض الفلسطيني والعربي بـ "الرد الاستراتيجي" على اغتيال هنية فرصة العمر لمواصلة الهروب من لحظة حسم صفقة التبادل، وسيقوم بهجوم مضاد على معارضيه في وقت سريع، مستخدما رواية أمريكية ورواية بعض "الجهلاء السياسيين".
ما سيكون بعد اختيار السنوار رئيسا لحماس، في مواجهة حكومة الفاشية اليهودية ورئيسها نتنياهو، أكثر "تعقيدا" مما كان قبله، ما يفرض طريقا "مختلفا" من الحركة عما كان فيما هو قادم.