الكوفية:القدس المحتلة - قال ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، ان الاحتلال الإسرائيلي يواصل خنق قطاع غزة في أعقاب اتفاق وقف الشق العسكري من حرب الإبادة الجماعية (وقف إطلاق النار)، في خطوة تكشف عن امتداد ممنهج لمخطط التطهير العرقي. فبينما توقفت الغارات العسكرية، يبقى الحصار الخانق أداة مركزية في تنفيذ هذه السياسة، مما يعكس تحولًا محسوبًا من الإبادة الجماعية عبر القصف المباشر إلى الإبادة عبر الأدوات الهيكلية وعلى رأسها حصار غزة. هذا التحول ينسجم مع النهج الإسرائيلي الأوسع، الذي حظي بدعم إضافي بعد مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعي إلى التهجير القسري لسكان غزة، في مخطط واضح للتطهير العرقي.
وأكد القيادي الفتحاوي أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ سياسة مدروسة لعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، حيث يتم توظيف التجويع والتشريد والحرمان الطبي كأدوات لمواصلة حملته الإبادية ضد اهلنا في غزة. وأضاف: "ما نشهده هو إعادة هيكلة للإبادة الجماعية، حيث انتقل الاحتلال من القتل عبر القصف العشوائي إلى القتل عبر التحكم الدقيق في شروط البقاء، محولًا الحصار إلى سلاح يمارس الإعدام البطيء على شعب بأكمله."
وأوضح دلياني أن الاتفاق ينص على إدخال 600 شاحنة مساعدات إنسانية يوميًا، بينها 50 شاحنة وقود وغاز، إلا أن الاحتلال يسمح فقط بجزء ضئيل من هذا العدد، حيث لا يتجاوز متوسط دخول 15 شاحنة وقود يوميًا. ومنذ بدء تنفيذ الاتفاق، دخل إلى القطاع 8,500 شاحنة مساعدات فقط بدلاً من 12,000، بينما لم يصل إلى شمال غزة سوى 2,916 شاحنة من أصل 6,000 نص عليها الاتفاق.
وأشار دلياني إلى أن طبيعة المساعدات التي يسمح الاحتلال بدخولها بحد ذاتها تكشف بوضوح استراتيجيته في التحكم بالحياة داخل القطاع، حيث يتم تمرير سلع ثانوية مثل الشوكولاتة ورقائق البطاطا، بينما يتم منع دخول المواد الأساسية للإيواء. وأضاف: "يحتاج القطاع اليوم إلى 200,000 خيمة و60,000 وحدة سكنية متنقلة، لكن الاحتلال لم يسمح إلا بدخول أقل من 10% من الخيام، فيما لم تدخل أي وحدة سكنية متنقلة، مما يدفع عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية في غزة إلى مواجهة قسوة الشتاء القارس دون مأوى."
أما القطاع الصحي، فيظل مشلولًا بسبب عرقلة الاحتلال إدخال المعدات الطبية والوقود اللازم للمستشفيات، إلى جانب منع إجلاء المرضى والمصابين للعلاج. والنتيجة مأساوية: 100 طفل فلسطيني فارقوا الحياة بسبب تأخير إجلائهم، فيما توفي 40% من مرضى الفشل الكلوي بسبب توقف جلسات الغسيل الكلوي.
وفيما تبقى البنية التحتية مشلولة، تستمر القيود الإسرائيلية في عرقلة إزالة الركام وإعادة تشغيل محطة الكهرباء، مما يعمق الأزمة الإنسانية في القطاع. وختم دلياني بقوله: "ما يحدث هو اكثر من حصار، فهو إعادة صياغة للإبادة الجماعية بأساليب أكثر بطئًا، لكنها بنفس الدرجة من الفتك. وقف القصف لا يعني نهاية الإبادة، بل انتقالها إلى مرحلة أكثر إحكامًا عبر الحصار وتجويع اهلنا في القطاع وتشريدهم."