مشروعان وبرنامجان أمام مجلس أمن الأمم المتحدة، يعرضه الأول كوشنير مستشار الرئيس الأميركي بجلسة غير علنية، والثاني سيعرضه الرئيس الفلسطيني ويدافع عنه بجلسة علنية مفتوحة.
العرض الأميركي لن يحظى بالقبول والموافقة من قبل أغلبية أعضاء مجلس الأمن: روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا الأعضاء الدائمون، وممثل المجموعتين العربية والإفريقية تونس، وممثل المجموعتين الإسلامية والأسيوية إندونيسيا، ولهذا السبب طلبت واشنطن أن تكون جلسة عرضها غير علنية، بينما سيحظى المشروع الفلسطيني بالقبول والموافقة، باستثناء الموقف الأميركي الذي سيستعمل حق النقد الفيتو لإحباط صدور قرار أممي من قبل مجلس الأمن يرفض «صفقة القرن» ويؤيد القرارات الدولية المتعلقة بحق الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم: حقهم في الاستقلال وفق القرار 181، وحقهم في العودة وفق القرار 194، وهكذا تُضيف فلسطين لسجلها التراكمي انتصاراً سياسياً جديداً وهزيمة للولايات المتحدة بسبب انحيازها للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
حكومة المستعمرة أجّلت تنفيذ خططها الإلحاقية التوسعية بضم منطقتي المستعمرات والغور من الضفة الفلسطينية لخارطة المستعمرة إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية يوم 2/3/2020، بناء على طلب أميركي أعلنه كوشنير، وهو تراجع نسبي تكتيكي من قبل واشنطن نظراً لحجم المعارضة لخطة ترامب، وهي حصيلة يجب أن يفهمها أصحاب الشعارات الكبيرة والأفعال المتواضعة، فالفعل الفلسطيني المتدحرج التراكمي عربياً وإسلامياً ومسيحياً وإفريقياً ودولياً هو الذي يشكل حائط صد للسياسات الإسرائيلية الأميركية، وهو ما يحتاجه الفلسطيني ويطلبه ويعمل لأجله بدءاً من مواقفه وتماسكه ووحدة مؤسساته وحُسن الاختيار لأدواته النضالية.
على الفلسطيني أن يتعلم أنه هو الذي يصنع قدراته التراكمية، وأن يحسب خطواته في مواجهة العدو، ولمواجهة تفوق العدو الإسرائيلي على الفلسطيني أن يبدأ من تماسك نفسه، وتمتين جبهته الداخلية، فهي القوة وهي الأداة ومن ثم ينتقل لطلب العون والمساندة من أشقائه وأصدقائه.
ما زالت الأولويات لدى صاحب القرار الفلسطيني ليست المواجهة على الأرض، بل تقتصر خياراته على الصراع السياسي الدبلوماسي، وقد اُختبرت قدراته في هذا المجال، وسبق له أن هزم المعسكر الأميركي مرات ومرات عند التصويت لدى أي من مؤسسات الأمم المتحدة، ولكن الواقع ما زال قاسياً مريراً على الشعب الفلسطيني في وطنه المحتل، والاستيطان متواصل بالتوسع والتمدد سواء في القدس أو في الضفة الفلسطينية وفرض شروط التقاسم الزماني في ساحات الأقصى تفعل مفاعيلها عنوة.
لقد ولدت السلطة الفلسطينية كأحد أدوات منظمة التحرير، كمقدمة لقيام الدولة الفلسطينية وبناء مؤسساتها، ولذلك إذا فقدت دوافع وجودها، وغدت غطاء للاستيطان والتمدد الاستعماري، يجب تغيير شكلها وأدواتها ووظائفها، لتكون بمثابة إدارة ذاتية ناجحة متفوقة لشعبها، وأن تعود لمنظمة التحرير داخل وخارج فلسطين مكانتها ودورها التمثيلي في قيادة الشعب الفلسطيني، وأن تتسع مؤسساتها لشراكة القوى الأخرى حماس والجهاد والمبادرة.