يتباهى طرفا الانقسام في فلسطين، بما حققاه من قدرة على مواجهة الوباء الكوروني، بل كلاهما يعتقدان جدا، انهما "الأفضل عالميا"، وأحدهم "تغزل بالحكمة الرئاسية والحكومية" الى درجة قوله أن الآخرين يدرسون ما اتخذوه من "قرارات" لحصار الفايروس الرهيب.
دون نقاش، مدى مصداقية أقوال يمكن اعتبارها لحظة هروب الوعي، فالواقع أن الانتشار لم يصل الى ما اعتقد الآخرون نتيجة لواقع سياسي خاص، ولعل قطاع غزة نموذجا لقيمة عدم الانفتاح مع العالم الخارجي، فيما الضفة مقسمة بطبيعتها بقوات الاحتلال، مع تجاهل الوباء في مدينة القدس المحتلة لسبب غير مفهوم طوال الفترة الماضية، حتى تذكرتها أخيرا قبل أيام نتيجة سخرية إعلامية منهم.
ورغم أن الحرب مع "الغزوة الكورونية" لم تنته بعد، ولا يمكن القول أن بقايا الوطن، تمكن من حصارها، فلنتجاوز تلك تماما، لاعتبارات أكثر قيمة للقضية الوطنية.
التعليمات التي لا تتوقف من طرفي التحكم بالشعب الفلسطيني داخل حدود "بقايا الوطن" (سنتجاهل كليا دولة الكيان دون تجاهل الأهل الفلسطينيين فيها)، بأن تدعو الى ضرورة القيام المستمر بتطهير اليدين والجسد، وكل ما يدخل البيت أي كان، توصيات يتحدث بها جهات حكومية و طبية، وهي تنويهات ضرورية جدا كي لا يصبح الوباء في بيوتنا، عمل يساعد كثيرا على حصار الوباء بالقدر الممكن.
يوما ما، سينتهي هذا الفايروس، الذي أدخل فهم جديد لحالة الرعب – الهلع، ومعايير النظافة الجسدية، بل وتغيير راهن بسلوكيات ومسلكيات لم يكن لأي عاقل أن يراها واقعا، خليك بالبيت بالمعنى العام، دروس ستترك أثرها على الحياة بكل تلاوينها، ولكن له نهاية موضوعية ضمن القدرة الإنسانية على مقاومة أخطار تبرز بين حين وآخر.
ولكن، السؤال الذي يمثل أهمية تفوق كثيرا خطر وباء يطال الانسان، ذلك الوباء الذي طال القضية الوطنية الفلسطينية، الى جانب فايروس الاحتلال، ما يعرف وطنيا بوباء الانقسام، الذي يشكل قوة محركة منشطة لخدمة الفايروس الأول.
بالتأكيد، سيفرح الفلسطيني، كما شعوب العالم بيوم النصر على الحرب الكورونية، لكنه سيبقى يشعر بالهزيمة السياسية ما لم ينتصر على خطر الانقسام، وان ينتهي عهد كان العامود الفقري لتمرير مشروع "التهويد والضم والفصل"، وان الحركة الصهيونية وداعهما الرئيسي يغذون ذلك بكل الطرق الممكنة والمتاحة، وعلى استعداد اختراع كل سبل لضمان استمراره، بل أن دولة الكيان جاهزة تماما أن تكون "البنك الرسمي" لتمويل طرفي النكبة الانقسامية كي لا يلفظ الوباء أنفاسه، وليقل كل منهما ما يقول وصفا لذاته، فتلك لا قيمة لها عند العدو الوطني – القومي، ما دامت الخدمة الجوهرية مستمرة، والكلام غبار لا يترك أثرا.
ولأن، المقدمات تشير أن طرفي النكبة الانقسامية، لم يقدما خطوة عملية واحدة، يؤكدان منها، أنهما يدركان ذلك الخطر، عبر سلوك لـ "تطهير الوعي الفاسد سياسيا"، وأن تستبدل شعار "خليك بالبيت" الى "وحدة البيت" وتطهيره من جرثومة نالت كثيرا من جسد قضيته الأم.
هزيمة وباء كورونا دون هزيمة وباء الانقسام، هو الانتصار الحقيقي للعدو الوطني دولة وحركة عنصرية.
فقبل الهزيمة الأخطر حركوا لسانكم مع أقدامكم لـ "وحدة البيت"!
ملاحظة: قيام حماس عناصرا ومنصات إعلامية بالترويج ان قيادة فتح (المركزية) لا تريد اطلاق سراح المناضل القائد مروان البرغوثي مؤشر انه لن يكون من المحررين..المكتوب مقروء يا "بني حماس"!
تنويه أمدي: كان مثيرا جدا لأحد المؤسسات الجامعية في قطاع غزة، ان تضع صورة الشهيد أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحماس بجانب صورة الزعيم المؤسس للسلطة الوطنية أبو عمار والرئيس الحالي عباس...نفاق مستحدث بوحي من "كورونا المستحدث"!