غزة – عمرو طبش: تهدد الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها جامعة الأزهر في قطاع غزة، استمرار المسيرة التعليمية، خاصة أن الجامعة أصبحت تعتمد بشكل أساسي على رسوم الطلاب الدراسية، وتفتقر الدعم الخارجي، فأصبحت غير قادرة على صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم وكامل، وقدمت خلال الآونة الأخيرة مكافآت مالية لموظفيها بدلاً عن الرواتب.
أزمات مالية وقانونية
وقال رئيس مجلس نقابة العاملين بالإنابة في جامعة الأزهر، الدكتور هيثم غبن، لـ "الكوفية"، إن "جامعة الأزهر تمر بأزمة، والعاملين في الجامعة لم يتلقوا رواتبهم بشكل كامل منذ شهر فبراير/ شباط الماضي، بل تلقوا نِسب لا تتجاوز الـ30% من رواتبهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة".
وأوضح، أن "الأزمة المالية التي تمر بها جامعة الأزهر لا يلوح في الأفق حل قريب لها"، لافتا إلى أن العاملين في الجامعة واجهوا كل الصعوبات بمفردهم دون أن ينظر أحد لهم في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.
وأشار غبن، إلى أن "هذه الأزمة لها أكثر من بُعد، أولاً هناك إشكالية في تحصيل الرسوم الدراسية بعدم التزام الطلبة في دفع الرسوم، وثانيًا عدم الالتزام بالنظام والقانون من قبل إدارة الجامعة بمعنى عدم الالتزام بمواعيد التسجيل والدفع للطلبة".
وبين أنه حتى اللحظة لا يوجد وعود من قبل إدارة الجامعة بالالتزام أو تحديد موعد صرف رواتب العاملين في الجامعة بشكل كامل أو جزئي.
موظفون لا يمتلكون أجرة المواصلات
وفي السياق ذاته، حمل عضو نقابة العاملين في جامعة الأزهر، الدكتور وائل دخان، كل من مجلس الأمناء، وإدارة جامعة الأزهر، ووزارة التربية والتعليم، والسلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة في الأزمة المالية التي تمر بها الجامعة، وعدم الالتزام بصرف رواتب العاملين بشكل كامل ومنتظم.
وبين دخان، في تصريحات لـ"الكوفية"، أن مجلس الأمناء في الجامعة لم يقم بدوره في جلب الدعم المادي للجامعة وحل أزمتها المالية التي تمر بها، مضيفًا أن السلطة الفلسطينية التي يجب أن تكون جامعة الأزهر أولى أولوياتها في غزة، خاصة أنها جامعة الكل الفلسطيني، ويجب أن تتضافر جهود كل المخلصين من أجل استمرار الجامعة في أداء رسالتها، وعدم انعكاس هذه الأزمة بشكل سلبي عليها.
وأوضح دخان، أن الكثير من موظفي الجامعة لا يمتلكون أجرة المواصلات التي تنقلهم إلى الجامعة في ظل الظروف الصعبة، مشددا على ضرورة وضع إستراتيجية وخطط لحل هذه الأزمة بشكل عاجل قبل تدهور الجامعة.
رئيس الجامعة .. المسؤول الأول
من جانبه، أكد أستاذ القانون في جامعة الأزهر، الدكتور محمد منصور، أن العاملين والأساتذة في الجامعة حملوا من الأهوال ما لا تحمله الجبال، حيث قاموا بأداء ما عليهم على أكمل وجه وأتم شكل، ولم يقصروا في عملهم، لكن الجامعة لم تراعي معاناتهم.
وأوضح منصور، في تصريحات لـ"الكوفية"، أنه "لو نظرنا مالياً لوجدنا أن المظلة التي يستظل بها العاملين "مظلة القانون والأعراف"، لم تعد قائمة في مكانها وإنما تحركت من قبل مجموعة من المغرضين المارقين، محذرًا من خطورة ذلك".
وبين أن "رئيس جامعة الأزهر أخذ من أكتاف العاملين سُلماً وارتقى عليه، وحقق ما يريد"، موضحا، أن "من يتحمل الأزمة المالية التي تمر بها جامعة الأزهر في هذه الظروف هو صاحب القرار".
وحذر من أن "استمرار الأزمة المالية في الجامعة سينعكس سلبياً عليها من خلال وجود نفور من الطلاب في الإقبال على الجامعة، وذهابهم إلى جامعات أخرى للالتحاق بها"، مؤكداً أنه في حال انهيار الكليات الرئيسة في الجامعة ككلية الطب والصيدلة والحقوق والتجارة فهذا يؤدي بالجامعة إلى الدمار والانهيار.
أزمات متراكمة
في السياق ذاته، أوضح رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأزهر، الدكتور مخيمر أبو سعدة، أن "الأزمة المالية التي تمر بها جامعة الأزهر، متراكمة منذ سنوات"، مبيناً أن هذه الأزمة ازدادت أكثر بسبب جائحة كورونا والظروف المالية والاقتصادية التي يعاني منها قطاع غزة.
وأكد أبو سعدة، في تصريحات لـ"الكوفية"، أنهم لم يتسلموا رواتبهم كعاملين بشكل كامل منذ ثلاثة أشهر، ابتدءًا من شهر فبراير/ شباط الماضي، وحتى الآن لم يستلموا إلا جزء من الرواتب الشهرية.
موارد مالية جديدة
وأضاف، أن "إدارة الجامعة تقول إن ليس لها موارد مالية ويوجد أزمة مالية، وتحاول بأن تصرف ما يتوفر من أموال تعتمد بالدرجة الأولى على رسوم الطلاب".
وأوضح أن الجامعة لديها استحقاقات على وزارة التربية والتعليم العالي في رام الله، ولم تُدفع هذه الاستحقاقات منذ سنوات، لافتًا إلى أن عدم تمويل الجامعة من جهات حكومية وعربية، تسبب بوجود أزمة مالية خانقة تمر بها الجامعة.
وقال أبو سعدة، إنه يجب التوجه باتجاه البحث عن ممولين عرب أو أجانب، وكذلك حث الحكومة على التزاماتها المالية تجاه الجامعات الفلسطينية وخاصة جامعة الأزهر في غزة، موضحا أن مجلس الأمناء بالجامعة هو المسؤول عن توفير الموارد المالية والبحث عن دعم للجامعة، ولكن للأسف هذا المجلس لم يقم بدوره المطلوب منه.
وأشار إلى أن "استمرار الأزمة المالية سيؤدي إلى خلل في العلاقة بين إدارة الجامعة والعاملين على المدى البعيد، وسيؤدي إلى خروج بعض الكفاءات الأكاديمية والعلمية من الجامعة والبحث عن فرص عمل إما في الخارج أو في أماكن أخرى، لأن لم يعد الموظف يشعر بالأمان الوظيفي في الجامعة".