اليوم السبت 21 سبتمبر 2024م
تطورات اليوم الـ 351 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية نتنياهو..اليوم التالي لحرب "وحدة الساحات" يتكون نحو التغيير الإقليمي!الكوفية معنى التفجير الثاني الإسرائيلي؟الكوفية الابتكار في خدمة الدمارالكوفية إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى!الكوفية حملة اقتحامات ومداهمات لعدة مناطق في الضفة الغربيةالكوفية وزير الصحة اللبناني: استشهاد 31 شخصا بينهم 3 أطفال و7 نساء بالغارة على ضاحية بيروتالكوفية العراق أبلغ لبنان استعداده لاستقبال أي عدد من جرحى تفجيرات أجهزة «البيجر»الكوفية الاحتلال يحتجز شابين على حاجز عسكري عند مدخل البيرة الشماليالكوفية مجلس الأمن يحذر من اندلاع صراع مدمر في لبنانالكوفية الاحتلال يقتحم بلدة دير بلوط غرب سلفيتالكوفية مراسلنا: 8 إصابات جراء سقوط قذيفة مدفعية داخل أسوار الكلية الجامعية غرب خانيونسالكوفية شهيد في غارة إسرائيلية على منطقة حامول جنوب لبنانالكوفية العاهل الأردني يدعو إلى مواصلة دعم «الأونروا» للقيام بدورها الإنسانيالكوفية 3 شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي الزيتون جنوب مدينة غزةالكوفية شهيد ومصابون جراء قصف الاحتلال منزلا لعائلة "مخيمر" في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تنسف مباني سكنية غرب مدينة رفح جنوب القطاعالكوفية حالة الطقس اليوم السبتالكوفية طائرات الاحتلال تقصف منزلاً شمال مسجد حسن البنا بمخيم النصيرات وسط القطاعالكوفية شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال منزلا في محيط مجمع ناصر الطبي بخان يونسالكوفية

هل أصبح المجتمع الفلسطيني مجتمعا "كسيحاً"؟

12:12 - 30 مايو - 2020
د. إياد رابعة
الكوفية:

 يعرف عالم الاجتماع العربي حليم بركات المجتمع بأنه "تآلف معقد يشمل بين مقوماته الأساسية الأفراد والجماعات والوطن البيئة والسكان والتنظيم الاجتماعي والمؤسسات والبُنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بمختلف تفرعاتها واتجاهاتها فيما بينها ومع المجتمعات الأخرى عبر تاريخ سحيق في قدمه"، ويزيد بالقول إن المجتمعات العربية متنوعة وتشمل (المجتمع المتجانس، المجتمع التعددي، المجتمع الفسيفسائي) وبالنظر إلى سياقات الحروب والنزاعات السياسية والصراعات والاضطرابات التي طغت على الساحة الفلسطينية خلال الثلاثة عشر عاما والتي نجزم بأنها ساهمت في ضعضعة بُنية المجتمع على صعيد المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والهوية الوطنية وتم تدمير الإنسان الذي يعتبر الركيزة المحورية للنماء والتطور، والتحرر.

حقا إننا نعيش في مجتمع كسيح، والمجتمع الكسيح الذي نعيش فيه هو مجتمع مريض ومعقد تنهشه الذئاب والكلاب والأمراض وتعصف به العواصف لا يقوى على الاستقامة دمرته الحروب والويلات والمصائب وشلت حركته، يعاني من إعاقة فكرية وذهنية وحركية يهدر طاقته وإمكانياته في الترهات والسفاسف خارج قارعة التحضر.

المجتمع الكسيح: مفكك خالٍ من المهاجع الدفاعية قاطن بين جدران الخوف والريبة والشك والزيف والاستلاب يتلذذ بطعم فاكهة الخرافات والخزعبلات والجهل والبلادة الذهنية لا علاقة له بالعلم والمعرفة والتطور ولا يحترم الكرامة العقلية والعقل المنير، المجد فيه للمخبولين والطائشين والسُّراق.

المجتمع الكسيح: مجتمع تبعية وخنوع وارتزاق مجاله الثرثرة والفسفسة والتكفير والتخوين والزخارف اللفظية والخطب المنبرية، تحول فيه بعض البشر إلى كائنات خشنة ومتصحرة لا يهمها إلا شهوة البطن والفرج.

المجتمع الكسيح: بلا دولة ولا مؤسسات وبلا وعي ولا قيادة ولا أفق فيه للعقل والعلم والمعرفة والثقافة والسكينة المادية والروحية يعيش في دوامة من الاحترابات والهرج والمرج والقلق والرعب وغارق حتى أذنيه في الأوهام والانقسامات الحادة ويعيش على شيء من القلة والشظف وتنمو في تربته الفطريات الخبيثة وتترسخ فيه أقدام التوحش لكائنات غريبة الأطوار تبتلع كل شيء المال والغذاء والدواء والأحجار والأشجار والرمال وتشفط الهواء وتبتلع البحار والمياه والأراضي وتتحول فيه زُمر بشرية من كائنات اجتماعية إلى كائنات غرائزية تطلق شهواتها ونزعاتها الذئبية إلى أبعد مدى، فالإنسان في هذا المجتمع لا هم له سوى الحصول على مقومات الحياة الضرورية ولقد تم إغراقه بهموم ومشاكل يومية وتتم هندسة حياته القاتمة بسلسلة متواصلة من الأزمات حتى لا يقوى على النهوض والتفكير السليم. من علامات هذا المجتمع عدم الاكتراث بالإنسان وحقوقه وآدميته وانتشار الفساد والفوضى والمحن والقلاقل التي طحنت عظامه وخربت عالمه الداخلي وأصبح يسير بلا هدى ولا بصيرة فقد الأمل في السلام والأمان والعيش الكريم وانغمس في متاهات لا حصر لها.

المجتمع الكسيح: جامد وغير متحرك مصاب بعمى الألوان غير قادر على استغلال ثرواته وتدبير حياته وعاجز عن إدارة أموره ينتظر الإرشادات والتوجيهات والمساعدات ويعيش على ما يقدمه المجتمع الدولي من مساعدات وهبات وعطايا ولا يعرف مكامن القوة والضعف في مسار إيقاعات حياته اليومية وتفكيره آني لا ينظر أبعد من أرنبة الأنف يرعى مصالح الغير وينسى مصلحته ويبدد طاقاته اليومية في البحث عن (الراتب، أنبوبة الغاز، الماء، الكهرباء، تردي الخدمات) ومشغول بتوفير لقمة العيش وبغلاء الأسعار وانعدام الأمن والأمان المواطن يعيش في فضاءات منهوبة ومنكوبة زاخرة بالمرارات والهزات النفسية والحياتية الكبرى. المجتمع الكسيح: بلا ضوابط ولا مؤسسات وبمنأى عن سلطة النظام والقانون، عقيم وفاسد استشرت فيه النفوس الملطخة بالقذارة يدمر كل شيء ويسير بخطى ثابتة في عالم الخراب ويغوص في بحر غوير من الإعاقات والكسل والشلل الاجتماعي والثرثرة والأمراض المزمنة وأضحى مطمرا عظيما للكفاءات والعقول النيرة.

ماذا أنتج المجتمع الكسيح: لقد أضحى الشعب الفلسطيني يترنح ما بين الحياة والموت تطوقه الحروب والاحتلال والحصار من جهة، وتخنقه أصابع الاستبداد والظلم والقهر والجهل وتسومه العتمة والفوضى وانحطاط الوعي الزائف المرتوق بلعب كيدية وخطابات منبرية تصب الزيت على النار وتذكي المشاعر الحزبية والشخصية والعنصرية وتشقق اللحمة الوطنية. لا مكان في الساحة الوطنية الفلسطينية اليوم للتنمية والثقافة والعلم والمعرفة والعقول المستنيرة، أصبح الفضاء العمومي ملعبا للغوغائيين والجهلة والمشعوذين والنخب المريضة التي أدمنت الكذب والفهلوة وجيشت الغرائز العصبوية والحزبية. مستقبل القضية الفلسطينية قاتم في مهب الريح، فالمشهد درامي مترع بالقتل والجرائم والحرب والنهب والدمار والهجرة والفقر والبطالة.

فحسب تقديرات وإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2019م 37 في المائة من سكان قطاع غزة يفكرون في الهجرة من قطاع غزة، نتيجة الأوضاع المتدهورة التي يعيشونها، فضلا عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة حيث مستوى البطالة وصل إلى مرحلة مزعجة جدا تجاوزت 50 في المائة، وأن ثلث السكان يعيشون دون خط الفقر الوطني العام، هذا بالإضافة إلى بروز الكثير من الظواهر الاجتماعية الوليدة والخطيرة كالانتحار، وجرائم القتل، والتسول، والتفكك الاجتماعي والأسري واللامبالاة. السؤال الذي يطرح نفسه هل يعي راسم وصانع القرار الفلسطيني ما انعكاسات وخطورة أن يصبح الشعب أو المجتمع كسيحا على مستقبل وكيان الوجود الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والاستيطان؟

 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق