غزة - عمرو طبش: على سرير يكسوه الصدأ، تتمدد المواطنة سماهر الحلبي، لا من أجل الحصول على قسط من الراحة أو الاستعداد إلى النوم، ولكن بسبب عدم قدرتها على الحركة بعد إصابتها بالشلل الرباعي نتيجة مرض السرطان، الذي تتقاسمه مع ابنتها أنصاف، المصابة أيضًا بالمرض اللعين، والذي فقدت بسببه البصر والسمع، أما شقيقتها أغصان الأصغر منها سناً، فهي تعاني من مرض نادر اسمه الطفل الشمعي "السماك".
المواطنة سماهر الحلبي البالغة من العمر 39 عامًا، شرحت لـ "الكوفية"، تفاصيل معاناتها مع المرض اللعين، لافتة إلى أنها أصيبت بمرض السرطان منذ عام 2004، بعد شعورها بخذلان بيديها وقدميها، منوهةً أنها كانت دائماً تذهب إلى المستشفيات في قطاع غزة لفحص ما تعانيه من أوجاع، ولكن كان الرد دائماً أن لديها فقر في الدم، وكالسيوم، موضحةً أن الفاجعة الكبرى التي صدمت بها بعد ذهابها إلى مصر لكي تعالج ابنتها أنصاف من مرض السرطان، لتكتشف أنها أيضاً مصابة بهذا المرض في النخاع الشوكي.
وأضافت، أنها خضعت لعملية من أجل الكشف عن نوع هذا المرض، لتحديد هل هو ورم حميد أم خبيث، ولكنه تبين أنه من النوع الحميد فتحسنت حالتها الصحية نوعاً ما على أمل، أن يتم شفاؤها من هذا المرض بعد فترة زمنية، ولكن أملها بات بالفشل لأنها لم تتحسن حالتها الصحية أبداً بل زادت سوءً خاصةً أنها كانت تستطيع المشي، ولكن بعد العملية فقدت التوازن في جسدها، الأمر الذي أدى إلى ضعف كبير في الجانب الأيمن من جسدها جعلها لا تستطيع الحركة بشكل مستمر.
وتابعت الحلبي، أنها بعد العملية الأولى خضعت مرة أخرى إلى عملية في المستشفيات بالأراض المحتلة، ولكن أيضاً باتت هذه العملية بالفشل ولم تتحسن حالتها الصحية أبداً، تم عادت إلى قطاع غزة فاقدة الأمل بتحسن حالتها، مواصلةً أنه تم تجريب عدة علاجات فيها من قبل الأطباء مما أدى إلى مضاعفة سوء حالتها الصحية.
وأوضحت، أنها رجعت مرة أخرى إلى المستشفيات بالأراضي المحتلة لإجراء عملية ثالثة بعد اكتشاف ورم آخر في رأسها، ولكنها كانت هذه العملية الأخيرة والتي قضت على حياتها بشكل كامل بعد تعرضها لشلل رباعي كامل لا تستطيع تحريك كامل جسدها إلا يديها فقط، مضيفةً أنها فقدت السمع في الأذن اليمنى، والنظر في العين اليسرى، وتتعرض لتشنجات بشكل مستمر.
وأشارت إلى أنها بعد إصابتها بالشلل الرباعي تواصلت مع العديد من المؤسسات لمساعدتها بالاحتياجات اللازمة، "ولكن لا حياة لمن تنادي"، فلم أحد يسمع نداءاتها ويلبيها.
وطالبت بضرورة النظر إليها ولبناتها بعين الرحمة والشفقة، ومساعدتها بتوفير سرير طبي خاص لها، وتوفير العلاجات اللازمة، نظرا لحالتها الصحية الصعبة والوضع الاقتصادي السيئ.
من جانبها، تحدثت ابنتها أنصاف الحلبي "19 عامًا"، والتي على الرغم من إصابتها بالسرطان، فهي تتعرض لحالة من التنمر والاستهزاء، قائلة لـ "الكوفية"، إنها "مصابة بالسرطان في رأسها منذ عام 2006، وبعد خضوعها لأكثر من عملية، فقدت سمعها في الأذن اليسرى، وفي الأذن اليمنى فقدت درجتين من السمع".
وأوضحت، أنه "في عام 2013 تم اكتشاف ورم آخر في قاع الجمجمة"، مؤكدةً أن هذا الورم ضاغط على فقرات داخل الرأس مما تسبب بحدوث عدة مشكلات لها منها، ضعف الاستيعاب والتركيز، وعدم الاتزان في المشي، الضغط على التنفس الأمر الذي يجعلها تعاني من صعوبة شديدة في التنفس.
وأشارت أنصاف، إلى أنها لا تخرج أبداً خارج المنزل بسبب تعرضها لحالة كبيرة من التنمر والسخرية من قبل المواطنين في الشارع، وطلبة الجامعات، قائلة، "أنا لما كنت صغيرة وتعرضت للتنمر كان أهلي وأصدقائي يدعمونني كي أتحدى هؤلاء المتنمرين، ولكن عندما كبرت شعرت بحالي منبوذة أكثر وبشكل سيء، لأني بعاني معاناة كبيرة في الجامعة خاصة عندما أسقط على الأرض بسبب عدم الاتزان، فتقابل معاناتي في الجامعة أو الشارع بالضحك والسخرية".
وأضافت، أنها في أحد الأيام قررت عدم استكمال دراستها في الجامعة بسبب عدم مراعاة الطالبات لحالتها، وخاصة داخل القاعة حيث تحتاج للجلوس في الصفوف الأمامية نظراً لفقدان سمعها ونظرها، وهو ما قوبل بالرفض من قبل زميلاتها بحجة أنهم يدفعون الرسوم مثلها.
وقالت أنضاف، "أنا كنت دائما أحلم بتحدي السرطان وتحقيق طموحاتي وأهدافي ولكن بعد حالة التنمر أصيبت باليأس من كل شيء".
وتبين أنصاف، أنها تحتاج إلى عملية بأسرع وقت في المملكة الأردنية أو في الدول الأوروبية نظرا لصعوبة حالتها الصحية الصعبة التي تزداد سوءً كل يوم، موضحة أن الأطباء حذروها من إجراء العملية في غزة نظرًا لخطورتها، وأن نسبة نجاحها 1% ومن الاحتمالات أن تؤدي إلى إصابتها بالشلل الرباعي أو الوفاة.
لم تقتصر حالة التنمر على أنصاف، بل امتدت إلى شقيقتها، أغصان الحلبي "14 عاماً"، والتي تتعرض بشكل يومي للسخرية بسبب إصابتها بمرض الطفل الشمعي "السماك"، حيث تقول لـ "الكوفية"، إنها "تعاني من هذا المرض منذ الطفولة الذي يكون فيه الجلد خشن وبه قشور تشبه قشور الأسماك"، موضحةً أنها تعاني بشكل يومي من حالة التنمر والسخرية بسبب شكلها ولون جسدها في المدرسة والشارع.
وأضافت، أنه لا يوجد أي شخص يقدم لها أي احترام ولا يوجد مراعاة لشعورها، لافتة إلى أنه داخل الفصل في المدرسة تجلس لوحدها في آخر مقعد، والجميع ينظر إليها بنظرة غريبة، متابعةً أنها لا تستطيع تحمل كمية التنمر والسخرية التي تتعرض لها بشكل يومي حيث أنها تبكي بشدة وتحرم نفسها من الخروج بسبب التنمر الذي تتعرض له في الشارع.
وتبين أغصان أنها تحتاج إلى مرطبات لترطيب الجلد بكريمات أو مراهم أو حمامات زيت، وذلك لحبس الرطوبة داخل الجلد ويمنع تشققه، أو تقشير الجلد.
ووجهت رسالة إلى كل شخص تنمر عليها بأن هذا المرض المصابة فيه، هو ابتلاء من الله ليختبرها بأنها تستطيع الصبر على المرض وتحمله أم لا.
في السياق ذاته، قال كريم الحلبي "40 عاماً" زوج المريضة سماهر ووالد المريضتين أنصاف وأغصان، لـ"الكوفية"، إن زوجته تحتاج إلى علاجات ومستلزمات واحتياجات خاصة بها لأنه مقعدة على سرير ولا تستطيع الحركة أبداً، فأما ابنته أنصاف تحتاج الى العلاج في الخارج وخاصة بمستشفيات في الأردن أو الدول الأوروبية نظراً لخطورة عمليتها الصعبة والمعقدة كما وصفها الأطباء".
وأكد، أن ابنته أغصان المصابة بمرض الطفل الشمعي "السماك"، تحتاج إلى مرطبات لترطيب جسدها بشكل مستمر حتى لا تفقد الحياة، بالإضافة إلى فحوصات دائما، منوهاً إلى أنه لا يستطيع توفير أي شيء لها نظرا لوضعه الاقتصادي الصعب وقل إمكانياته بتوفير احتياجاتها اللازمة.
وأشار الحلبي إلى أن وجود ثلاثة مصابين في عائلته، أرهق كاهله واستنزفه اقتصادياً ومادياً خاصةً أنه لا يستطيع القدرة على معالجتهم وتوفير الاحتياجات اللازمة لهم، قائلًا، "لدرجة إني فكرت ما أعالجهم وأسلم أمري لله وأنتظر نصيبي".
ونوه إلى عدم وجود أي مؤسسة أو جمعية تدعمه في مساعدة زوجته وبناته بحجة أنه موظف في حكومة غزة، مطالباً المؤسسات والجمعيات والقائد محمد دحلان بمساعدة أسرته التي أُرهقت صحيا ومادياً وتحتاج إلى علاج على أعلى مستوى.