الانتصار المعالم الحقيقية والواقعية التي يتم الاجماع عليها من الجميع دون استثناء، ويتم تجسيدها قولاً وفعلاً بشهادة الشهود دون مجاملات أو تزوير في مجريات الحقائق والأمور، كونها نابعة من الضمير، الذي عنوانه هنا الانتماء الوطني للقضية والأرض المحتلة فلسطين.
الانكسار في الحالة الوطنية هو الفشل في منتصف المشوار، وفي ظل واقع محمل بالعواصف والرياح والغبار، الذي يملأ الجو السياسي، وتصديق تقلب المواسم السياسية من خريف إلى ربيع، الذي لا يقبله تصديقه حتى العقل الأبلة والسخيف، لأنه يقوم على التخفيف من وطأة الانكسار، وتحويله بقدرة قادر إلى انتصار.
من المفارقات السياسية العجيبة أن الواقع الذي يٌجمع عليه الجميع أنه انكسار، فيما عدا الذين عنوانهم الانتظار السخيف المدركين جيداُ أن ما يروجون إليه من بضاعة سياسية فاسدة التي تحمل من وجهة نظرهم وحدهم معنى الانتصار، ولكن للأسف الوطني أن كل ما يروجون له ما هو إلا تزوير للحقائق الواضحة التي تؤكد أنها أدنى لحظات المعركة ذلاً وهزيمة وانكسار.
تحويل النكسة إلى انتصار فن الكذب السياسي باختصار، بما يتعلق في المستجدات السياسية في عودة السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني مع الاحتلال، في ظل لقاءات المصالحة والوحدة والانتخابات، ورفض كافة الفصائل والأحزاب لعودة التنسيق الأمني، وفتح أي باب يٌعول على ما يصرح به الاحتلال من امكانية عودة العملية التفاوضية السياسية من جديد، وهو الذي بالأساس قتلها في مهدها من الوريد إلى الوريد.
المراهنة السياسية من السلطة الفلسطينية على استعادة اموال المقاصة والانفراج الاقتصادي وتغيير الواقع السياسي واختراق الأفق لحالة تفاوضية قادمة مع الاحتلال، لا تقوم على برنامج وطني واجماع وحدوي كامل متكامل من الجميع، مما سيعيد الواقع الفلسطيني برمته إلى مربع الصفر من جديد، وخالي اليدين مصفق الكفين، فلهذا يجب رفض الأكذوبة السياسية في تحويل الانكسار إلى انتصار، لأن الفرق شاسع بين الأمرين وكبير بين الحالتين.