متابعات: الطلاق من الأمور التي يبغضها الله عز وجل، كونه يؤدي إلى الفرقة والتفكك وله مشكلاته وانعكاساته وأبعاده الإجتماعية، حيث يعتبر من أقسى التجارب التي قد تخوضها المرأة العربية، وبرغم من أن الدين الإسلامي شرع الطلاق في أضيق الحدود، وفي حالة استحالة العشرة بين الزوجين، إلا أن المجتمع لم يرحم المرأة، وكأنه يحاول أن يعاقبها على ذنب لم ترتكبه ويحكم عليها بسجن أبدي داخل صفة المطلقة.
وصم "المطلقة"
نصف حالات الطلاق في فلسطين تكون في فترة الخطبة، هذا ما تُشير إليه أرقام الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
عانت الكثير من الفتيات في فلسطين من حالات الطلاق في فترة الخطوبة والتي قد يعود الأمر لأسباب تافهة، مما جعلها مجتمعيا تعاني من وصفها بـ"المطلقة"، وشعورها بالفشل كون أن مجتمعنا ينبذ الطلاق.
ومؤخرا، ولحل هذه المشكلة الاجتماعية، أصدر المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، تعميمًا قضائيًا، بشأن "المطلقة قبل الدخول والخلوة".
وينص التعميم على أنه في حال تم الاتفاق بين الفتاة وخطيبها على عدم تسجيل شهادة الطلاق في عقد الزواج، فلها ذلك، في حال عدم الدخول بها، حيث بدأ العمل بالقرار اعتبارًا من 7 مارس/آذار الحالي 2021، ويلغى كل ما يتعارض معه.
ولاقى القرار قبولا مجتمعيا كون أنه لا يعقل أن تسمى الفتاة مطلقة لمجرد أنها ارتبطت بعقد الزواج لمدة قد لا تصل إلى شهر في فترة الخطوبة، و ما الفائدة من هذا اللقب طالما أنه ليس هناك دخول أو خلوة تذكر.
التراضي شرط
وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، حسن الجوجو، إن التعميم ينص على أنه "إذا كانت المخطوبة مطلقة قبل الدخول، وقبل الخلوة، ولا تزال بكرًا، فلها عدم تسجيل أنها مطلقة في عقد الزواج، إذا تم التراضي بين الخاطبين على ذلك".
وأضاف، "يتم إرفاق شهادة الطلاق، أو صورة مصدقة عنها في ملف معاملة الزواج، وتنظيم محضر من قبل محكمة أول درجة بتراضي الخاطبين".
وأشار إلى أنها طريقة إجرائية تُراعَى فيها النفسيات لا أكثر ولا أقل، وأن الأمر يشتمل على من انطبق عليها الأمر قبل صدور التعميم.
تجارب مؤلمة
قالت الفتاة "ريم" 30 عاما، وهي أحدي ضحايا هذا النوع من الطلاق، إن مجتمعاتنا تلقي كل حمل الطلاق على ظهر المطلقة وحدها، وكأن الزوج معفًى من هذه المسؤولية تماما، فالمطلقة هي المتمردة، أو الفاشلة التي يرجع لها وعليها فشل العلاقة، والتي كان من الضروري أن تصبر أكثر، وتتحمل أكثر، وتصمت أكثر، وتُوسع مدى طاقاتها أكثر وأكثر".
وأضافت، "إلى متى ستبقى المطلقة خجلة من قرارها أو مصيرها؟".
وعبرت عن شعورها بالرضا لقرار مجلس القضاء الأعلى الجديد كون أنه ينصف الفتيات، "لأنه كلمة مطلقة معناها كبير على بنت ما شافت اشي في الدنيا".
وتعاني المطلقة مشاكل نفسية تشمل بشكل رئيس الشعور بالذنب والقلق والتوتر و الانطواء وعدم القدرة على بناء علاقة جديدة مع الجنس الأخر، ناهيك عن شعورها بأنها منبوذة في مجتمع ينظر إلى الطلاق نظرة سلبية.
رأي الشرع
من جانبه، أعرب أستاذ الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية ماهر الحولي، عن تأييده لهذا القرار لما له من آثار نفسية طيبة على المخطوبة وعلى الخاطب في المستقبل.
وأضاف في تصريحات له، أن الله سبحانه شرع الطلاق في حال تعثر الحياة بين الزوجين، إما طلاقًا بعد العقد وقبل الدخول، وإما بعد الدخول، ولكن في كلتا الحالتين تختلف حقوق الزوجين من حيث ما يجب للمرأة من المهر وما عليها من العدة.
وأوضح، أن المطلقة إذا كانت غير مدخول بها وعقدت القران وحصلت الخلوة الصحيحة فإنه يثبت لها المهر كاملاً، ويعتبر طلاقها كالمدخول بها.
وتابع الحولي "إذا كانت معقود عليها وغير مدخول بها وطلقت، فإنه يثبت لها نصف المهر المسمى ولا عدة لها، أما إذا كان طلاقاً رجعياً فإنه يراجعها في فترة العدة، وهذا الطلاق الرجعي يكون بعد الدخول فإذا راجعها فإنه يراجعها بدون عقد ولا مهر، لكن إذا انتهت فترة العدة فإنه يراجعها بعقد ومهر جديدين".
وبين أنه إذ طلقها قبل الدخول وكانت طلقة واحدة بائنة بينونة صغرى، وأراد أن يراجعها فإنه يراجعها بعقد ومهر جديد.
انخفاض حالات الطلاق
وأظهرت معطيات فلسطينية رسمية، ارتفاع حالات الزواج وانخفاض الطلاق في قطاع غزة خلال عام 2020.
وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي حسن الجوجو، إن معدل حالات الزواج ارتفع بشكل ملحوظ عام 2020، حيث سجلت ٢٠٩١٩ حالة زواج مقارنة بعام ٢٠١٩ الذي سُجلت فيه ١٧٢٧٠ حالة زواج.
وذكر أن عدد حالات الزواج زاد ٣٦٤٩ حالة بمعدل ارتفاع ٢١.١% بين العامين.
في المقابل، أشار الجوجو إلى تسجيل ٣٤٩٣ حالة طلاق ما نسبته ١٥.٦% من حالات الزواج، مؤكدا أن هناك تراجعا بين عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠، حيث بلغت نسبة الطلاق عام ٢٠١٩ نحو ١٧%.