- شهيدتان و 4 جرحى في حصيلة أولية للغارة الصهيونية على بلدة حانين جنوبي لبنان
- مدفعية الاحتلال تقصف مناطق شرق الشجاعية واشتعال النيران في الأراضي المستهدفة
متابعات: ترصد رواية ”البكَّاءة“ الصادرة حديثًا للكاتب الجزائري ”جيلالي عمراني“، التحولات العميقة خلال حقبة ثمانينيات القرن الماضي من تاريخ الجزائر.
وتوثق الرواية المظاهرات التي شهدتها البلاد، في 5 تشرين الأول/أكتوبر 1988، وما أعقبها من انفلات أمني مرير بعد تعطيل المسار الانتخابي، وما خلفته تلك الانعطافات التاريخية من مآسٍ كبيرة في البنى التحتية، والإنسان، والمدينة، وما أعقب ذلك من تشوهات نفسية عميقة وخطيرة.
وفي حديث خاص لـ“إرم نيوز“؛ قال عمراني إن“الرواية تؤكد على أن آثار الأزمة ساهمت بشكل أو بآخر في تمزق المجتمع ووصوله إلى مرحلة صعبة من التردي والتفكك. كل ذلك دون التطرق بشكل مباشر إلى أزمة العنف البحت، بل حاولت الغوص في آثار تلك الأزمة الدموية“.
وفي الرواية شخصيات مأزومة، قلقة، نزقة، عاشت بعمق فترة الأزمة المفاجئة التي هشمتها بالفعل، وقوضت أحلامها البسيطة، وفككت الأسر؛ ونلحظ من تلك الشخصيات سفيان عبد الجليل الكاتب الشاب، الحالم بتغيير العالم من خلال نصه الأول وهو يدون تفاصيل ويوميات بلدته وأبطال صنعتهم الظروف في صعود ملفت ومحير، إذ سرعان ما تصدروا المشهد.
ويتعرض المخطوط الذي يحمل عنوان ”حرائر“ للسحب من قبل جهاز أمني، ثم ينشر بعد 3 أعوام، بعنوان مختلف ”جزائر“ ليتحول إلى نسخة مشوهة بالكامل؛ انطلاقًا من العنوان وصولًا إلى المتن والمصائر، وكأن الكاتب الشبح يريد تبييض المشاهد السوداوية، وتبرير ما لا يمكن تبريره.
والغريب في الأمر ما حدث بعد ذلك من تطور في حياة المخطوط بحد ذاته، فالرواية المشوهة تنتشر بسرعة بفضل الدعاية الكبيرة غير المسبوقة للعمل، وتوزيعها بشكل لافت في سيرورة سريالية تصيب الكاتب الحقيقي بالدهشة، رغم تكذيبه ورفضه لمخطوط يحمل اسمه وصورته.
وتغمر مشاعر الحزن شخصيات المخطوط؛ ومنهم البطلة الرئيسة ”باية“ على خلفية ما جاء في السيرة من تشويه ووصف للحظات حميمية واقعية.
ويتعرض الكاتب الشاب لحملة تشويه وتكذيب ممنهجة، لينبذه المجتمع، ويوصم بالادعاء، والتسلق، واستغلال القصص الواقعية، إلى أن ينعزل تمامًا عن محيطه، ويعاني اغترابًا اجتماعيًا قاسيًا.
ويغرق سفيان في عوالمه الداخلية وتخيلاته، متوهمًا إقدام أبطال مخطوطه على محاكمته وتعذيبه كل ليلة، لينهار في النهاية ويلجأ إلى الرقاة والمشعوذين.
والشخصية الرئيسة الثانية في العمل، تتجسد في الطبيب هشام، الذي لم يسلم بدوره من العنف اللفظي والمادي نتيجة أعوام من الدم المسفوك في الجزائر، ليهرب من قصة حب ملتهبة عاشها لفترة قصيرة في المستشفى الجامعي في العاصمة، باللجوء إلى زواج سريع.
ولا يجد هشام سعادته وسلامه الداخلي في ظل تدهور حالته الاقتصادية، ليضطر إلى مغادرة العاصمة، ويؤسس عائلة في مدينة البويرة، فيسرد في جزء كبير من الرواية مشاهداته التي سماها ”الكتاب الأسود“، ليتحدث عن شخصيات محطمة من وجهة نظره؛ مثل شخصية الرينقو المجنون، وباية الزوجة.
ويسعى هشام من خلال يومياته إلى طرح سؤال جوهري، تطرحه كل الشخصيات المفككة والقلقة في الرواية؛ ”الجزائر إلى أين؟“ وهو السؤال العميق ذاته الذي طرحه الزعيم الراحل“محمد بوضياف“ في ستينيات القرن الماضي.
ويقول الكاتب بلسان أحد الأبطال ”هل تتصورين وأنا في وضعي الصحي هذا، أنني قادر على الفعل الذي يريحك ويريحنا جميعًا، وبالسرعة التي يتطلبها الموقف؟ أنت تتكلمين عن إرث ثقيل، من الهواجس والأسئلة والأوراق التي قاربت الألف باحتساب أنصاف الصفحات، وتلك التي لعبت فيها تقنية الشطب لعبتها“.
ويضيف في موطن آخر:“لم أختفِ؟ أي ذنب اقترفته؟ بدل الإجابة المستحيلة، رأيت شبح الرينفو في تلك اللحظة الجحيمية قد وصل إلى مدخل العمارة عاريًا، وفي يده كل سكاكين الحارة“.
و“البكَّاءة“ رواية واقعية عن العنف المميت، والحيرة والتفكك الاجتماعي، والاضطراب النفسي، شخصياتها مأزومة تسرد الجانب المظلم من حياتها، وهو جانب ملغز وغامض، في محاولة يائسة للبحث عن الحلقات المفقودة من العقد.
وحازت الرواية على جائزة صالون نجيب الثقافي، وهي من إصدارات دار شهرزاد للنشر والتوزيع، مصر، وتقع في 204 صفحات من القطع المتوسط.
عن الكاتب
جيلالي عمراني، كاتب جزائري يبلغ من العمر 52 عامًا، صدرت له أعمال أدبية عدة؛ هي:“المشاهد العارية“ العام 1999، ”عيون الليل“ 2005، ”المنافي؛ حكايات شامية“ 2018، و“الغسال“ 2019.