الكوفية:تمر 76 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، منذ أن قارف المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي مجازره وجرائمه بالقتل والتدمير، لتحقيق هدفه المعلن، أن تكون فلسطين خالية من شعبها.
لقد تمكنت المستعمرة من طرد وتشريد نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه عام 1948، بشكل رئيسي إلى مخيمات اللجوء في لبنان وسوريا والأردن، ووفق الإحصاءات بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين أكثر من سبعة ملايين نسمة.
اللاجئون الفلسطينيون هم الذين فجروا الثورة مع ولادة منظمة التحرير قبل عام 1967، وتواصلوا لأن تكون أداة الثورة وحاضنتها، وخاضوا معركة استعادة هويتهم الوطنية، وحق التمثيل، وبناء المؤسسات الفلسطينية الموحدة تعبيراً عن تمثيلهم، عبر مؤسسات منظمة التحرير، وخاصة المجلس الوطني الفلسطيني، وما انبثق عنه من مؤسسات ودوائر، وقيام مؤسسات جماهيرية مدنية من أصحاب المهنة الواحدة: اتحاد الكتاب والصحفيين، المهندسين، المعلمين، الحقوقيين، ونالوا عضوية الاتحادات المهنية العربية، التي لعبت دوراً في تسويق وتوضيح عدالة قضيتهم أمام المؤسسات الدولية المماثلة.
التحولات الإيجابية لصالح القضية الفلسطينية، وانتقال فعل النضال الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، على خلفية وأرضية الانتفاضة الأولى عام 1987، ونتائجها السياسية، وفرت الإمكانية للرئيس الراحل ياسر عرفات، اعتماداً على مفاوضات واتفاق أوسلو 1993، نقل الموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، وبات العنوان الأهم والأكثر واقعية هو التخلص من الاحتلال في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، وقيام الدولة الفلسطينية على مناطق القدس والضفة والقطاع، ولكن فشل مفاوضات كامب ديفيد بين الرئيس أبو عمار ورئيس وزراء حكومة المستعمرة يهود براك برعاية الرئيس كلينتون في شهر تموز 2000، على خلفية، قضية القدس، وقضية اللاجئين، أعاد الموضوع الفلسطيني إلى أساسه في الخلاف الجوهري حول قضية اللاجئين وحق العودة، وبقي الوضع على ما هو عليه، رغم الانتفاضة الثانية عام 2000، التي أرغمت شارون على الرحيل من قطاع غزة بعد تفكيك المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال من القطاع.
بعد فشل مشروع السلطة في رام الله وتقليص مساحاتها وحدودها وصلاحياتها، وإعادة احتلال المدن التي سبق وانحسر عنها الاحتلال، وبعد معركة 7 أكتوبر وتداعياتها، وتطرف حكومة المستعمرة، وتمسكها المعلن بأن القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة، وأن الضفة الفلسطينية ليست فلسطينية، وليست عربية، وليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة أي جزء من خارطة المستعمرة الإسرائيلية، فإن حصيلة هذه التطورات، أعادت الموضوع الفلسطيني إلى أصله وفصله، وأن الصراع بين المشروعين: الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وأن الصراع لا يقتصر على الأراضي المحتلة عام 1967، بل على كامل خارطة فلسطين، ولهذا أطلق نتنياهو تعبيره قبل أيام قليلة بأن الصراع هو "صراع وجود" وهو كذلك، وليس صراعاً على حدود المشروعين، بل على مكانة ووجود شرعية أحدهما على حساب الآخر.
تبقى قضية اللاجئين قضية نصف الشعب الفلسطيني، وله حق العودة وفق القرار الأممي 194 الصادر يوم 11 كانون أول/ ديسمبر عام 1948، الذي يتضمن حق اللاجئين في العودة إلى المدن والقرى التي طُردوا منها، إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وطبريا وبيسان وبئر السبع، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.